مروة شبنم أوروتش - ديلي صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
دينيز بايكال 78 عاما هو أحد الأعضاء القياديين في حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيس في تركيا، تولى العديد من المناصب الحكومية، وصار زعيما للحزب لفترة طويلة، لكنه اضطر إلى الاستقالة من منصبه في عام 2010 خلال آخر فترة له في قيادة الحزب بعد فضيحة الكاميرا الخفيه التي نصبت له وهو يقيم علاقة غرامية مع إحدى عضوات الحزب، وانتخب بعده كمال كليجدار أوغلو رئيسا للحزب.
قال بايكال: إنه كان ضحية مؤامرة دبرتها حكومة العدالة والتنمية. منذ اليوم الأول لتسريب مقطع الفيديو ساد اعتقاد واسع بأن المؤامرة على بايكال دبرتها جماعة فتح الله غولن الإرهابية " فيتو"، لكن بايكال رفض هذه المزاعم قائلا: إنه تلقى اتصالات هاتفية من أتباع غولن، وإنه يصدق ما قالوه له، فإما أنه اختار أن يصدقهم بإرادته أو أنه تعرض للابتزاز.
فتح تحقيق في القضية واعتقل 120 شخصا على صلة بجماعة غولن، كما فتح تحقيق آخر عن شريط فيديو يهدف لابتزاز أعضاء في حزب الحركة القومية بعد بضعة أشهر فقط من تسريب مقطع بايكال.
أجرى بايكال مقابلة تليفزيونية في هذا الأسبوع بثت على الهواء مباشرة، وأطلق تصريحات مثيرة عما حدث قبل بضعة أشهر، وقال " نريد أن تخفف تركيا من حدة الصراعات الداخلية. أريد المصالحة داخل تركيا. أضعنا فرصة جادة خلال الانتخابات التي أجريت في السابع من يونيو حزيران تتعلق بالمصالحة في تركيا، فخلال تلك الانتحابات كانت المصالحة واضحة للبرلمان.
أشار بايكال إلى الحكومة الائتلافية باستخدام كلمة "المصالحة" وتابع قائلا " أعتقد أنه لو كان قد تم التوصل إلى المصالحة، لما حدث أي انقلاب ولما وصلت الأزمات الأخرى إلى هذا الحد" .
أفضت نتيجة الانتخابات العامة التي أجريت في السابع من يونيو/جزيران 2015 عن أول برلمان معلق على مدى السنوات ال16 الماضية . لم يتمكن حزب العدالة والتنمية الذي صار الحزب الرئيس داخل البرلمان للمرة الرابعة على التوالي بحصوله على 40.9% من الأصوات، من تشكيل حكومه بمفرده لأول مرة في تاريخه، وأخفقت جميع المحاولات لتشكيل حكومة ائتلافية، وعلى ذلك ذهبت تركيا إلى انتخابات عامة مبكرة في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.
وخلال إجابته عن سؤال آخر كرر بايكال كلماته، وقال " لو توصل إلى اتفاق في السابع من يونيو، لما وقعت أحداث ال15 من يوليو/ تموز ، ولما حدث كل ذلك" .
كان تصريح بايكال صادما، من حيث إنه يشير إلى أن الائتلاف كان مطلب مدبري الانقلاب أو أتباع غولن، وبعبارة أخرى أطلق هؤلاء محاولة الانقلاب لأنهم لم يستطيعوا الحصول على ما يريدون في الانتخابات. لم يصدر هذا التصريح عن سياسي في حزب العدالة والتنمية، بل صدر عن أحد أكثر الشخصيات تأثيرا في حزب الشعب الجمهوري.
إن تصريحات من قبيل " يجب تشكيل حكومة ائتلافية ، ونحن بحاجة إلى التوصل للمصالحة ، وهذا ما نحتاجه" كان من بين الحجج المنطقية التي قالها المحللون السياسيون بعد انتخابات السابع من يونيو، لكن ما جعل الشعب التركي تساوره الشكوك حول هذه التحالف هو أن أحزاب المعارضة، وجماعة غولن وحتى قادة حزب العمال الكردستاني المحظور الذي استأنف القتال ضد الدولة التركية، بعد أن أنهى وقف إطلاق النار في يوليو 2015 أصروا على تشكيل حكومة ائتلافية منها فقط.
خلال تلك الفترة تعرض حزب العدالة والتنمية لضغوط من الجماهير لتشكيل الحكومة، حيث اعتقد الناس أن نتائج الانتخابات استغلت استغلالا سيئا لصالح الجناح المناوئ لأردوغان، وكان ذلك من بين أسباب حصول العدالة والتنمية على 49.5% من الأصوات في الانتخابات المبكرة التي أجريت في نوفمبر 2015 وتشكيل حكومة من حزب واحد مرة أخرى. لم يثبت تصريح بايكال أن شكوك الشعب كان لها ما يبررها فقط، بل إنه أوضح أنه لو شكلت حكومة ائتلافية في ذلك الوقت، لكان تنظيم غولن الإرهابي حصل على ما يريد، ولما حاول القيام بالانقلاب.
فور الإعلان عن نتائج الانتخابات أغلق دولت باهتشلي، رئيس حزب الحركة القومية، الباب أمام أي احتمال لمشاركة حزبه في حكومة ائتلافية. رفض حزب الحركة القومية أن يشارك في تحالف مع العدالة والتنمية أو مع حزب الشعوب الديمقراطية وحزب الشعب الجمهوري، وتشكيل حكومة ائتلافية أشار إليها كمال كليجدار أوغلو بكتلة ال60% . وعلى الرغم من الاحتمالات الحسابية لعقد تحالف بين العدالة والتنمية وحزب الشعب الجمهوري أو بين العدالة والتنمية وحزب الشعوب الديمقراطية، فإن العدالة والتنمية في الحقيقة كان سيسعى إلى عقد تحالف مع الشعب الجمهوري وليس الشعوب الديمقراطية وثيق الصلة بحزب العمال الكردستاني.
أخفقت المفاوضات بين العدالة والتنمية والشعب الجمهوري، في حين بلغت الضغوط لتشكيل حكومة ائتلافية من المجموعات الخارجة عن القانون المذكورة آنفا فضلا عن المعسكر المعادي لأردوغان في الداخل والخارج، مستويات لا تحتمل. ولهذا يؤكد تصريح بايكال أنه كان هناك تحالف بين " الشعب الجمهوري وتنظيم غولن"، وأن هذا التحالف كان مدعوما من المعارضين لأردوغان وجميع الجماعات المعارضة لحزب العدالة والتنمية.
ومن ثم لو كان هذا التحالف قد شكل بعد السابع من يونيو، لحقق تنظيم غولن هدفه، ووجد فرصة كبيرة لمواصلة أجندته، وإعادة تأسيس "الدولة الموازية" التي صارت عاجزة ومفككة. ولاسيما بعد عام 2013 . نحمد الله على أن هذا التحالف لم يشكل، فخرج الانقلابيون بغتة ، وهزم أبناء الشعب التركي مدبري الانقلاب الشائن في ليلة الخامس عشر من يوليو مخاطرين ومضحين بحياتهم، ولأول مرة بعد عدة سنوات حصلت تركيا على فرصة لتصير مستقلة حقا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس