متين غورجان - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس
في هذا الأسبوع اجتاز الجيش التركي الحدود السورية وهو يضع مدينة جرابلس نصب عينية، بينما ينتظر المراقبون معرفة التداعيات المحتملة لذلك بين أنقرة والأكراد.
من الواضح أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان يستهدف الأكراد، وقد أقر هو بذلك علانية، على الرغم من أنه يقول إنه يطارد تنظيم الدولة (داعش).
في الرابع والعشرين من أغسطس/ آب وفي الساعة الرابعة صباحا بالتوقيت المحلي اخترقت الطائرات التركية المجال الجوي السوري، وبدأت تقصف أهدافا لتنظيم داعش في منطقة جرابلس، وفي الساعة السادسة بدأ قرابة 1500 مقاتل من الجيش السوري الحر تجمعوا في منطقة كاركاميش التركية عبور الحدود في عملية أطلق عليها درع الفرات.
يسيطر الأكراد على ثلاث مناطق متفرقة في شمالي سوريا على الحدود التركية. وتخشى أنقرة من أنه إذا تمكن الأكراد من السيطرة على الجانب الغربي من نهر الفرات، فسيكونون قادرين على ربط هذه المناطق وتوحيد المناطق الواقعة جنوب الحدود التركية، وطلبت تركيا من الأكراد الانسحاب إلى شرقي نهر الفرات.
جاء أقوى رد فعل على عملية درع الفرات من جانب صالح مسلم زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (البي واي دي)، فقد حذر في تغريدة له على موقع تويتر من أن "تركيا ستخسر الكثير في المستنقع السوري". لكن رد أنقرة على تغريدة مسلم كان أشد قسوة، فقال الرئيس أردوغان "بعض الناس يتحدانا، ويقول لنا ما الذي سيحدث لتركيا في سوريا. عليك أن تفكر أولا فيما سيحدث لك."
وقال وزير الخارجية التركي، مولود شاوش أوغلو، "هدفنا أن نطرد داعش من حدودنا، لكن حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب الكردي وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" يجب أن تنسحب إلى شرق نهر الفرات فورا. وإن لم يحدث ذلك، فإن تركيا ستفعل ما هو ضروري."
وفي صباح يوم 25 أغسطس أكد المتحدث باسم البي واي دي، ريدور خليل اعتقاده بأن العملية التركية ليست موجهة ضد داعش بل ضد الأكراد. وأعلن أنهم لن ينسحبوا من غرب الفرات، وليس بمقدور أحد إجبارهم على ذلك. وقال خليل في حديث لإذاعة صوت أمريكا "لا أحد يستطيع أن يطلب منا أن ننسحب من أرضنا."
هذه الملاحظات تشير إلى احتمال وقوع أول مواجهة في شمال سوريا بين أنقرة وحزب الاتحاد الديمقراطي.
سجلت دمشق رد فعل ضعيف للعملية، واشتكت من انتهاك تركيا لسيادتها. وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا أعربت فيه عن قلقها إزاء التطورات.
استمرت التعزيزات التركية إلى سوريا. ففي الساعة العاشرة من صباح يوم 25 أغسطس عبرت عشر دبابات وكثير من المعدات الهندسية الثقيلة الحدود السورية في اتجاه جرابلس. وانتشرت تعزيزات لوحدات الجيش التركي على الحدود، مع وصول تعزيزات من مناطق أخرى من البلاد، ما يشير إلى أن أنقرة مصممة على مواصلة العملية.
التطور الأهم جاء من جنوبي مدينة جرابلس، حيث قال مسؤول المجلس العسكري في وحدات حماية الشعب الكردي إن 3 كيلو مترات فقط تفصل بينهم وبين الجيش السوري الحر الذي دخل جرابلس . وقال مسؤولون إن وحدات حماية الشعب لن تسمح للجيش الحر بالتنقل أبعد من الجنوب. وتحدثت مصادر محلية عن حدوث تبادل لإطلاق قذائف الهاون بين الجيش السوري الحر ووحدات حماية الشعب.
وقالت مصادر في أنقرة للمونيتور، اشترطت عد ذكر اسمها، إن داعش انسحب من جرابلس منذ أسبوعين، وإن وحدات حماية الشعب الكردي كانت تستعد للتحرك شمالا للاستيلاء عليها، لكن أنقرة استبقت هذه الخطوة بعملية درع الفرات، وجاء تحرك أنقرة للتأكيد على أن الهدف الحقيقي للعملية هم منع سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية على شمال سوريا.
وقالت المصادر نفسها إن الوجود المكثف لقوات المدرعات والوحدات الهندسية على طول الحدود يمكن أن يكون إشارة إلى نية أنقرة إقامة قاعدة دائمة في جرابلس على غرار قاعدة بعشيقة قرب الموصل في العراق. وبطبيعة الحال فإن ردود فعل دمشق وموسكو وواشنطون على هذه الخطة سيكون مهما. ومهما يكن من أمر فمع استمرار عملية درع الفرات أحدثت أنقرة للمرة الأولى منذ عامين تغييرا في سوريا، وهذا هو السبب في أن أكثر التعليقات انتشار في تركيا في هذه الأيام " وأخيرا عادت تركيا إلى اللعبة في سوريا" .
على أن الأسئلة الحاسمة هنا هي: هل حصلت أنقرة على خطة طريق بمباركة واشنطون وموسكو؟ هل أبلغت أنقرة دمشق بخططها؟ أم أن أنقرة ستتصرف وفقا للتطورات الميدانية وردود أفعال اللاعبين الآخرين ولاسيما حزب الاتحاد الديمقراطي ؟ هذه هي الأسئلة المهمة وذلك لأن رد فعل أنقرة المحتمل على أي اشتباك مع الوحدات الكردية والاتحاد الديمقراطي قد يعني التوسع بسهولة وراء جرابلس نحو خط الراي- إعزاز لمنع الوحدات الكردية من الوصول إلى عفرين ولتغيير كل المعادلات في سوريا.
وتقول مصادر أنقرة إن موقف حزب الاتحاد الديمقراطي سيكون مهما وخاصة في الوقت الراهن. ولفت أحد المصادر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أهمية قرار الاتحاد الديمقراطي بالانسحاب إلى شرق نهر الفرات، وأضاف " سنرى ما إذا كان حزب الاتحاد الديمقراطي سيتقيد بحدود التنسيق الأمريكي مع تركيا أم سيواصل السعي لتحقيق أهدافه الخاصة. وتريد الولايات المتحدة من الاتحاد الديمقراطي التركيز على عملية تحرير الرقة. وقال المصدر إذا رأينا الاتحاد الديمقراطي ينسحب إلى شرق الفرات، ويركز على منطقة الرقة، فسنفهم أنه قرر ما تريده تركيا.
العيون الآن موجهة نحو جنوبي جرابلس في انتظار رد فعل الوحدات الكردية في ميدان القتال، وحزب الاتحاد الديمقراطي في الساحة السياسية حول الانسحاب إلى شرقي نهر الفرات. ذكرت صحيفة واشنطون بوست صباح ال25 من أغسطس أن بعض الوحدات الكردية وليس كلها قد انسحبت. أدى التوتر السياسي بين أنقرة والاتحاد الديمقراطي إلى احتكاك لأول مرة بين وحدات حماية الشعب والجيش التركي. وسنراقب جميعا بقلق كيف ستتصرف الأطراف في إدارة الأزمة على الأرض المشتعلة بالفعل.
لعملية درع الفرات أهمية رمزية لتركيا، فهي تقدم الفرصة لاستعادة هيبة القوات المسلحة التركية التي تلوثت بشدة في محاولة الانقلاب الساقط في ال15 من يوليو. وما من شك في أن إصلاح هذه الصورة سيسهم في رفع ثقة الجيش التركي وروحه المعنوية وتلاحمه مع المواطنين.
وفيما يلي استعراض جزئي للقوات والمعدات المستخدمة في درع الفرات:
تستخدم تركيا في العمليات الجوية، وبالإضافة إلى طائرات إف16 إس، طائرات بايراكتار بدون طيار التي طورتها أخيرا، وأطلقت الدبابات من طراز إيه عشرة الأمريكية الصنع 244 قنبلة مارك 48 على 63 هدفا لداعش جنوبي جرابلس.
أما العمليات البرية فينفذها مقاتلو الجيش السوري الحر الذين يتوقع أن يصل عددهم إلى 5000 مقاتل قد ينضم إليهم عشرات من الجماعات المسلحة مثل حركة أحرار الشام.
وهناك كتيبة مدرعات تركية تضم قرابة 25 دبابة من طراز إم60 ، وكتيبة مشاة ميكانيكية مزودة بناقلات جنود مدرعة تحمل 300 جندي لحماية الكتيبة المدرعة وتقديم الدعم الناري للجيش السوري الحر. ومن المرجح أن قاعدة الجيش التركي في مدينة كيليس القريبة تنسق الدعم الجوي وعمليات الإخلاء الطبي مع وحدات الجيش السوري الحر.
وهناك لواء مدرع احتياطي بالقرب من مدينة كاركاميش، في حين لاتزال هناك تعزيزات من دبابات ومدرعات تصل من أنحاء أخرى من البلاد، في إشارة إلى أن أنقرة تدرك إمكانية توسيع العملية اعتمادا على التطورات.
وقد وصلت وحدات الجيش السوري الحر المدعومة بطائرات إف16 التركية إلى قرية كيكليجيه كيفرجيليك ، على مسافة حوالي 7 كيلومتر غربي جرابلس بعد دخول وحدات الاستطلاع المدينة . وبلغت خسائر الجيش الحر في يوم واحد قتيلا واحد وعشرين جريحا في انفجار قنبلة زرعت على جانب الطريق . وذكرت وسائل الإعلام أن اليوم الأول من العمليات بما في ذلك الهجمات الجوية شهد قتل 100 مقاتل من تنظيم داعش. وبحسب ما ظهر من منشورات مقاتلي الجيش السوري الحر على وسائل التواصل الاجتماعي كان اليوم الأول من عملياتهم جولة ريفية دون مقاومة من داعش. وبدت مدينة جرابلس وكأنها مدينة أشباح مع غياب السكان.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس