ترك برس

عاش العم شيناسي وزوجته العمة زهرة في باريس 35 عامًا مارس خلالها مهنة الخياطة، وعاد بعد أن كبر في السنّ إلى مسقط رأسه بولدان إحدى نواحي مدينة دنيزلي جنوب غربي تركيا.

بلغ مجموع ما أنفقه العم شيناسي على مشاريع الخير في قريته حتى الآن حوالي 150 ألف ليرة "30 ألف دولار"، وبفضل هذه النفقات أصبح لقرية "ساريماه موتلو" بئر مياه وفّر على سكانها الكثير من العناء، بعدما كانوا يعانون من قطع شبه مستمر للمياه، وبفضل نظام إنتاج الكهرباء الشمسي ودّعت القرية مشكلة انقطاع التيار الكهربائي عنها إلى غير رجعة.

زار الصحفي غوراي أرفين من موقع الجزيرة ترك قرية العم شيناسي وتحدث مع سكان القرية ومع العم ليكتب عن شخصيته وأعماله التي ذاع صيتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل ملحوظ، وفي تقريره "ليحيا العم شيناسي آلاف السنوات" نقل العبارة الأكثر تعبيرًا من حديث العم شيناسي عن مشاريعه: "لا توجد حياة في المكان الذي ليس به مياه. المياه هي أجمل نعمة منّ الله بها علينا. يمكنك أن تعيش بدون خبز ولكن من المستحيل أن تعيش بدون مياه. قررت مع زوجتي أن نوفر المياه للقرية، لأننا رأينا أن المياه هي أهم عنصر في الحياة، وأنفقنا الكثير لأن الخير من أسمى الأعمال التي يمكن أن يقوم بها الفرد."

وعن محطات حياته، يقول العم شيناسي إن "هدفي من الذهاب إلى باريس، كان البقاء هناك لثلاث أو خمس سنوات ومن ثم العودة إلى تركيا بمبلغ من المال، ولكني ذهبت وزوجتي وعملت في الخياطة لأبقى هناك لمدة 35 عامًا."

عاد العم شيناسي إلى تركيا قبل عامين، وعاش لبعض الوقت في إزمير، وقرر بعد ذلك مع زوجته العودة إلى قريته. يقول شيناسي: "مع وصولنا إلى القرية، وجدنا أن حالها سيء تمامًا كما تركناها. رأيت أن الركون إلى مؤسسات الدولة لن يفي بالغرض، فتشاورت مع زوجتي، واتفقنا على إنفاق ما نملك على القرية التي بها ولدنا ونشأنا."

كان سكان القرية يتزودون بالمياه من القرى الأخرى. وقد ساهمت جهود العم شيناسي في تمكين القرية من الحصول على بئر مياه قريب من القرية، وأقرت وزارة الصحة بصلاحية مياه البئر للشرب.

يعتب شيناسي على السلطات الرسمية، ويشير إلى أن المياه كانت على عمق 90 مترًا فقط، وهذا العمق ليس بالكثير، مضيفًا: "إننا مع لومنا للسلطات الرسمية، فإننا نخاطب الجميع حول العالم، بأن يعملوا على تأمين الخدمات دون الاعتماد الكامل على الدولة".

لم يكتفِ شيناسي بحفر البئر فقد قرر هو وزوجته تزويد القرية الكهرباء عن طريق الطاقة الشمسية، يقول شيناسي إن البئر وُجد على بعد 6 كم من القرية، ولذلك أصبحت هناك حاجة ملحة لنقل المياه إلى القرية.

يُساهم مشروع العم شيناسي المُتكامل الآن في تزويد القرية بمياه الشرب ومياه الاستعمالات الأخرى، وإلى جانب ذلك، فإن القرية تحصل اليوم على كمية كبيرة من الطاقة الكهربائية بفضل النظام الكهربائي الشمسي.

تقول العروس سونجول غونار إحدى سكان القرية: "كُنّا نذهب سيرًا على الأقدام أو بواسطة الحيوانات إلى القرى المجاورة لكي نُحضر المياه ونأتي بها إلى بيوتنا. كان الأمر شاقًا جدًا ولا يطاق في بعض الأحيان، ولكن الآن المياه تأتي إلى بيوتنا، جزا الله الفاعل خير الجزاء، وما أتمناه هو أن يعرف الجميع، خاصة أهل المدن، قيمة المياه."

أما مختار القرية مظفر جان فيقول: "نشعر اليوم براحة شديدة بعد شعورنا بالعناء لسنوات طويلة. لا نجد ما نقوله للعم شناسي. بعد أن كنا نذهب للقرى المجاورة للتزود بالمياه، أصبحت الآن القرى المجاورة تأتي للتزود بالمياه من عندنا".

العم شنياسي وغيره الكثير ممّن يُثبتون قول النبي ﷺ "الخير في وفي أمتي إلى يوم الدين". كما أن هذه الشخصيات تبقى أمثلة نموذجية يُحتذى بها في عمل الخيرات لصالح الأهل والوطن.

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!