ترك برس

وثّق الباحث في مركز الدراسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية سيتا فيصل كورت محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت ليل الجمعة 15 تموز/ يوليو الجاري بصيغة السؤال والجواب. وكان التقرير في 3 أسئلة.

كيف يمكن توصيف محاولة الانقلاب التي حدثت في 15 تموز ولماذا حاولت منظمة غولن القيام بتلك المحاولة؟

يقول كورت: "ما حدث يوم 15 تموز هو محاولة مجموعة متمردة منظمة داخل قوات الجيش التركي، للانقضاض على الديمقراطية السياسية والحقوق الاجتماعية للمواطنين الأتراك، مستخدمةً أساليب إرهابية خطيرة جعلت محاولتهم فريدة مقارنة بعمليات الانقلاب السابقة، إذ أن محاولة اغتيال الرئيس وقصف المقرات الحكومية لم ترد في أي من صفحات تاريخ الانقلابات الدموية في تركيا."

ورأى كورت أن رفض رئيس هيئة الأركان توقيع مرسوم الانقلاب رغم تهديده بالموت وتعرضه للتعذيب الجسدي، لعب دورًا مفصليًا في إحباط محاولة الانقلاب التي بقيت محصورة بمجموعة إرهابية غير معترف بها من قبل أي مؤسسة أو شخصية قيادية في تركيا.

وإلى جانب سعي الانقلابيين لإنجاح محاولة الانقلاب حسب التراتبية العسكرية، فإنهم حاولوا حسب كورت فرض سيطرتهم على كافة أنحاء تركيا، ولو حصلوا على توقيع التراتبية العسكرية وتمكنوا من فرض سيطرتهم على كافة أنحاء تركيا لكنا نتحدث الآن عن دولة يحكمها العسكر.

كان قطع الطرق الرئيسية وإطلاق النار في بعض الميادين وقراءة بيان الانقلاب عبر قناة الدولة الرئيسية أهم شواهد محاولة الانقلاب الفاشلة حسب كورت، ولكن التفكير القديم جدًا للانقلابيين أدى إلى فشلهم، إذ أغفلوا أهمية تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وتعدد قنوات الإعلام على الجماهير وحشدهم.

وأشار الباحث التركي إلى أن إظهار المنظمة وجهها الإرهابي الحقيقي للشعب التركي والعالم بأسره شكل المسمار الأخير في نعشها، موضحًا أن هيكل الكيان الموازي هو كيان نشط منذ سبعينيات القرن الماضي لكن نشاطه زاد في السنوات الثلاث الأخيرة، بغية السيطرة على أركان ومؤسسات الدولة بأي وسيلة ممكنة، فكان تارة يدعم الإرهابيين والحزب السياسي المتحدث باسمهم وتارة أخرى يفعّل بروباغندا عالمية سوداء ضد تركيا وحكومتها الديمقراطية، وعندما أخفق في تحقيق مآربه عبر الوسائل المذكورة، اتجهت لتفعيل اللوبي التابع له والمتغلغل داخل الجيش، وحرّكه ليشرع بانقلاب عسكري يودي لترسيخ سيطرته على تركيا.

ما هي أسباب فشل محاولة الانقلاب؟

وفقًا لكورت فإن هناك أربع أسباب رئيسية لفشل الانقلاب في تركيا وهي:

ـ الإرادة الشعبية التي ظهرت من خلال التدفق الهائل للجماهير نحو الميادين والمراكز، وما أظهروه من شجاعة أمام آلة السلاح الانقلابية.

ـ شجاعة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان وسرعة بداهته: حيث حرك من خلف الستار الشرطة والاستخبارات والقوات الخاصة ضد الإرهاب، وخرج بشجاعة أمام وسائل الإعلام داعيًا الشعب بكلمات منتقاة للنزول نحو الميادين، وتحمله لمسؤولية الخطر المحيط به في القدوم من مرماريس إلى إسطنبول، بالرغم من تحذير كافة الجهات المسؤولة له.

ـ عزم وإرادة الحكومة التي أظهرت ذلك عبر حديث رئيس الوزراء المتكرر لوسائل الإعلام وعبر شجاعة النواب والوزراء في الذهاب إلى المجلس وإعلان عدم شرعية الانقلاب من تحت القبة الشرعية الجامعة لكافة وجهات نظر الشعب التركي.

ـ بسالة قوات الأمن والشرطة والاستخبارات والقوات الخاصة وبعض وحدات الجيش في الدفاع عن مكتسبات الشعب الديمقراطية.

هل انتهت محاولة الانقلاب بشكل كامل، أم لم تنتهي بعد بدليل وجود الكثير من الناس في الميادين حتى الآن؟

أجاب كورت على السؤال بالإشارة إلى أن التاريخ القريب يكشف النقاب عن نجاح العديد من الانقلابات في الجولة الثانية وليست الأولى، منوّهًا إلى أن الانقلاب على حكومة محمد مصدق في إيران عام 1953، لم ينجح إلا بعد أيام، لا سيما بعد اقتناع الجماهير ببقائه على سدة الحكم، ولكن ما إن انسحبوا من الشوارع والميادين، حتى انقضت القوات المنقلبة على مصدق ونفته خارج البلاد، مضيفًا أن المذكرة العسكرية التي صدرت في تركيا بتاريخ 9 آذار/ مارس 1971، ولم تنجح بسبب غضب الجماهير، انتظرت هدوء غضبهم، وتمت بعد ذلك بثلاثة أيام.

يختتم كورت الإجابة على سؤاله بالقول "بوادر محاولة الانقلاب في تركيا انتهت، ولكن يجب على الجماهير الاستمرار في الاحتشاد، حتى لا تسنح الفرصة للمتربصين بإعادة كرتهم الانقلابية، وحتى تنتهي الحكومة التركية من عملة التطهير بالكامل."

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!