نزار محمد - خاص ترك برس
أن تستقرّ في ربوع دولة تحترم القانون وتطبّقه على شعبها فرداً فرداً دون أن تكون حائز على أدنى متطلّبات إثبات شخصيتك فهنالك استلطاف كبير في الأمر.
إلى الآن أكثر من مليون ونصف لاجئ سوريا يتوزّعون على المدن التركيّة من الجنوب إلى أقصى الشمال دون وثائق قانونيّة تثبت دخولهم الأراضي التركيّة، بعضهم أمضى أكثر من سنتين والبعض الآخر نزح حديثاً نحو تركيا كأهالي مدينة كوباني، وصُرف عليهم مالم تصرفه الدول الأخرى، فإلى الآن أكثر من 4،5 مليار دولار حصيلة نفقات تركيا لصالح اللاجئين.
في ذات الموضوع، أتاحت الحكومة التركيّة تسهيلات كثيرة للاجئين ولم تطالبهم بأيّ التزام إجباري، حيث فتحت لهم الجامعات والمدارس وقبل ذلك المشافي الحكوميّة وأخيراً حقّ العمل الذي سيتيح للعمالة السوريّة ميزّات إضافيّة.
البعض اتّهم تركيا بسماحها للجهاديين بدخول الأراضي السوريّة عبر أراضيها عن طريق التهريب، هذا الأمر صحيح لكن الحكومة التركيّة أعطت أولويّة للوضع الإنساني السوري فغضّت النظر عن تحرّكاتهم من وإلى تركيا وهذا الأمر الذي استغلّه الجهاديّون، لذا لا يمكن تبرير الاتّهامات ونسيان الواجب الإنساني وهنا تكمن الحكمة في اتخاذ القرارات التركيّة بعيداً عن منعكسات التطوّرات السياسيّة.
لكن وبعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على تواجد السوريين على الأراضي التركيّة بشكل غير قانوني يعدّ مشكلة بنظر الأتراك، لاسيما أنّ بعض الجماعات السوريّة استغلت هذه المشكلة لمحاولة زرع الخلافات بين الشعبين وهذه الجماعات كثيرة لكن إذا ما أمعنا النظر بواقع اللاجئين قليلاً والحريّة التي تتمتّع بها المعارضة السوريّة في اتخاذها للمقرّات والمراكز لعرفنا نوايا تلك الجماعات.
من وجهة نظري لابدّ من حل بعض الأمور القانونيّة أوّلها حثّ السوريين على التسجيل في بلديات المدن التركيّة للحصول على البطاقة الصحيّة، ولعلّ ما سمعته من شهود عيان عن قيام دوريّات الشرطة التركيّة بتوقيف السوريين ممن لا يحمل هويّة الإقامة المؤقّتة (آفاد) من أجل الحصول على البطاقة أولى الخطوات التنظيميّة.
ولو أنّ ما سبق كانت النيّة منه التحضير لاتفاقيّة تركيا مع الاتحاد الأوروبي، ولو أنّها تحرم بعض السوريين الراغبين بتقديم اللجوء للدول الأوربيّة إذا ما بصمّوا في تركيّا لكن تصبّ الصالح العام السوري بلا شك.
في النهاية لا ينبغي إلّا القول بأنّ السوريين أولاً وأخيراً يحلمون بالعودة لسوريا بأقرب وقت لكن ذاك يتطلّب إيقاف الحرب وانتصار الثورة وهذا الأمر الذي يعتقد الكثيرون بأنّه سيطول سنوات عدّة، لذا لا بدّ من التفكير حاليّاً بطرق التعايش السوري التركي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس