أندريه أنتيكوف - صحيفة ايزفيستنايا - ترجمة وتحرير ترك برس
في الوقت الراهن، تسعى تركيا لتعزيز تواجدها العسكري في منطقة الباب، مما قد يتسبب في حالة من الاحتقان بين الأطراف المتنافسة في المنطقة قد تؤدي في آخر المطاف إلى اشتباكات بين القوات الحكومية السورية وقوات الجيش التركي.
ومن المعلوم لدى الجميع، أن أنقرة تسعى إلى مكافحة الإرهاب في الأراضي السورية مما يحتم عليها عدم تجاوز "الخطوط الحمراء" التي حددتها لها كل من حكومة بشار الأسد وروسيا.
وفي الواقع، تقوم أنقرة بمقاتلة مسلحي تنظيم الدولة في مدينة الباب السورية، والتي تقع على بعد 50 كلم من مدينة حلب. وفي حال فازت القوات التركية على متطرفي تنظيم الدولة في مدينة الباب، فإنها ستكون على مقربة من الخطوط الهجومية للجيش النظامي في حلب.
ومن هذا المنطلق، فإن تواصل عمليات التسلح العسكري لقوات المعارضة، على غرار الجيش السوري الحر، في منطقة الباب الواقعة في الشمال الشرقي من محافظة حلب، ينذر بعاصفة من الاشتباكات المسلحة بين الأطراف المتنافسة للسيطرة على المدينة.
وفي هذا السياق، صرح رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، فرانس كلينتسيفيش: "من المتوقع أن تسقط خسائر في صفوف القوات التركية والسورية نتيجة لعدم تنسيق كلا الطرفين فيما بينهما وغلبة مصالحهم الشخصية على المصلحة الموحدة وهي استهداف تنظيم الدولة".
وبالعودة لأراء العديد من الخبراء، فإن هذه الفرضية غير مستبعدة، إذ أن التنسيق العسكري بين سوريا وتركيا شبه منعدم مما قد يؤدي إلى صدام محتمل في مدينة الباب. وفي المقابل، لا يمكن لأحد إنكار الدور الفعال الذي تقوم به تركيا في مكافحة الإرهاب الدولي، بالإضافة إلى ذلك، تقدم أنقرة جل إمكانياتها للمساعدة في القتال ضد تنظيم الدولة.
خلافا لكل ذلك، فإن المشكلة الأساسية تتمثل في تواجد القوات العسكرية التركية على أراضي دولة ذات سيادة مستقلة دون اتفاق مع دمشق، وهنا يكمن التهديد الرئيسي والذي ينبئ بتطور العلاقات التركية بنظام الأسد نحو طريق مسدود.
وبدوره قال النائب في البرلمان السوري عن حزب النهضة العربي الاشتراكي، جمال ربيعة: "إن دمشق تراقب الوضع عن كثب وهي على استعداد لمساعدة أنقرة في محاربة الإرهاب في مدينة الباب إن لزم الأمر".
وأضاف ربيعة: "موقف السلطات السورية واضح، الغزو التركي يعد انتهاكا للسيادة السورية. إن القوات العسكرية التركية تقاتل تنظيم الدولة، إلا أنها تدعم أيضا المعارضة السورية. وفي هذا الصدد أؤكد لكم أن قوات الحكومة السورية تراقب عن كثب تحركات القوات العسكرية التركية ودعمها لما يسمى بالمعارضة". وفي هذا إشارة لرغبة القوات الحكومية السورية في التعاون مع أنقرة لمكافحة الإرهاب، في حين أنها ترفض دعمها للمعارضة السورية.
وأعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في 21 من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أن القوات التركية وقوات المعارضة السورية ستتقدم في الأيام المقبلة نحو تحرير مدينة الباب.
وقال الرئيس التركي: "يعيش تنظيم الدولة أيامه الأخيرة في مدينة الباب، يحاول الإرهابيون إحكام قبضتهم على المدينة بشتى الوسائل، من خلال استخدام الانتحاريين والعبوات الناسفة. وللأسف لا يمكن أن نعد بتحرير المدينة دون خسائر. ومن المرجح أن مدينة الباب ستكون قريبا تحت السيطرة وستتحرر ويعود متساكنيها إلى ديارهم".
وفي وقت سابق، أفادت هيئة الأركان العامة التركية، أن وحدات الجيش السوري الحر المدعومة من قبل القوات المسلحة التركية قد تمكنت من السيطرة على الطريق السريع بين مدينتي حلب والباب في إطار عملية "درع الفرات"، التي انطلقت منذ أغسطس/ آب.
ومن المتوقع أن نجاح القوات التركية وقوات المعارضة في تحرير مدينة الباب سيجعل الجيش التركي والجيش السوري الحر على مقربة من القوات الحكومية السورية، حيث لن يفصل بينهما أكثر من 40 إلى 50 كلم.
وخلافا لذلك، فإن التصادم المباشر والمقصود بين أنقرة ودمشق يعد مستبعدا، نظرا للتقارب بين أنقرة وموسكو، الحليف الرئيسي لدمشق. علاوة على ذلك، فإن عملية "درع الفرات" انطلقت لغايات تستهدف تنظيم الدولة ولا تتعلق بجيش النظام، على حد تفسير بعض الخبراء.
ومن المؤكد أن أنقرة نفذت العملية العسكرية في سوريا للحفاظ أولا وقبل كل شيء على مصالح مواطنيها، وعلى حدودها المتاخمة لأكثر المناطق احتقانا في العالم. وتعتبر أنقرة أي توتر على الأراضي السورية تهديدا لاستقرار تركيا.
والجدير بالذكر أن نسق التقارب بين كل من موسكو، التي تدعم الحكومة السورية بقيادة بشار الأسد، وأنقرة التي تدعم المعارضة السورية منذ بداية الحرب، قد تصاعدت وتيرته بشكل ملحوظ.
ونوهت المحادثات الأخيرة بين ممثلين عن الحكومة الروسية والتركية والإيرانية، بحقيقة أن الجانب التركي يعد المحور الأساسي في التوصل لحل سياسي لفض النزاع السوري.
وفي هذا الإطار، قال العميد السوري السابق، على مقصود: "هناك بعض الحدود التي لا يمكن تجاوزها، وتنفيذ هجمات ضد القوات الحكومية السورية يعد "خطا أحمرا" أمام كل عنصر سياسي متدخل في سوريا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!