جلال سلمي - خاص ترك برس
حصل ضابط الأمن "حنفي أفجي" على شهرته أثناء استجوابه داخل لجنة التحقيق البرلمانية المختصة بقضية "حادث سوسورلوك" التي فضحت العلاقة بين بعض النواب وأجهزة الأمن وعصابات المافيا. وقد وقع حادث سيارة في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر 1996 في ناحية سوسورلوك الواقعة بين بورصة وباليك أسير، وكان في السيارة التي تعرضت للحادث نائب ولاية شانلي أورفا عن حزب الطريق القويم "سادات أديب بوجاك" ومدير أكاديمية الشرطة في إسطنبول "حسين كوجاداغ" وزعيم المافيا "عبد الله تشاتلي".
شهد أفجي ضد الدولة العميقة، واستمر نجمه بالظهور كمحلل أمني حتى ألف كتابه "بيادق داخل الدولة؛ بالأمس دولة واليوم جماعات" عام 2010، الذي تحدث فيه عن تغلغل جماعة غولن داخل الدولة، ونتيجة لذلك تم اعتقاله من قبل عناصر الجماعة الفاعلة في جهازي القضاء والشرطة بتهمة عضويته في الموقع الإعلامي "أوضا تيفي" الذي يروج لمنظمة "أرغينيكون" اليسارية "الإرهابية" التي كانت تنوي الانقلاب على الحكومة عام 2009. استمر اعتقاله ثلاث سنوات وتسعة أشهر ومن ثم تمت تبرئته "لعدم كفاية الأدلة".
حاز أفجي أثناء عمله في جهاز المخابرات الداخلية على 24 شهادة تقدير، وتم رفع راتبه عدة مرات تقديرًا لجهوده.
كشف أفجي في كتابه عن تغلغل عناصر الجماعة في الجيش والشرطة والقضاء والاستخبارات وما إلى ذلك من أركان الدولة الحساسة، وأوضح أن الجماعة تعيق عمل مؤسسات الدولة بشكل نظامي، وتعمل على تأسيس نظام عنصري إزاء العاملين بداخل الدولة حيث يحصل عنصر جماعة غولن العامل في الدولة على حقوق وامتيازات يُحرم منها غير المقربين للجماعة، مبينًا أن الجماعة عملت على غرس روح العداء بين موظفي الدولة الذين أصبحوا يكيدون المؤامرات لبعضهم البعض، ودعا الحكومة التركية إلى تفادي هذا التغلغل قبل أن يستشري ولكنه لم يجد آذانًا صاغيةً لدعوته على حد وصفه في مقدمة كتابه.
وأكد أفجي في كتابه أنه كان مقربًا من جماعة غولن إذ بقي في أحد بيوتها لستة أشهر عندما كان طالبًا في الكلية، إلا أنه خرج من بيوتهم لاختلافه مع أفكارهم الدينية على حد تعبيره.
وجه أتباع جماعة غولن عدة تهم لأفجي، أهمها ممارسة التعذيب بحق الموقوفين والمعتقلين أثناء عمله كرئيس قسم شرطة في ناحيتي غولنار وموت التابعتين لولاية مرسين بين عامي 1976 و1984، وبلغ مجموع أحكام أفجي 15 عامًا و6 أشهر، إلا أن المحكمة الدستورية أسقطت الدعوى عنه بدعوى وجود أدلة مزيفة.
انتقل أفجي عام 1984 إلى فرع استخبارات دياربكر الداخلي حيث بدأ عمله في الاستخبارات. وبعد ثماني سنوات نُقل في عام 1992 إلى مدينة إسطنبول وتمت ترقيته لمنصب مدير فرع استخبارات إسطنبول الداخلية، وفي عام 1996 تم ترقيته مرة أخرى وأصبح يشغل منصب نائب رئيس جهاز الاستخبارات الداخلي.
وقد اكتسبت شهادته عن الدولة العميقة عام 1997 أهمية عالية كونها صادرة عن شخص على اطلاع دائم ومباشر على المعلومات الاستخباراتية الداخلية. وقد تحدث عنها في كتابه المكون من قسمين، قسم يتحدث به عن الدولة العميقة وآخر عن جماعة غولن، وقال إن الكثير من العصابات تتحرك باسم قوات الدرك والاستخبارات والأمن تحت غطاء "مكافحة الإرهاب" وتقوم بالكثير من الأعمال غير القانونية. وقد تعرض على إثر ذلك للتحقيق والمحاكمة عام 1997، إلا أنه تم إطلاق صراحه وإعادته إلى عمله، ليكشف في حينها عن مدى قوة يد الجيش القابضة على مسار السياسة التركية الداخلية والخارجية، حيث منعت هيئة الأركان وبشكل قاطع التحقيق مع الضباط الذين ذكرت أسماؤهم من قبل أفجي.
رفع أفجي بعض التقارير والوثائق إلى الحكومة التركية برئاسة "نجم الدين أربكان" التي حذر فيها من احتمالية وجود تحضيرات لانقلاب عسكري، ونتيجة لذلك تعرض أفجي ووكيل رئيس دائرة الاستخبارات الداخلية "لونت أوراك أوغلو" للاعتقال وتم عزلهما من منصبهما.
أثناء التحقيق معه بتهمة إفشاء وثائق سرية للغاية، أكّد أفجي أن مهمته هي تحذير الحكومة، مهما كانت خلفيتها السياسية، من المخاطر الداخلية والخارجية، وقضت المحكمة في العاشر من شباط/ فبراير 1998 باستمرار عزله عن منصبه بتهمة إفشاء وثائق سرية، وصرح أفجي آنذاك للصحافة بأن ما يجري معه هو "محاولات لإخماده ومنعه عن القيام بمهامه."
وبعد استئناف القضية من قبل المحكمة الإدارية العليا عاد أفجي للعمل في جهاز الاستخبارات واستمر حتى عام 2003 ولكن بمنصب منخفض، وفي عام 2003 تم تعيينه رئيسًا لدائرة مكافحة الجريمة المنظمة والتهريب، ونتيجة لكشفه عن فساد بعض العائلات التركية الكبرى كعائلة "أوزان" والفساد في مناقصات وزارة الطاقة تم عزله بشكل مؤقت عام 2005، وفي عام 2006 تم تعيينه مديرًا للأمن في مدينة إديرنة.
اعتبر أفجي تعيينه في مدينة إديرنة "عملية نفي له لقيامه بمهامه على أكمل وجه"، إلا أنه نجح في تطهير مدينة إديرنة من الموظفين ورجال الشرطة الفاسدين الذين كانوا يتلقون رشاوى من المهربين على الحدود التركية اليونانية، وفي عام 2009 تم تعيينه مديرًا للأمن في مدينة إسكيشهير، واستمر في منصبه حتى تم اعتقاله عام 2011.
يعمل أفجي اليوم كاتبًا ومحللًا للقضايا الأمنية. ويوصي في كتبه بضرورة رفع مستوى قوة الاستخبارات للتصدي للمخاطر التي تحيط بتركيا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!