مصطفى سعدون - المونيتور - ترجمة وتحرير ترك برس
قال هادي العامري، رئيس منظمة بدر والقيادي في وحدات التعبئة الشعبية وحدات في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر في رسالة إلى الجارة الشمالية للعراق: "ستكون تلعفر مقبرة للجنود الأتراك فيما لو حاولت تركيا للمشاركة في المعركة"، في حال حاولت القوات التركية المنتشرة في مخيم بعشيقة المشاركة في تحرير تلعفر.
في 16 تشرين الثاني تم تحرير تلعفر التي تعد منطقة استراتيجية لوحدات الحشد الشعبي، لأنها تتيح لهم الوصول إلى الحدود السورية وتمكنهم من قطع طرق هروب مقاتلي تنظيم الدولة (داعش) إلى سوريا. بعد تحرير تلعفر، قال العامري إن الرئيس السوري دعا وحدات التعبئة الشعبية إلى محاربة المعارضة السورية داخل الأراضي السورية.
جاء تصريح العامري ضد تركيا - الذي يقارب تصريح إيران - ردًا على تصريحات سابقة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان فيما يتعلق بمدينة تلعفر، حذر فيها وحدات الحشد الشعبي من ارتكاب أي "انتهاكات" بحق المدنيين في المدينة.
ففي تصريح صحفي 29 تشرين الأول/ أكتوبر، قال أردوغان إن "مدينة تلعفر التركمانية موضع حساسية كبيرة بالنسبة لنا. لو ارتكبت وحدات الحشد الشعبي أعمالا إرهابية في المدينة، سيكون ردنا مختلفًا". وأضاف أردوغان أنه تلقى معلومات تؤكد ارتكاب أعمال إرهابية لوحدات الحشد الشعبي في المدينة، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل حول عدد التعزيزات أو كيف سيكون رد تركيا مختلفًا.
في نفس السياق، رد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على الرئيس التركي في 1 تشرين الثاني قائلًا إن الحكومة العراقية أكثر حرصًا على تلعفر من أي طرف آخر. ولم يخفِ العبادي مخاوفه بشأن أي تهديدات تركية، قائلُا: "ما يزال خطر التدخل التركي موجودًا."
تتبع منطقة تلعفر إداريًا لمحافظة نينوى، وتقع على بعد 63 كيلومتر (39 ميل) غرب الموصل، على مقربة من الحدود العراقية السورية، وتبلغ مساحتها حوالي 28 كيلومتر مربع (11 ميل مربع).
وينحدر الرجل الثاني في تنظيم الدولة، أبو علاء العفري الذي كان نائب أبو بكر البغدادي، من تلعفر وقد قُتِلَ في المدينة في غارة عراقية العام الماضي.
وقد أصبحت مدينة تلعفر - بتنوع سكانها - ساحة معركة مثيرة للجدل للأطراف خارج الحدود العراقية، الأمر الذي يؤكد أهميتها الجغرافية - وخاصة بالنسبة لإيران التي تسعى للوصول إلى سوريا عبر الأراضي العراقية، وبالنسبة لتركيا التي تسعى لإحياء مجد التوسع العثماني.
والمدينة موطن لأعراق مختلفة، وغالبية سكانها من التركمان والشيعة، وتقع في قاعدة الصراع الإيراني-التركي (إيران تدعم الشيعة، في حين تدعم تركيا تدعم التركمان).
من المهم أن نلاحظ الصراع السني الشيعي في أوساط السكان التركمان، الذي يمكن أن يشعل حربًا مستعرة داخل المنطقة، مما يجعل من الأسهل بالنسبة لإيران وتركيا كسب موطئ قدم في المدينة التي قد تنطوي على وجود عسكري.
لسكب الزيت على النار، كان هناك حديث أن تحرير تلعفر - التي لا تزال تحت سيطرة داعش، ستكون تحت إشراف رئيس فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني. وهذا من شأنه أن يكون استفزازًا كبيرًا لأهل السنة هناك. كما أن مشاركة وحدات الحشد الشعبي في تلعفر مثيرة للجدل، ويُنظر إليها على أنها ردة فعل على الوجود التركي في بعشيقة.
قال فالح الفياض رئيس وحدات الحشد الشعبي ومستشار الأمن القومي في العراق: "أهداف وحدات الحشد الشعبي هي تحرير مدينة تلعفر والوصول إلى مشارف الموصل، دون دخول المدينة إلا بأمر من القائد العام للقوات المسلحة".
يوم 30 تشرين الأول، حذرت الجبهة التركمانية في برلمان إقليم كردستان من أي تغيير ديموغرافي في قضاء تلعفر، نتيجة لتدخل وحدات الحشد الشعبي في معركة هناك، وبالتالي رفض مشاركة الأخير في تحرير المدينة.
توقع حركة حزب الله النجباء - واحدة من فصائل وحدات الحشد الشعبي التابعة لولاية الفقيه الإيرانية - أن تكون معركة تحرير تلعفر معركة "شرسة"، نافية مزاعم سعي وحدات الحشد الشعبي إلى إحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة، ومتهمة تركيا بـ"إقحام أنفها في أعمال الآخرين".
ومن المحتمل جدًا حدوث اشتباك بين وحدات الحشد الشعبي والقوات التركية التي تتمركز على بعد 12 كيلومترا (7.5 ميل) من تلعفر. وتعتقد تركيا أن وجود وحدات الحشد الشعبي في تلعفر يمنحها مسوغًا لدخول المدينة، خصوصًا بعد تحذير أردوغان بالتدخل "فيما لو نشرت وحدات الحشد الشعبي الخوف بين المواطنين".
ما هو أكثر من ذلك، لا تريد تركيا من إيران أن تفرض نفوذها على تلعفر، وهي متاخمة للحدود مع سوريا. وذلك من شأنه أن يجعل من السهل لإيران نقل الأسلحة عبر الطريق البري. ويعتبر هذا أيضًا أحد الأسباب وراء النزاع حول تلعفر.
يخشى أردوغان أن تلعفر- التي تقع على بعد 60 كيلومترًا (37 ميل) من الحدود التركية - ستصبح ملاذًا للفصائل الشيعية القريبة من العراق. ويضيف الرئيس التركي أيضًا هواجس إمكانية التحالف بين وحدات الحشد الشعبي وحزب العمال الكردستاني فيما يتعلق بالهجمات التي يمكن شنها على تركيا أو تسهيل محتمل من قبل وحدات التعبئة الشعبية في نقل الأسلحة إلى حزب العمال الكردستاني الذين يقاتلون الجيش التركي.
ويبدو أنه سيكون هناك تصعيد تركي عراقي جديد، قد يتطور إلى مواجهة عسكرية، خصوصًا بعد تصريح العبادي في وقت سابق بأن "[العراق] لا يرغب في حرب مع تركيا، ولكن فيما لو أصرت تركيا على الحرب، سنكون جاهزين".
ومع ذلك، فيما لو حدثت أي مواجهة عسكرية بين تركيا والعراق، فإن الأخير لن يقحم قواته النظامية فقط ولكن أيضًا وحدات الحشد الشعبي التي ترى القوات التركية في العراق بأنها " قوة احتلال"، والتي سيستهدفونها إذا وجدوها في نفس الموقع.
أصبحت تلعفر منطقة متنازع عليها دوليًا بين تركيا والعراق، الأمر الذي يتسبب بالمزيد من عدم الاستقرار من الناحية الأمنية، ويفتح الباب أمام صراعات أهلية، مما يمهد الطريق أمام أي تدخل عسكري إيراني أو التركي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس