![](https://www.turkpress.co/sites/default/files/field/image/580_6.jpg)
فخر الدين ألتون – صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
إن محاولة انقلاب الخامس عشر من تموز/ يوليو هي الشكل الأكثر عُريًا وانكشافًا والأكثر قذارة كذلك من أشكال الحرب الموجهة ضد تركيا، فقوى الشر المتحدة جمعت قواها وخرجت لمواجهة الدولة التركية في محاولة لفرض سيطرتها على البلاد، لكنهم هُزموا وانهزموا وتلقوا صفعة الخسارة. فُقد "السلام" من الأوساط ليفرض علينا واقع جديد وصورة جديدة.
الصورة التي أمامنا الآن هي تركيا ذات الشعب الواعي الذي اكتشف من هم أبطاله ومن هي الجهات التي تمثله واكتشف كذلك التسربات الملوثة في الدولة ويحاول جاهدا أن يتخلص منها ويعقم ذاته من شرها، أمامنا الآن تركيا بقيادة رجب أردوغان. وفي الصورة كذلك أوروبا التي لا تفوت فرصة دون محاولة لضرب تركيا ولا تمر ساعة دون محاولة لتحركات أو مخططات أوروبية ضد تركيا. العنصر الثالث في الصورة هو الولايات المتحدة الأمريكية التي تمتعض حنقا من الديمقراطية التركية فنراها تدعم الحركات الإرهابية بالسلاح والذخيرة وتحتضن زعيم الجماعة الإرهابية المسؤولة عن محاولة انقلاب الخامس عشر من تموز.
أعداء تركيا رغم الهزيمة والفشل ورغم الوضع الجديد والصورة الجديدة إلا أنهم لم يتخلوا عن الحرب النجسة التي يقودونها ضد تركيا ولذلك نراهم يسعون لاستخدام وسائل جديدة ومختلفة كل مرة. فمؤخرا وأمام أعيننا جميعا يحاولون الترويج لدعاية وبروباغاندا الهدف منها التلاعب والنيل من الاقتصاد التركي ودفع عجلة الاقتصاد في تركيا نحو الأزمة. ولهذا الهدف بالتحديد دخلت مؤسسة موديز (Moody's) "وكالة تصنيف الائتمان الدولي" إلى حلبة الصراع لتروج وتقول إن المستثمرين العالميين يستبعدون تركيا ويستثنونها من كونها "دولة يمكن الاستثمار فيها". ولتقول زورا وبهتانا إن الاقتصاد التركي اليوم لا يختلف عنه عام 1994م. أليست صدفة غريبة حقا؟!
إن وسائل الغرب الحديثة وسياسته الخارجية لفرض هيمنته وسيطرته على الدول الأخرى واضحة ومعرفة وهي:
- الاحتلال الفعلي والانتداب السياسي.
- الانقلابات العسكرية الموجهة.
- استخدام الوسائل المختلفة للتلاعب والتدخل في الاقتصاد ومحاولات خلق الازمات الاقتصادية.
الولايات المتحدة التي تتربع على عرش قيادة الدول الغربية منذ عام 1945م، أقنعت الغرب بضرورة التخلي عن الاحتلال الفعلي والانتداب السياسي.
فهي وإن كانت تستخدم جيوشها بين الفينة والأخرى وترسل هذه الجيش لهذه البلد أو تلك إلا أنها لم تستخدم أسلوب الدول الأوروبية ولم تمارس الاحتلال الفعلي والانتداب بأسلوب أوروبا القديم. وإنما سعت لخلق نوع من التبعية العالمية الحديثة والراقية، واتخذت من تبعية الدول الأخرى اقتصاديا وعسكريا أو تبعية منظومة الدفاع القومي لتلك الدول للولايات المتحدة أسلوبا ووسيلة لفرض هيمنتها وسيطرتها. لكن إذا لم تجر الأمور كما ترغب فعندها تستخدم وسيلة "التدخل العسكري" أو "التلاعب بالاقتصاد" كوسيلة لفرض رؤيتها وإنشاء نظام موال وتابع للغرب، وفي هذه المرحلة قد تستخدم "المساعدات العالمية"، و"المؤسسات المحلية التي يمكن أن تعقد معها شراكات واتفاقيات" أو "الطبقة الراقية الموالية للغرب".
إن تركيا والازدهار التركي منذ عام 2000م هي اعتراض على محاولات خلق التبعية للغرب ووقوف في وجه هذا النظام. الأمر الذي حدا بالغرب منذ عام 2000م إلى السعي لاستخدام "وسائل تدخل جديدة" كان على رأسها محاولات تفتيت المجتمع وزرع بذور التفرقة إضافة للمظاهرات والتحركات الجماهيرية.
لقد رأينا الغرب يحصد نتائج مرضية له في العديد من الدول كنتيجة لهذه الوسائل الجديدة، في تركيا كانت هبة "غيزي بارك "هي انعكاس لهذا الأسلوب الذي لم يكتب له النجاح.
الفضاء الإلكتروني كان كذلك أحد هذه الوسائل والأساليب الجديدة التي استخدمها النظام الغربي. فتسريب المعلومات السرية، والمراسلات الخاصة، والمكالمات التلفونية بطريقة غير شرعية كان أسلوب النظام الغربي للتدخل وفرض السيطرة وإعادة تصميم نظام الحكم في العديد من الدول. وقد رأينا امثلة محسوسة عليه في دولتنا وسنستمر في مطالعة أمثلة جديدة كذلك.
يسعى أعداء تركيا إلى إضعاف روح الخامس عشر من تموز وينتظرون أن تختفي ذكريات هذه الروح ويعملون بجد من أجل ذلك.
فمن أجل تمرير مشاريعهم ومخططاتهم في تركيا لا بد لهم من التخلص من روح المساندة والتعاون التي ولدت في ليلة الخامس عشر من تموز، ومن أجل ذلك يطبقون العديد من التقنيات والأساليب التي من شأنها محو ذكريات الخامس عشر من تموز وقتل المجتمع المرصوص الذي رأيناه. إن الجماعات الرجعية هي إحدى هذه الأساليب كذلك، ولا بد لي لاحقا من الكتابة بشكل مفصل بهذا الخصوص.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس