الدكتور فاتح إرباش – صحيفة يني شفق – ترجمة وتحرير ترك برس
في البداية أود ان أوجه سؤالي لمن يقول إن تنظيم فتح الله غولن لم يكن هو المخطط والمدبر للانقلاب: "لماذا يركضون ويهرولون مسرعين من أجل انقلاب في تركيا؟".
تخلخلت المنظومة الأوروبية عندما قررت بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، وكان ذلك عندما علمت يقينا بأن بقاءها في الاتحاد سيؤدي إلى مواجهة مع الاقتصاد الألماني الذي سيلتهمها، فقررت الانسحاب والانضمام إلى المحور الاقتصادي الأمريكي الذي ما زال ثابتا على معدل إنتاجه السنوي بـ17 ترليون من أصل 70 ترليون لمعدل الإنتاج العالمي السنوي، وبينما أظهرت أوروبا تراجعا في هذا المعدل، رفعت الصين من أسهمها عاليا بزيادة إنتاجها لـ10 ترليون في المرتبة الثانية، بينما حصلت ألمانيا على المرتبة الثالثة ثم تبعتها اليابان.
مناورات الغرب
ما زال الغرب يعاني من تراجع مستمر على المستويين السياسي والاقتصادي، ففي الوقت الذي نرى فيه روسيا ما زالت تنتعش وتعتدي على مناطق شرق أوروبا في أوكرانيا والبحر الأسود وجورجيا، ومع تردي الحضور الأوروبي في مناطق الشرق الأوسط؛ عادت تلك الدول لمناوراتها القديمة باستخدام عملائها من أمثال تنظيم فتح الله غولن وعتاة الحكام المسلمين الذين سلّطوا بسيوفهم على رقاب شعوبهم المغلوبة على امرها كالشعب المصري وانقلابهم على شرعية مرسي. بعد انتهاء الحرب الباردة ومن أجل تعبئة فراغ العداء الواجب بدؤوا باستخدام التنظيمات الإرهابية من أمثال حزب الله وحزب العمال الكردستاني و11 أيلول/ سبتمبر وتنظيم القاعدة وطالبان وآخرهم تنظيم داعش.
مشاركة تركيا في عملية إعادة رسم الخرائط
بعد انهيار الدولة العثمانية أصبحت المناطق التي كانت تسيطر عليها في حالة فراغ سياسي تتصارع من أجله أقطاب مختلفة، ومن أجل إعادة الاستقرار القديم لا توجد إلا بعض الدول القادرة على ذلك؛ ومنهم الجمهورية التركية، فتركيا ستشارك حتمًا في إعادة الاستقرار للمنطقة، كما ستلعب دورا كبيرا في مسار الخطط السياسية الجديدة.
عاشت تركيا فترات تطور وتحول أدت إلى ما وصلنا له اليوم، وكانت البداية مع فترة مندريس التي كانت في خمسينات القرن الماضي، وامتازت هذه الفترة بالتطور الاقتصادي والسياسي، والعمل على تحرير الإرادة السياسية، والانفتاح على الخارج كما كانت بوادره مع روسيا؛ الأمر الذي كان سببا في نهاية الرجل. فترة التحول الثانية كانت مع حزب العدالة في سبعينات القرن الماضي، والتي امتازت أيضا بمحاولة التحرر من القيود الغربية. فترة التحول الثالثة كانت فترة أوزيل من ثمانينات القرن الماضي وحتى وفاته في ظروف غامضة في 1993.
فترة التحول والنهوض الرابعة
من بدايات عام 2003 والحضور التركي في تصاعد مستمر على كل الأصعدة، فمن المستوى السياسي إلى المستوى الاقتصادي المحلي والعالمي، فتركيا أصبحت نموذجا يحتذى به بعد أدائها الرائع في سوق النقد والتجارة الحرة وقيادتها للدول الإسلامية والدول المستضعفة؛ وهو الأمر الذي لم يقبله الغرب؛ فتحرّك ليغيّر الحال وهو يعلم أن تركيا لا تمثل فقط 80 مليون تركي يعيشون فيها؛ وإنما تمثّل القوقاز ودول الشرق الأوسط ودول شمال أفريقيا ودول وسط وشرق آسيا وكل المظلومين في هذا العالم. لكن خططهم بآت بالفشل بفضل الشعب وروح الأمة الأبية التي ترفض الضيم، نعم لقد فشلوا في إعادة السيناريو المصري بسبب إرادة الحرية عند الشعب التركي. محاولاتهم الحثيثة هذه لن تنتهي عند هذا الحد؛ بل سنرى لها لواحق تشهد عليهم في الأيام القادمة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس