محمد عمر زيدان - خاص ترك برس
مما لا شك فيه أن أردوغان بعد الانقلاب الفاشل في الخامس عشر من يوليو/ تموز 2016 ليس كما هو عليه قبل الانقلاب ,وعلى هذا فقد أخذ السيد أردوغان وحكومته جرعات من الشكيمة والثبات والصلابة و ازدادت تركيا منعة على منعة وقوة فوق قوة وبدا هذا جلياً للعيان من خلال صلابة المواقف السياسة ورزانة الخطوات الدبلوماسية ومتانة النبرات الخطابية في هذه المرحلة المهمة من تاريخ المنطقة التى تشهد تجاذبات خطيرة واستقطابات سياسة مهمة.
فتركيا هذا البلد الواثق من نفسه والذي يسير بخطا حثيثة منذ تولي حزب العدالة والتنمية مقاليد الأمور فيه والذي يسير بسرعة البرق اقتصاديًا حتى كاد أن يصبح من أقوى القوى الاقتصادية في العالم, يخضع زعيمه لابتزاز عالمي من كل القوى العظمى وذالك لإجباره على أن يكون بيدقًا في رقعة الدول الخمس صاحبة الفيتو من خلال الضغط عليه لتمرير مشاريع المنطقة من خلال تركيا وذالك بفرض أجندات الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ,ونظراً لإحاطة تركيا ببلدان الحرب فيها مستعرة مثل سوريا والعراق وكردستان ومنظمات إرهابية كداعش وبي كي كي والكل يحاول النيل من أمن تركيا لأغراض مختلفة وأهداف متنوعة وحجج جما هذا من جهة كما أن المشاكسات السياسة مع دول الجوار الأخرى مثل إيران وروسيا جعلت تركيا بحاجة إلى إعادة هيكلة في جميع أمورها والنظر بكل تحالفاتها ووضع الخطط المستقبلية لعلاقاتها الخارجية.
والحقيقة كان لموقف أردوغان الواضح من القضية السورية وتمسكه بمبادئ الثورة وفتح أبواب تركيا للمعارضين واللاجئين السوريين أثرًا عميقًا في استعداء العالم المتحضر وخاصة العالم العربي فهم لا يريدون لأردوغان دورًا محوريًا في سوريا لاعتقادهم أن هذا الدور يجب أن يلعبه شخص عربي لا أعجمي . ونقول بكل صراحة لو أن الحكام المسلمين اتقوا الله حق تقاته بالثورة السورية لما وصل الحال إلى ما وصلنا إليه من التردي والسير نحو الانحدار، فتركيا التي تحملت ما يفوق قدرتها الاستيعابية من الأخوة السوريين الذين تجاوز عددهم مليونين وأمنت لهم الماء والدواء والغذاء لا بل وظفت العديد من الأكاديميين السوريين في الوقت الذي أقفلت جلّ الدول العربية أبوابها في وجههم ثم يأتي بعد ذلك بعض المهرطقين ويقولون ماذا قدمت تركيا وماذا فعل أردوغان؟ ونحن نقول بالمقابل لو أغلق أردوغان أبواب تركيا منذ اللحظة الأولى للثورة أسوة بالدول العربية الشقيقة لكان بشار الأسد وزبانيته قضوا على الثورة من أيامها الأولى.
هل قدم أي رئيس عربي أو رئيس مسلم ربع ما قدمه أردوغان للشعب السوري؟
ألم يكن الرجل أول من طالب بالمنطقة الآمنة لحماية دماء وأرواح السوريين؟؟ ألم يكن المجتمع العربي والدولي هما المتآمرين عليه وعلى مشاريعه ومنعه من تحقيق أي هدف يخدم مصلحة السوريين، ألم تكن أمريكا ودول حلف الفيتو المعارضين الحقيقيين لكل حل يطرحه هذا الرجل حتى لو كان صائبًا لا لشيء وإنما نكاية به.
أما الآن وبعد الانقلاب الفاشل تغيرت المعادلات الدولية وبدأ السلطان العثماني يزأر وبدأ يذكّر أوروبا ومن خلفها بالتاريخ المجيد لأجداده وبدأت كل الدول تحث الخطا لتحج إلى أنقرة لا بل أكثر من ذالك تسابق الرؤساء لمصافحة السلطان العثماني ولا أدل على هذا ما صنعه الرئيس الأمريكي عندما قام وبادر بالإسراع إلى السلطان ليكسب وده وينال شرف مصافحته بينما الكثير من الزعماء العرب استُقبِلوا بمظاهر مذلة، وما تسابق الرئيس المصري للسلام على الرئيس الأمريكي إلا صورة مصغرة من ذالك، ولكن ما يمكن تفسيره من صورة أوباما أردوغان هو ضلوع الأمريكان بالانقلاب التركي الفاشل وما إنكار بيدن إلا ضمن صفقة تركية أمريكية تقضي بسكوت تركيا عن ذكر أي مشاركة لأمريكا بالانقلاب مع إغفال اسم أمريكا في أي مكان أو مؤتمر مقابل إطلاق يد تركيا في سوريا وإبعاد خطر بي كي كي و تسليم فتح الله غولن.
كما أن تدخل الجيش التركي مع الجيش الحر لتأمين الحدود التركية من خطر المنظمات الإرهابية وتحرير الأراضي السورية من دنس الغزاة المعتدين وتحرير جرابلس ومن ثم الباب والهدف التالي منبج سيجعل المنطقة الآمنة أمرًا واقعًا لا مناص منه وسنرى كيف أن تقاطع المصالح تجعل الدول العظمى تتخلى عن حلفائها وهنا أقصد تخلي أمريكا وروسيا عن صالح مسلم وزبانيته وسيظهر أردوغان وعلى الرغم من أنف الجميع بطلًا أمميًا مسلمًا شاء من شاء وأبى من أبى ولنرى مَن مِن الدول التي تدّعي أنها عظمى ستقف في وجهه.
ومن البديهي أنه لا يمكن لأي حل سياسي في سوريا أن يتم بدون العراب التركي وخاصة بعد أن أدرك كلا الطرفين الروسي والأمريكي القيمة الاستراتيجية لتركيا ولرئيسها الطيب أردوغان وهكذا فرض السلطان العثماني نفسه على الغرب بطلاً لمرحلة جديدة. سيكون حلم أي إنسان على وجه الكرة الأرضية الجنسية التركية وهذا ما سيتحقق بعد 2023 بعد أن يسمح لتركيا باستثمار ثرواتها الباطنية ستكون معظم الدول التي تتباهى باقتصادها تسير بخطا حثيثة نحو الهاوية.
كل الشعب السوري يقول شكرًا تركيا دولة وشعبًا أولًا و أردوغان والعدالة والتنمية ثانيًا على كل ما قدمتموه من مساعدات للشعب السوري المكلوم. لن ينسى الشعب السوري الكريم اهتمامكم به.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس