ياغمور أتسيز - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس

بدأ الرأي العام الغربي بصورة تدريجية برسم سيناريوهات محتملة لإعادة تشكيل كل من العراق وسوريا بعد تدميرهما بشكل كامل.

لا شك أن هذه المواضيع كانت منذ زمن على قمة جدول أعمال العواصم الغربية بصورة عامة، وكانت أيضا على أجندة أنقرة وموسكو وبكين، وأكثر من تداولها خلال الفترة الماضية بلا شك هي العواصم العربية الأخرى، هذه المواضيع تداولوها منذ فترة طويلة، لكنهم لم ينشروها بصورة واضحة على العلن سوى قبل عدة أيام.

نعم، كيف سيكون حال سوريا والعراق؟

تركيا قد دخلت معمعة الأحداث في سوريا والعراق مرغمة عنها، والسبب في ذلك لا يكمن فقط في التاريخ المشترك، وإنما بسبب أنّ أطول حدود تركية هي التي بينها وبين العراق وسوريا إذ يصل طولها إلى 1240 كيلو متر، منها 920 كيلو متر حدود مشتركة مع سوريا.

والقضية الأخرى التي أجبرت تركيا على تحمّل تبعات الأحداث هناك، بالإضافة لطول الحدود، هي قضية اللاجئين الذين هربوا من الموت إلى أحضان تركيا، وطن الأمل.

فحسب أرقام نُشرت يوم أمس، وصلت أعداد اللاجئين السوريين في لبنان إلى 4 ملايين، وفي تركيا مليون ونصف المليون، وفي الأردن 900 ألف، ورغم الأحداث في العراق وصل أعدادهم هناك إلى 800 ألف، وفي السعودية 600 ألف لاجئ، وحتى وصل إلى ألمانيا التي تبعد عنهم مسافة أربعة آلاف كيلو متر، 45 ألف لاجئ سوري.

وحسب آخر إحصائية التي نشرت أمس، وصل تركيا مليون و 660 ألف لاجئ سوري هربوا من الظلم ومن الحرب.

واليوم أصدرت الدول التي قسمت البلاد بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية، الحُكم على العراق وسوريا بأنّ تاريخ استخدامهم قد انتهى، واليوم يريدون رسم خارطة جديدة للمنطقة تساعد على تحقيق مصالحهم من تلك البلاد.

وهناك دولة جديدة في هذه الخريطة، وهي كردستان، لكن هذه الدولة موجودة اسما بدون جسم، وحدودها ما زالت غير واضحة وأمورها معلقة.

من جهة أخرى فإن القسم الأكبر من الأكراد في المنطقة يعيشون داخل الحدود التركية، وحسب الأرقام الدولية لتعداد السكان الأكراد في المنطقة فيصل إلى 20 مليون نسمة، منهم 10-13 مليون يعيشون في تركيا كمواطنين.

وهذا يعني أنه حتى لو تم تأسيس دولة كردية من المناطق الشمالية لكل من سوريا والعراق، فإن الأكراد الذين يعيشون داخل الحدود التركية سيطلبون الانضمام والاتحاد بهذه الدولة وهذا ما يعني فقدان تركيا لجزء من أراضيها بطريقة أو بأخرى، وستكون هذه مشكلة حقيقية ستواجه تركيا في المستقبل.

وأعتقد أنّ حل هذه المشكلة حلا سلميا، بدون إراقة الدماء، وبدون إيذاء أي طرف، وبتحقيق مطالب وأهداف الجميع يتم من خلال الإعلان عن "الجمهورية المتحدة" بين الجمهورية التركية و"الجمهورية الكردية"، من خلال عمل التالي:

إذا استيقظت تركيا من نومها العميق، وتذكرت مجددا أنها دولة عظمى، ستعمل على دعم مشروع إنشاء دولة كردية من الأراضي الشمالية لسوريا والعراق، وتكون تركيا هي الدولة الأولى التي تعترف بهذه الدولة، وتساهم تركيا في دعمها وبقائها وثبات الدولة الكردية المقترحة.

وبعد ذلك ستعمل أنقرة على ضم بعض المحافظات التركية ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرق البلاد إلى "جمهورية كردستان"، بالتزامن مع طلبها بإنشاء اتحاد فيدرالي بين الجمهورية التركية و"الجمهورية الكردية".

وهكذا تبقى عاصمة الجمهورية التركية أنقرة، وعلى الأغلب من المفترض أن تكون عاصمة الجمهورية الكردية إربيل، بينما تصبح اسطنبول عاصمة "الجمهورية المتحدة".

هذا حل منطقي وعقلاني يضمن حقوق ومصالح الجميع، وسيكون عاملا مهما وقدوة للشرق الأدنى وشرق المتوسط وكذلك للبلقان، وإلا سيشغلنا هذا الموضوع لسنوات طويلة قادمة.

عن الكاتب

ياغمور أتسيز

كاتب في صحيفة ستار


هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس