سيردار تورغوت - صحيفة خبرتورك - ترجمة وتحرير ترك برس
انطلقت البارحة مناقشات مسودة الدستور الجديد في البرلمان التركي، والجدير بالذكر أنه لم تتم مناقشة هذا الموضوع إستنادا إلى معطيات أو معلومات صحيحة من قبل، فالجميع كان يبدي رأيه إستنادا إلى مواقفه الأيدلوجية وإصدار الآراء دون أي بعد نظر.
بصراحة يمكنني القول إنه تشكلت "ضجة كبيرة" حسب رأي الأديب الأمريكي الكبير "ساول بيلو" فإن هذا النوع من الضوضائية أدى إلى التأثير السلبي على أدمغة الناس و بهذا تعرقل نشوء أي تفكير إبداعي لديهم، وأنا بدوري أوافقه الرأي، فقد حصل عندنا نفس الشيء عندما لم نستطع الحصول على معلومات صحيحة بخصوص مسودة الدستور الجديد، بل أدى ذلك إلى تكون مفاهيم خاطئة لدينا حتى الآن.
وإن تمت مناقشة مسألة تغيير الدستور في البرلمان بشكل معقول فلربما نستطيع البدء بإدراك جوهر الأمر من الآن إن شاء الله.
بصراحة أحسست بأنني شخص محظوظ وأنا أتتبع مناقشات البرلمان بخصوص الدستور الجديد، لأنني تمكنت من الإستماع إلى حديث كبير مستشاري رئيس الجمهورية "محمد أتشوم" الأسبوع الماضي بخصوص هذا الموضوع .
شـعـور غـريـب
لم تكن طريقة السيد "أتشوم" في إيصال المعلومات بشكل فني فقط بل كانت بمثابة متعة ثقافية.
أوضح السيد أتشوم الحاجة إلى الدستور الجديد في خضم التطورات العالمية بشكل نابع عن تجربة عميقة، وأثناء استماعي لحديثه انتابني شعور غريب في داخلي وكأنه يقول لي: "عليك أن تشاركه تفكيره الممنهج"، لكن بعد بحث قصير علمت بأن السيد أتشوم كان يساريا في الماضي ولهذا أيقنت سبب تطابق طريقة تفكيرنا.
سـيكون هـذا الـدستـور بـصمـة تـركيـا عـلى الـعالـم بـأسـره
من الآن أقول بأن هذا الدستور سيخلق تغيير اجتماعي و حقوقي ثقافي في تركيا، وسيعلن عن بداية مرحلة جديدة، وكلنا يعلم بأن العالم في تغير مستمر ونشوء شروط ومتطلبات جديدة تحتم على تغيير ضروري في بنية الدستور القديمة، وكثير من الدول لم تقم بهكذا مبادرة فربما يخافون من التخلي عن عاداتهم القديمة.
تخطو تركيا الآن بخطى ثابتة وشجاعة في تغيير الدستور القديم الذي أبلاه تغير الشروط العالمية، و وتريد التخلي عن نموذج التفكير القديم الذي كان يتصف به الدستور القديم واستبداله بنموذج تفكير جديد، فيمكننا القول بأنه مازالت فكرة "فصل السلطات" حاضرة في النموذج القديم حتى الآن، ويعود هذا المصطلح إلى السياسي الفرنسي "مونتيسكيو" الذي صاغه عام 1740 فكان الحاجة لهذا المبدأ من أجل تطور وتقدم العالم، لكن مع تغير الظروف والشروط فصل الحقوقيون والاجتماعيون هذا المبدأ عن مفهومه التاريخي وجعلوه يناسب كل زمان ومكان.
إن مسألة الدستور الجديد أصبحت قضية ملحة نظرا لتغير الظروف والشروط العالمية وعدم تناسبها مع شروط الربع الأول من القرن الواحد والعشرين، وأنا أوافق هذا الرأي، فنحن بحاجة إلى دستور جديد يمكننا من اتخاذ قرارات فعالة وسريعة ومكثفة داخليا وخارجيا، فبسبب وجود مبدأ فصل السلطات في دستور أقوى نظام رئاسي ألا وهو النظام الأمريكي جعلها غير قادرة على اتخاذ قرارات فعالة وصحيحة، حتى أن مؤسسات الدولة تقف أحيانا بسبب عجز ميزانية الدولة.
يـقـوي الـجـمهـوريـة
دعت إدارتنا الحكيمة لتشكيل دستور جديد وفقا للمتغيرات وللمتطلبات العالمية والحاجة الملحة لنموذج فكري حقوقي واجتماعي جديد، وبهذا الكم الهائل من التغيير فإن النظام الجمهوري لن يتغير على العكس بل إن تشكيل هذا الدستور الجديد سيعمل على تقوية وإصلاح النظام الجمهوري .
سألت السيد أتشوم بعد انتهائه من الشرح
"كنا نرى في الماضي بأن نموذج مونتيسكو الفكري يتناسب مع دستورنا، لكن هل يوجد مفكر يحمل اسم هذا التغيير الخلاق في الدستور التركي الجديد؟"
كما توقعت كان جوابه بـ"لا".
نؤمن أنا والسيد "أتشوم" بأن دستورنا الجديد سيكون مثالا يحتذى به العالم بأكمله بل سيؤلف الكثير من الحقوقين و الاجتماعيين كتبا عنه.
تـنـاقشـوا بـدون شـجـار
من الممكن حدوث شجار بين الديموقراطيين في كل برلمان، ويسمى هذا "طبيعة الديموقراطية" لكن إذا تحول هذا النقاش إلى شجار كبير فإننا بذلك قد نحيد عن جوهر الموضوع ونفقده أهميته، كما قال الأديب والروائي الأمريكي "أبدايك": "هذا النوع من النقاش الضوضائي في البرلمان قد يسلب منا موهبتنا في التفكير المنطقي الواقعي والإبداعي"، حيث أننا اليوم بأمس الحاجة لأشخاص يحملون ميزة التفكير الإبداعي الواقعي والمنطقي في البرلمان.
أنا لا أقول بأنه لن يحصل جدال أو حتى شجار، لكن نحن نناقش موضوعا مهما يتعلق بحياتنا فأرجو من الجميع التحلي بالصبر والهدوء أثناء مناقشة الدستور.
الـسيـدة أسـتـور وتـشرشـل
كان السياسي البريطاني "وينستون تشرشل" يستخدم ذكاءه دائما في النقاشات السياسية، ولذلك كانت علاقته بعضوة البرلمان السيدة "أستور" غير جيدة، فلم يتفقا أبدا وكانا يتجادلان دوما.
وفي يوم قالت السيدة أستور لتشرشل: "لو كنت زوجتك لو ضعت لك في قهوتك سما".
فرد عليها تشرشل قائلا: "لو كنتي زوجتي لشربت القهوة المسمومة باستمتاع".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس