ترك برس
انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اتفاقية لوزان الموقعة عام 1923 والقاضية باستقلال تركيا، قائلًا إن "البعض يحاول إظهار اتفاقية لوزان على أنها انتصار، أظهروا اتفاقية سيفر على أنها هزيمة وحاولوا إرضاءنا باتفاقية لوزان، ليفعلوا ما يشاؤون كل شيء واضح، انظروا إلى إيجة نصف جزره منحناها لليونان في اتفاقية لوزان، أهذا انتصار؟ هذه الجزر ملك لنا، لدينا مساجد ومعابد هناك، فضلًا عن وجود حقوق لدينا متعلقة بالحدود الجوية والبحرية والمنطقة الاقتصادية المحصورة، والتي لا زلنا لا نعيها بشكلها الصحيح؟ ما هذه الاتفاقية التي خسرنا فيها حقوقنا؟".
وفي نهاية حديثه أمام اجتماع المخاتير الخميس الماضي، طرح الرئيس أردوغان تساؤلًا مفاده هل اتفاقية لوزان انتصار أم هزيمة؟
ومن جانبه، طرح موقع الجزيرة ترك هذا التساؤل على عدد من الخبراء السياسيين والمؤرخين الذين أبدوا آراء مختلفة حول المسألة.
"طه أق يول" خبير سياسي يكتب في صحيفة حرييت، قال للموقع إن توصيف الاتفاقية على أنها انتصار أو هزيمة سلوك سياسي واضح، موضحًا أن الأمر يعود للمؤرخين الموضوعيين الذين يجدر بهم العمل في لجنة موحدة للكشف عن التفاصيل الحقيقية للاتفاقية.
وأشار أق يول إلى أن الدولة العثمانية خسرت الجزر ما بين 1911 و1912 في حرب البلقان، بمعنى أنها كانت تحت سيطرة اليونان قبل تأسيس الجمهورية التركية بزمن، موضحًا أن ثمة أمورًا ناقصة في الاتفاقية، ولكن المفاوض التركي بذل كافة الجهود الممكنة للخروج بنتيجة إيجابية.
وأضاف أن المفاوض التركي استطاع رفع الامتيازات الاقتصادية للدول الغربية وأَسّس الجمهورية التركية وهذه أهم نقطة في الاتفاقية.
وفي السياق ذاته، أوضح الخبير في السياسة الخارجية التركية البروفسور "باسكين أوران" أن طرح تساؤل "هل اتفاقية لوزان هزيمة أم انتصار؟" يدل على جهل بالمسألة، مبينًا أن الاتفاقية أنهت حالة الحرب بين تركيا والدول الأخرى، تجسدت حالة الحرب المذكورة بالحرب العالمية الأولى ومن ثم حرب التحرير، وفي نهاية المطاف وقعت تركيا هذه الاتفاقية التي عادت عليها بكل ما هو ممكن.
ووفقًا لأوران، فإن رغبة الطرف الإنجليزي بإنهاء عملية المفاوضات بسرعة نتيجة ضغوط أهالي الجنود المحاربين، بالإضافة إلى مشكلة إيرلندا التي أحدثت خلافًا سياسيًا بين الساسة الإنجليز، أسهمتا في تمكن الطرف التركي من الحصول على الكثير من مطالبه.
ومن جهته، وصف المؤرخ "مصطفى أرمغان" اتفاقية لوزان بأنها هزيمة واضحة، مشيرًا إلى أن "الميثاق القومي" حدد للهيئة المفاوضة الأهداف الأساسية لعملية التفاوض، فجزر إيجة وإقليم غرب تراكيا وقبرص وباتوم التابعة لجورجيا كانت ضمن أهداف الميثاق ولكن تم تسليمها كلها للجانب الآخر على طبق من ذهب.
وأضاف أرمغان أن الشعب التركي قدم الكثير من الشهداء في حرب التحرير، ولكن دماء الشهداء ذهبت هدرًا في عملية المفاوضات، لا سيما تسليم الطرف التركي إقليم غرب تراكيا الذي يحتضن نسبة عالية من المواطنين الأتراك لليونان، لا يمكن توضيح هذا التنازل بأي حال من الأحوال.
وبيّن أرمغان أن تسليم إقليم يشكل المواطنون الأتراك 80% من سكانه هو هزيمة نكراء، موضحًا أن جزر إيجة تم تسليمها لإيطاليا وليس لليونان، فبأي حق تستولي إيطاليا على جزر لطالما تمت إدارتها من قبل الدولة العثمانية وقطنها نسبة كبيرة من المواطنين الأتراك.
وفي سياق متصل، أشار الخبير السياسي البروفسور "إلجين ماجار" إلى أن الاتفاقيات الدولية يتم توقيعها بعد مفاوضات مكوكية يسيطر عليها مبدأ "خذ وأعطِ" فلا يمكن لأي فريق مفاوض الوصول إلى 100 بالمئة من أهدافه في هذه العملية، موضحًا أن الدولة العثمانية تركت كمًا هائلًا من الديون والخسائر، وحاول الطرف التركي أثناء عملية التفاوض تخفيف هذه الديون إلى أكبر حد ممكن مع كسب استقلال الجمهورية التركية الوليدة، وهذا ما حدث تمامًا.
وأضاف أن تركيا رسمت حدودها مع اليونان وفقًا لإرادتها، أما جزر إيجة فكانت تحت الاحتلال الإيطالي ولم تتمكن تركيا الوليدة من الحصول عليها، واليوم في ظل انسحاب الإيطالي يمكن إعادة الحديث عنها، ولكن كتقييم عام يمكن القول إن تركيا استطاعت تحقيق نسبة كبيرة من أهدافها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!