رداد السلامي - خاص ترك برس

الذين يعتقدون أن هناك تناقضًا بين الأحزاب الأمريكية الكبرى ينخدعون باللعبة الظاهرة إعلاميا ولا يدركون طبيعة عمل السياسة الأمريكية القائمة على فكرة التمهيد والبناء على ما سبق ومنطق التكامل بين ما نعتقد أنها تناقضات يجب أن نحتفي بها، في عهد بوش دخلت أمريكا إلى أفغانستان.

وفِي عهد الابن دخلت العراق وسلمته لإيران تدريجيا ليكتمل التسليم في عهد إدارة الديمقراطي "بيل كلينتون" وفِي عهد "أوباما" لحقتها سوريا واليمن، وانقلاب مصر، وإنتاج داعش، ومحاولة الانقلاب في تركيا التي أراد من خلالها أوباما تهيئة الطريق لترامب لكنه فشل بفضل قوة وعي الشعب التركي ونضجه المعرفي والديمقراطي والسياسي وإدراكه لطبيعة التحديات والمؤامرات التي تحاك ضد تركيا والمنطقة إن شعبا لديه وعي بكينونته بتاريخه وجغرافيته وهويته لا يمكن أن يستغفل أو يستخف به، وحده الوعي العربي مضلل تماما ومنخدع بالتغييرات الديمقراطية التي تحصل في أمريكا معتقدا ان ترامب سيعمل لصالحه، إن كل تغييرا ديموقراطيا في أميركا يستتبعه تغييرا ديموغرافيا في منطقتنا العربية.

إيران تمكنت في المنطقة بشكل أكبر بفضل سياسات أمريكا، الإدارات الأمريكية التي تعاقبت منذ بوش الأب إلى الابن إلى كلينتون ثم أوباما حققت قدرا من التراكمات الخطيرة والمتناقضة في المنطقة العربية لصالح تفتيتها وإضعافها تماما، إيران توغلت بتحالف مستبطن مع أمريكا أكثر وهي الأداة التي أوجدت كل هذه الانقسامات الاجتماعية والعربية الكبيرة وميليشياتها تعبر العراق وسوريا واليمن ولبنان بقوة وتعلن عن نفسها الْيَوْمَ بوضوح سافر أنها من القوة بحيث أن بإمكانها أن تواجه اَي قوة تقف امام وحدتها الطائفية والجغرافية المنظمة.

ترامب سيأتي لاستكمال ما تبقى من اللعبة، تطمين دول الخليج وتفعيل تحالفها مع أمريكا هي أداة تخدير مرحلية فترامب لن يعيد العراق إلى حيث كان عربيا سنيا، ولن يخرج إيران منه، ولن يسقط نظام بشار الأسد ولن يمنع إيران من امتلاك سلاح الردع النووي بل في عهده ستنتج إيران القنبلة النووية وتنجزها، وتتقدم أكثر في مجال التسليح، لعبة ترامب هي تسكين مخاوف الخليجيين العرب وهذا يتطلب إجراء تطمينات يستتبعه عملية تمهيد لأحداث فوضى داخلية داخل كلا من تركيا وهذه الدول ولن يستثني الأمر مصر بالطبع في عهد سلطة انقلاب فاشلة وانتهازية من خلال تنمية الطائفية ورعاية الفكر الليبرالي لوصفة الحاضن المدافع عن الحريات وفقا للفلسفة الأمريكية والغربية ومن خلاله أيضا ستجد الطائفية الشيعية السند للتعبير عن اتجاهاتها العقدية والفكرية وطموحها في الحكم، أمريكا كما هي حليفتها إسرائيل وجدت في إيران وأذرعها المليشاوية الحليف المحقق لأهدافها في السيطرة  وتحقيق أهدافها الاستراتيجية، أن أمريكا تسعى إلى تأمين بقاءها قوية ومسيطرة باستمرار يقول جوب كُوب الابن "مسيحي": "من الواضح أنه يتحتم على الولايات المتحدة الأمريكية السيطرة على نفط العالم حتى يتسنى لها الحفاظ على المستوى المعيشي داخلها وتحقيق هيمنة تامة على العالم، ومع ندرة النفط مقابل الطلب العالمي تزداد أهمية تلك السياسة وتعد موارد المملكة السعودية فضلا عن تلك الموارد التي تتوافر في العراق وحوض بحر قزوين وإيران من الموارد الاساسية التي يتعين على الولايات المتحدة الأمريكية تأمينها".

وهذا التأمين لم يعد يتخذ شكل تحالفا مع الأنظمة الحاكمة بل من خلال تفكيك دولها من الداخل وإضعاف قدرتها على تحقيق نهضتها وقوتها، وإدارة مواردها بشكل يحقق أهدافها في الحرية والاستقلال وضمان معيشة جيدة للشعوب.

إن أمريكا تتشكل الْيَوْمَ بشكل فعال من خلال سلطتها الرأسمالية واليمين المسيحي، وهي لن تنكفئ كما يعتقد البعض للاهتمام بقضاياها الداخلية لان داخل أمريكا لا يهدأ إلا إذا اتجهت للخارج، الآخر الذي يجب أن تبقى في حالة حروب مختلفة معه والذي هو مصدر حركة مصانعها وآلتها العسكرية والتكنولوجية والإنتاجية الضخمة ومصدر تهديد محتمل لأمنها القومي.!

ومنطقتنا هي الهدف المستمر الذي يتوجب عليها السيطرة عليه وتفتيته وتمكين حلفاء أكثر قدرة على تحقيق أهدافها وتتقاسم معهم النفط والنفوذ والموقع الاستراتيجي...

عن الكاتب

رداد السلامي

صحفي يمني


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس