ترك برس

في يوم الجمعة الماضي وخلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيره الإيراني أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو أن بلاده ترغب في تقوية التبادل التجاري مع إيران، ورفعه إلى 30 مليار دولار، وتسعى لمضاعفة الاستثمارات المشتركة في مجال الطاقة والسياحة، وشراء مزيد من الغاز الطبيعي من إيران.

التعاون التجاري المتزايد بين تركيا وإيران منذ رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران في العام الماضي ولا سيما في مجال الطاقة، حظي باهتمام الصحف الإسرائيلية، لما لذلك من تأثير على أي صفقات مستقبلية بين تركيا وإسرائيل لشراء الغاز من حقل لفيتان. فنشرت صحيفة كالكاليست تقريرين يوم الاثنين الماضي، أحدهما بعنوان تركيا تسعى لزيادة حجم التجارة مع إيران، والثاني تحت عنوان إيران لن تقضي على حقل لفيتان.

وركز التقرير الأول على أوجه التعاون بين البلدين خاصة في قطاع السياحة والطاقة قائلا إن ذروة التقارب بين البلدين هو في مجال تصدير الغاز الطبيعي الإيراني، وأن رغبة أنقرة في حل الخلافات مع طهران وزيادة واردتها من الغاز الإيراني، هو جزء من خطتها لتنويع مصادر استيراد الغاز بدلا من الاعتماد على دولة واحدة.

لكن التقرير الثاني كشف بوضوح رغم عنوانه عن قلق إسرائيلي من أن يؤدي زيادة صادرات تركيا من الغاز الإيراني إلى قتل الطموح الإسرائيلي بعقد صفقات ضخمة لبيع الغاز من حقل لفيتان إلى تركيا واستغلال قيمة الصفقة في تطوير الحقل.

وافتتح ليؤور جوطمان التقرير بقوله إن دفء العلاقات بين تركيا وإيران لا يجب ألا يطير النوم من أعين صناعة الغاز المحلي الإسرائيلي، لأن استهلاك السوق التركي من الضخامة بمكان إلى حد أنه يمكن أن يستوعب بسهولة الصادرات الإسرائيلية والصادرات الإيرانية.

وأضاف جوطمان أن تركيا ستصادق رسميا في الشهر المقبل على اتفاق المصالحة مع إسرائيل، وهذا الاتفاق من شأنه أن يخدم قطاع الطاقة الإسرائيلي، حيث يحمل وعودا ببيع الغاز الطبيعي من حقل لفيتان إلى عملاء أتراك ومن منطقة البلقان.

لكن الجميع لا ينظرون إلى هذه المسألة بنفس نظرة إسرائيل، فهناك من يرفضون الجلوس مكتوفي الأيدى وهم من يزودون تركيا في الوقت الحالي بالطاقة، بدءا من روسيا ونهاية بإيران، لأن قيمة أي عقد لمدة 15 عاما تقدر بمليارات الدولارات.

ولفت الكاتب إلى أن الوعود التي أغرقت إيران بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها لم تتحقق بعد  وبالنسبة لها فإن عقدا جديدا للغاز يعني تدفق الأكسجين إلى السوق المحلية بعد سنوات من التقشف.

وعلى الرغم من أن الكاتب رأى أن العقد المبرم بين أنقرة وطهران ليس بالضرورة أن يلغي احتمال تصدير الغاز من لفيتان إلى تركيا وجيرانها مستقبلا، فإنه عاد وأكد أن تطوير حقول الغاز الكبيرة في المياه العميقة هو مشروع معقد يتطلب تمويلا كبيرا، وتنفيذه ليس بالأمر السهل في عالم انهارت فيه أسعار الغاز.

واستند جوطمان في تحليله لعدم التعارض بين الصفقة الإيرانية والصفقة الإسرائيلية إلى  الاحتياج الضخم للسوق التركي وانخفاض سعر الغاز الإسرائيلي المسال مقارنة بالسعر الإيراني، وإلى حاجة تركيا إلى عقد تحالفات سياسية من وراء صفقات اقتصادية. ومع ذلك فقد خلص إلى أن في حال لم يوقع عقد لتصدير الغاز لتركيا، فلا يمكن الحديث عة خسارة صفقة مضمونة.

وفي الاتجاه نفسه واصل المحلل الاقتصادي إيريز تسادوق انتقاده لخطة الحكومة الإسرائيلية لتطوير حقل لفيتان اعتمادا على تصدير كميات ضخمة منه إلى تركيا. وكتب تسادوق مقالا في صحيفة ذا ماركر، قال فيه إن تركيا تستورد 20% من الغاز من إيران بعقود طويلة الأجل، ولا تستطيع اليوم خفض الكميات بل على العكس تحدث الرئيس أردوغان مع الوزير الإيراني عن زيادة الكمية.

وتساءل تسادوق إذا كانت تركيا تزيد واردتها من روسيا، ناهيك عن إيران، ولديها احتياطيات ضخمة للاستهلاك المحلي المتوقع، فأين تدخل إسرائيل؟

وأضاف وبالإضافة إلى إيران وروسيا دعونا لا ننسى أن تركيا تستورد الغاز الطبيعي من أذربيجان، والغاز المسال من الجزائر ونيجريا ودول أخرى ترتبط معها تركيا بعلاقات معقدة ومصالح سياسية  بينما تأتي روسيا بالطبع على رأس المصالح السياسية والاقتصادية.

وسخر المحلل الإسرائيلي من الآمال الإسرائيلية المعقودة على تركيا لشراء الغاز، وقال إن الوضع التركي يذكرني بالمستثمر الذي يرغب في توزيع ملف استثماراته 50% للاسهم، و50% للسندات، و50% نقدا وهذا هو وضع تركيا اليوم، فهناك كثير من موردي الغاز، وفائض من الغاز المستورد.

وخلص تسادوق إلى أن تركيا لن تقوم بتمويل إنشاء خط الأنابيب بينها وبين إسرائيل، ولن تستورد الغاز من إسرائيل، ولذلك فإن عليها أن تبحث عن وجهة جديدة لتطوير حقل لفيتان بدلا من الاعتماد على تركيا. 

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!