ترك برس
ذكرت وسائل إعلام عالمية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عبر عن استغرابه وتساؤله عندما طرح عليه الجانب التركي طلب إغلاق مكتب حزب الاتحاد الديمقراطي بي يي دي في روسيا، قائلًا "تمثيلية في روسيا منذ متى ذلك؟".
يحمل تساؤل بوتين الجدلي في طياته حقيقة استخدام روسيا المرحلي لحزب الاتحاد الديمقراطي، ويؤكّد على أن روسيا ستخفف دعمها له وستتجاهله لحساب توافقها مع تركيا التي تشاركها الرؤية في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
وفي هذا الصدد، أشار الخبير في العلاقات التركية الروسية أورهان غافارلي إلى أن بوصلة العلاقات التركية الروسية غيّرت اتجاهها بشكل تام عشية لقاء أردوغان وبوتين في بطرسبورغ بتاريخ 9 آب/ أغسطس من العام الجاري، موضحًا أن الجانب الاقتصادي والسياحي الذي شهد تدهورًا أثناء الأزمة، عاد ليزدهر مع لقاء الطرفين، وفي ظل ازدهار الجانب الاقتصادي فإن عودة النشاط الدبلوماسي بين البلدين بات أمرًا طبيعيًا للغاية.
وأضاف غافارلي أن النشاط الدبلوماسي التوافقي تُرجم على أرض الواقع مع شروع تركيا بعملية درع الفرات ليظهر الطرفان رغبتهما في تعجيل حل الأزمة السورية بناءً على أهدافهما وليس وفقًا لأهداف الطرف الآخر أمريكا.
وأوضح أن التوافق التركي الروسي أحبط خطة تأسيس كيان كردي على امتداد الشمال السوري، وهنا برز على السطح تساؤل مفاده: هل ستغيّر روسيا سياستها صوب البي ي دي؟
يحيب غافارلي على هذا التساؤل في مقاله المنشور على موقع الجزيرة ترك "هل ستغيّر روسيا سياستها صوب البي ي دي؟"، موضحا ً تحت عنوان "علاقات روسيا مع البي ي دي" أن روسيا باشرت بإعارة الحركات الكردية الاهتمام في أوائل القرن التاسع عشر، إذ رأت هذه الحركات بمثابة النافذة التي ستفتح لها سبيلًا لتوسيع رقعة نفوذها الجغرافية السياسية، وكانت العلاقات الروسية مع البي ي دي مثالًا حيًا على تطور العلاقات الروسية مع الحركات الكردية المسلحة.
ونوّه إلى أن روسيا أجرت أول اتصال دبلوماسي رسمي لها مع رئيس البي ي دي "صالح مسلم" في مطلع عام 2013، وتمت زيارة مسلم لروسيا ما بين 7 إلى 8 أغسطس 2013، وكان في استقباله نائب وزير الخارجية ووكيل الوزارة لشؤون الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف.
وكشف غافارلي عن أن الطرفين اتفقا على التعاون المشترك ضد الإرهابيين، وبعد ظهور داعش جعلاها الهدف الرئيسي لتحركهما المشترك، مبينًا أن مسلم زار روسيا بتاريخ 22 كانون الأول/ ديسمبر 2014 من جديد لحضور مهرجان "الأسبوع الكردي" المُقام في روسيا، والتقى خلال زيارته ببوغدانوف مرة أخرى.
وأكّد أن روسيا رفعت من حجم دعمها لمسلم بعد تصريحه أثناء زيارته التي تمت بتاريخ 27 تموز/ يوليو 2015، بأن البي ي دي سينضم لجيش الأسد في أقرب وقت ممكن، ملمحًا إلى أن بوتين عبر عن إعجابه بأداء البي ي دي بتاريخ 30 سبتمبر 2015 بأنه لا يوجد أحد يحارب داعش بجدارة سوى البي ي دي وجيش الأسد.
رفعت حادثة إسقاط الطائرة الروسية من قبل الجيش التركي بتاريخ 24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، من وتيرة التقارب الروسي مع البي ي دي. بعد الحادثة لم تكتف روسيا بالدعم الإعلامي والدبلوماسي واللوجستي بل زاد دعمها العسكري والدبلوماسي، إذ سمحت للبي ي دي بفتح تمثيلية دبلوماسية في موسكو في العاشر من شباط/ فبراير المنصرم.
ومع سرد أهم محطات التقارب الروسي الكردي السوري، عاد غافارلي للإجابة عن تساؤل مقاله بالإشارة إلى أن الكثير من التغيّرات الحاسمة في السياسة الروسية تجاه البي ي دي ستطرأ على السطح في القريب العاجل، مشددا ً على أن التقارب الروسي مع البي ي دي منذ بدء الأزمة السورية، كان تكتيكي ولم يكن استراتيجيا ً البتة، حيث أرادت روسيا استغلاله لتحدي تركيا وأهدافها في سوريا."
ورأى غافارلي أن النجاح التركي في عملية جرابلس رفع مستوى العلاقات التركية الروسية على حساب البي ي دي، موضحًا أن تركيا أثبتت قدرتها على التحرك المشترك وهذا ما سيجذب الدب الروسي نحو مزيد من التعاون مع تركيا خشية تقاربها مع أمريكا.
وأشار غافارلي إلى أن الحديث عن انقطاع تام للعلاقات الروسية مع البي ي دي يعتبر أمرًا صعبًا في الفترة الحالية، فالأوضاع في سوريا لم تصل إلى شيء بعد، مبينًا أن تخلي روسيا عن البي ي دي بشكل كامل، سيدفعه للارتماء في أحضان أمريكا، وهذا الأمر لا ترغب به روسيا وقج أظهرت عدم رغبتها في ذلك من خلال قبولها البي ي دي كأحد عناصر سوريا الفاعلة في اجتماع جنيف القادم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!