ترك برس
رأى الكاتب والمحلل السياسي التركي إسماعيل ياشا، أن الشعوب المسلمة ليست مضطرة لمؤتمرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي باراك أوباما وصبيانهم لمناقشة قضاياها، بل يمكن أن تناقشها بهدوء في أجواء مناسبة، بعيدا عن التوظيف السياسي، وذلك في إشارة إلى مؤتمر "أهل السنة والجماعة" الذي عقد في عاصمة الشيشان غروزني، في ضيافة الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف.
جاء ذلك في تدوينه للكاتب التركي نُشرت في مدونات الجزيرة، أشار فيها إلى أهمية أن تدرك الشعوب المسلمة جيدا أن هناك من يجمع في يده ورقة صوفية وأخرى سلفية، ويحرِّك إحداهما أو الأخرى وفقا لحاجته إليها في تنفيذ مشاريعه السياسية، حتى لا تسمح لهؤلاء بأن يضحكوا عليها ويستغفلوها باسم الصوفية أو السلفية أو غيرهما، بحسب تعبيره.
وقال ياشا إن مؤتمر "أهل السنة والجماعة" الذي عقد في عاصمة الشيشان غروزني، في ضيافة الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف، أثار جدلا واسعا في صفوف العلماء والكتاب والمثقفين المسلمين، واستنكر كثير منهم البيان الختامي الذي اعتبر الملايين من المسلمين المنتسبين إلى "السلفية" و"الوهابية" خارج أهل السنة والجماعة.
ولفت ياشا إلى أن قاديروف يستحق لقب "صبي بوتين" بجدارة، ولا يختلف اثنان في أن استضافته لمؤتمر الشيشان تهدف إلى أن تخدم سياسات موسكو والمصالح الروسية، ولكن ماذا عن صبيان أوباما؟ وبماذا يختلف استغلالهم للدين لصالح أجندة الولايات المتحدة عما قام به الرئيس الشيشاني؟ وهل يجوز الأول ويحرم الثاني؟
لا يحق أبدا لروسيا وبوتين التدخل في الشؤون الدينية التي تخص المسلمين، ولا تحديد من يدخل في دائرة أهل السنة والجماعة ومن يخرج منها - يضيف ياشا - ولكنه في المقابل لا يحق أيضا للولايات المتحدة وأوباما تصنيف المسلمين كمعتدلين ومتطرفين وفق المصالح الأمريكية ورؤية واشنطن.
وأضاف الكاتب التركي: "إن كنا غاضبين على تدخل روسيا في شؤون المسلمين فالولايات المتحدة تتدخل فيها منذ سنين بشكل وقح. وهل نسينا تغيير المناهج الدراسية وإزالة مصطلحات وآيات قرآنية منها، بناء على طلب الإدارة الأمريكية ولعيون بوش؟"، مبينًا أن "روسيا ترتكب اليوم في سوريا مجازر مروعة وجرائم حرب، وتقصف طائراتها بيوت المدنيين والمخابز والمستشفيات وقوافل الإغاثة.
ولكننا يجب أن لا ننسى أن الولايات المتحدة تشارك في هذه المجازر والجرائم من خلال منع وصول أسلحة متطورة إلى فصائل الثورة يمكن أن تحمي بها الشعب السوري من إجرام الأسد وخامنئي وبوتين، كما لا ننسى أن واشنطن ترفض حتى الآن فرض حظر الطيران وإقامة مناطق آمنة لحماية المدنيين في سوريا".
واعتبر أن "كثير من علماء الأمة لا يبشر وضعهم بالخير ولا ترقى اهتماماتهم وتصريحاتهم مستوى التحديات. بل في بعض الأحيان نجد أن وعي عموم المسلمين أعلى بكثير من وعي معظم المحسوبين على العلوم الإسلامية. وهذا يُخرج ذاك من أهل السنة والجماعة، وفلان يخرج علانا من الملة، وكأن الدين ملك أبيهم، كما أن فتاوى في مثل هذه القضايا تصدر عن أصحاب عمائم يمثلون توجهات الحكومات والجهات الرسمية تتغير غالبا مع تقلب سياسات الدول ومواقفها والضغوط التي يتعرضون لها، لأنها فتاوى سياسية بالدرجة الأولى تهدف إلى خدمة هذه الحكومة أو تلك، وتعبئة الشارع وتحريضه للمضي في اتجاه معين".
وتابع ياشا: "نحن المسلمون بحاجة إلى علماء ربانيين يسيرون على خطى النبي صلى الله عليه وسلم، ويتحلَّون بصفات ورثة الأنبياء والموقعين عن رب العالمين، ولا يخافون في الله لومة لائم. ولسنا بحاجة إلى موظفين لدى الأنظمة القمعية يقومون بلي عنق اللصوص ويؤذون عباد الله من أجل إرضاء الدكتاتوريين.
القضايا العقدية والفقهية لا يمكن تناولها ومناقشتها بشكل صحيح في مؤتمرات سياسية تآمريه كالذي عقد في عاصمة الشيشان، كما أن الحكم على الصوفية بأنها تدعم الطغاة والمحتلين، نظرا لطبيعة المشاركة في مؤتمر الشيشان، غير دقيق. بل هناك صوفيون جاهدوا في سبيل الله حق جهاده، كما جاهد أسد القوقاز الإمام شامل رحمه الله ضد الاحتلال الروسي، في مقابل من ينسبون أنفسهم زورا وبهتانا إلى منهج السلف الصالح ثم يدعمون المحتلين وأعوانهم من الظالمين الفاسدين.
لسنا مضطرين لمؤتمرات بوتين وأوباما وصبيانهم لمناقشة قضايا المسلمين، بل يمكن أن نناقشها بهدوء في أجواء مناسبة، بعيدا عن التوظيف السياسي. بل الأهم من ذلك، أن ندرك جيدا أن هناك من يجمع في يده ورقة صوفية وأخرى سلفية، ويحرِّك إحداهما أو الأخرى وفقا لحاجته إليها في تنفيذ مشاريعه السياسية، حتى لا نسمح لهؤلاء بأن يضحكوا علينا ويستغفلونا باسم الصوفية أو السلفية أو غيرهما".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!