جلال سلمي - خاص ترك برس
كان الجميع من خبراء وسياسيين واقتصاديين ومتابعين عاديين في انتظار قرارات اجتماع مجلس الأمن القومي التركي في 20 تموز/ يوليو الجاري، لتقييم الحالة الأمنية في تركيا عقب محاولة الانقلاب الفاشلة بقلق خاصة بعد انتشار الأنباء التي أكّدت على أن الاجتماع سيتمخض عنه إعلان حالة الطوارئ في تركيا.
وبالفعل أصدر مجلس الأمن القومي التركي قرارًا ينص على إعلان حالة الطوارئ في تركيا لثلاث شهور، ولم تمض دقائق على إعلان القرار، حتى تغير سعر الليرة التركية وظهرت حالة انخفاض سلبي في بورصة إسطنبول وتأثرت حركة ميزان المدفوعات الخاص بتركيا بشكل سلبي.
وعلق الباحث الاقتصادي أحمد الأستاذ على قرار إعلان حالة الطوارئ لترك برس بالإشارة إلى أن الدولار صعد أمام الليرة التركية بنسبة 1.85% بعد دقائق معدودة من إعلان حالة الطوارئ لمدة 3 شهور، وذلك على الرغم من عدم عمل البورصة التركية في الساعات المتأخرة التي تزامنت مع إعلان القرار، مردفًا بأن قلق المستثمر والإشاعات السلبية يشكلان عاملان أساسيان في تصوير قرار الطوارئ على أنه يأخذ تركيا نحو حالة فوضى سياسية مرعبة، مما يؤدي إلى انسحاب الأموال الساخنة المتعلقة بسعر الصرف والاستثمارات الورقية السهمية.
تأكيد وزراء الحكومة على أن حالة الطوارئ ستنحصر فقط ضمن نطاق ضيق جدًا في الجانب السياسي الداخلي، لتمكين الحكومة من تطهير الدولة من عناصر غولن المتغلغلة، وأن ضمانات الحكومة الاستثمارية وإصلاحاتها الاقتصادية الهيكلية ومحاولات توطيد علاقاتها السياسية والاقتصادية مع كافة الدول مستمرة، ساهم في إيقاف انخفاض سعر الليرة أمام الدولار بعض الشيء، كما أن قرار المملكة العربية السعودية باستثمار ما يقارب 550 مليون دولار في تركيا خلال الخمس والأربعين يومًا القادمين، شكل بريق أمل لعودة البورصة التركية إلى الحفاظ على استقرارها الذي شهد هزة خفيفة بعد القرار.
انخفضت وتيرة انخفاض سعر الليرة أمام الدولار، نتيجة التطمينات الحكومية ضد الإشاعات والقرار السعودي، بحوالي 1.25%، إذ وقفت حدة تدهور الليرة أمام الدولار على 0.60% في تمام الساعة الواحدة من يوم الأربعاء 21 تموز، مع وجود توقعات لانخفاضها بشكل أكبر في الساعات القادمة.
حالة عدم الاستقرار السياسي لا تؤدي إلى تدهور حاد في البورصة وميزان العرض والطلب على العملة المحلية، إلا إذا واكبها عدة عوامل أخرى مثل نقص الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة، وتوقف الطلب على العملة الأجنبية نتيجة حركة السياحة وعمليات التصدير وغيرها من العوامل الأخرى، وحدوث نقص ملموس في المخزون المالي للبنوك وبالتالي ارتفاع سعر الفائدة والكثير من العوامل التي لا يمكن لحالة عدم الاستقرار السياسي بدونها أن تؤثر على التطورات الاقتصادية.
إذا كانت الدولة تعاني من أزمة اقتصادية قبل حالة عدم الاستقرار السياسي، فإن تحول تلك الخنقة إلى أزمة أمر حتمي، ولكن في حال كان الوضع الاقتصادي محاطًا بنمو ضخم مرتكز على دعائم اقتصادية قوية، فإن التأثير يكون جزئيًا وليس جذريًا.
ما تشهده تركيا اليوم هو تأثير جزئي جدًا لا يمكن تقييمه سوى على أنه ردة فعل مؤقتة ناتجة عن صدمة داخلية طفيفة تسببت في قلق مستثمر المال الساخن، وعن الخطوات التي يُرتقب أن تتخذها تركيا لتلافي ردة الفعل المؤقتة، يمكن اقتراح التالي:
ـ تعجيل حركة المصالحة مع روسيا وبعض دول الخليج وغيرها من الدول التي يوجد بينها وبين تركيا نوع من الخصومة السياسية، ولا ريب في أن حركة المصالحة المنشودة ستعود على تركيا بحركة تجارة وسياحة واستثمارات غير مباشرة ستشكل جزءًا هامًا في تعويضها للخسارة الجزئية التي ظهرت للسطح جراء إعلان حالة الطوارئ.
ـ تكثيف دعايات السياحة والتجارة: لا شك في أن التسويق يشكل الذراع الأهم في الاقتصاد، إذ بدونه لا يمكن تحقيق تجارة رابحة بدون الوصول إلى قعر دار الزبون المستهدف، لذا ستحاول تركيا تضخيم دعايات السياحية والتجارية في الفترة المقبلة.
ـ رفع قيمة الضمانات الحكومية خاصة تلك المتعلقة بسعر الفائدة الخاصة بسعر الأوراق الاستثمارية.
ـ إجراء إصلاحات تشريعية قانونية تتضمن المزيد من التسهيلات للمستثمرين المباشرين والغير مباشرين.
ـ تخفيض حجم الضرائب الجمركية على العملة الصعبة.
وغيرها الكثير من السياسات الاقتصادية التي يمكن لتركيا اتخاذها، بسهولة، لتغطية الاختلال البسيط الذي طرأ على بعض المؤشرات الاقتصادية عقب إعلان حالة الطوارئ.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس