خاص ترك برس
ومع ذلك، تظل الولايات المتحدة الدولة الوحيدة التي تدعم صراحة تنظيمًا إرهابيًا، وتزود الفرع السوري لتنظيم بي كي كي حزب الاتحاد الديمقراطي بالأسلحة، الأمر الذي أدى إلى خلاف بين الدولتين حول أسلوب قتال تنظيم داعش. وعلى الرغم من الأدلة المتناقضة وحتى تصريحات المنظمة الإرهابية نفسها، واصلت إدارة أوباما ادّعاء أن تنظيم بي كي كي المُدرج على لائحة الإرهاب تنظيم وأن وحدات حماية الشعب تنظيم آخر. وصرح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم بما يختلج معظم المواطنين الأتراك، حين قال يوم الجمعة الماضي إن تركيا تتوقع تغير الموقف الأمريكي تجاه وحدات حماية الشعب ومنظمة غولن الإرهابيتين تحت حكم الرئيس ترامب.
رغـم اتـهامـها بـدعم داعـش، ما تـزال تـركيـا الـمقاتـل الأول للـتـنـظيم عـلى الأرض
اتُّهمت تركيا من قبل عدد من القوى بدعم منظمات إرهابية في سوريا، على الرغم من أنها الدولة الأكثر فعالية في جهود مكافحة الإرهاب على الأرض وهي كذلك الدولة التي تحملت أكبر كلفة بسبب ذلك.
ومن جهته، قال السفير الأمريكي لدى تركيا: “أقرّت الولايات المتحدة بأن بعض تقديراتها كانت بحاجة إلى التصحيح وتفتقر إلى الدقة. إننا نفعل ذلك مرارًا. ونقر بالأخطاء إذا ارتكبناها”. وأكد السفير أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية اعتذرت لتركيا على مزاعمها الخاطئة بوجود تجارة نفط بينها وبين داعش.
وخلال لقاءات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بنيويورك في أيلول/ سبتمبر 2014، زعم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بأن هناك وثائق تثبت أن هناك تجارة نفط بين تركيا وداعش. ولدى طلب أنقرة الوثائق من الولايات المتحدة كدليل على مزاعمها، سلّمت أمريكا الوثائق في كانون الثاني/ يناير 2015. ورغم ذلك، بعد تحقيق دقيق لوثائق وكالة الاستخبارات المركزية، كشف مسؤولون في جهاز الاستخبارات الوطنية أن المواقع الجغرافية في الوثائق تشير إلى مصنع أسفلت يقع في ولاية كيليس جنوب شرق تركيا.
وبعد هذه الحادثة، أقر مسؤولون أمريكان بخطئهم واعتذرت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لتركيا في الشهور الأولى من عام 2015.
أنـقـرة تفتـح حدودهـا للمدنيـيـن، وتتعـاون مع قـوات البشـمركة ضـد داعـش
في أثناء الاشتباكات بين الفرع السوري لتنظيم بي كي كي الإرهابي، حزب الاتحاد الديمقراطي وتنظيم داعش في عام 2014، ادّعى مسؤولون من حزب الشعوب الديمقراطي التركي وقيادات من تنظيم بي كي كي أن “تركيا تدعم داعش”.
الادعاء كان مثيرًا للسخرية، أن يدّعي تنظيم بي كي كي الماركسي اللينيني الإرهابي الذي يشن حربًا ضد الدولة التركية منذ ثمانينيات القرن الماضي يلومون تركيا على “موقفها الإيجابي” ضد داعش.
وفي الحقيقة، خلال هذه الاشتباكات الضارية، فتحت تركيا فورًا حدودها لسكان مدينة كوباني - وغالبيتهم من الأكراد - وسمحت لحوالي 130 ألف شخص باللجوء في تركيا. كما تعاونت البلاد مع قوات البشمركة العراقية، وفتحت ممرًا لمجموعات ثلاثة من قوات البشمركة من إربيل إلى كوباني في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، وكانون الأول/ ديسمبر 2014 وكانون الثاني/ يناير 2015 بهدف المشاركة في القتال ضد داعش في شمال سوريا.
ساعدت هذه القوات المجموعات الكردية المحلية وحزب الاتحاد الديمقراطي في قتالها ضد داعش لتتمكن في النهاية من طرد التنظيم في كانون الثاني 2015 بعد 134 يومًا من الحصار. وفي حين شكرت حكومة إقليم كردستان العراق تركيا لاستضافة اللاجئين من كوباني وتوفير الدعم للقوات التي تقاتل تنظيم داعش، وصف القيادي في بي كي كي مراد كارايلان الجهود التركية وفتح حدودها أمام المدنيين بأنها “مكيدة”، قائلًا: “إن السبب لفتح تركيا لحدودها هي الرغبة في رؤية المدينة تسقط لصالح داعش”.
اخترقت منظمة غولن الإرهابية مؤسسات الدولة من خلال أتباعها، وحاولت الاستيلاء على السلطة من خلال محاولة الانقلاب الدموية الفاشلة في 15 تموز/ يوليو الماضي، كما حاولت استخدام ورقة “داعش” ضد تركيا. وفي كانون الثاني 2014، أُوقفت شاحنات تابعة لجهاز الاستخبارات الوطنية التركي وتم تفتيشها من قبل قوات الجندرمة في ولاية أضنة تحت أمر الجنرال حمزة جليبوغلو. وبعد حوالي سنة ونصف، أكد رئيس تحرير جريدة جمورية آنذاك جان دوندار بأن هذه الشاحنات كانت في الواقع تحمل أسلحة لتنظيم داعش في سوريا.
كُشِفت لاحقًا العلاقات القوية للجنرال جليبوغلو، حيث اختير لمنصب رفيع في القائمة المُعدّة لصفوف قوات الجندرمة لفترة ما بعد الانقلاب. وإلى جانب قضية شاحنات الاستخبارات، ثبت إهماله وأداؤه دورًا في تغطية جريمة قتل الصحفي الأرمني هرانت دينك في عام 2007 ليحكم عليه بالسجن مدى الحياة. كما رفضت الحكومة التركية مزاعم دوندار، قائلة إن شاحنات المساعدات كانت متوجهة للتركمان في شمال سوريا، الذين تعرضوا لغارات جوية مكثفة وهجمات من قبل قوات الأسد.
اعتُقِل دوندار بعد بضعة أشهر بتهمة كشف أسرار الدولة. ولدى سؤال دوندار من قبل المحكمة عن الدليل الذي اعتمد عليه في تصريحه، أجاب قائلًا: “ليس لدي معلومات أو وثائق تثبت أن هذه الشاحنات كانت متوجهة إلى تنظيمات محظورة أم لا”. واكتُشِفت لاحقًا علاقات بين صحيفة جمهورييت ومنظمة غولن بدليل جديد من قبل مدعي العموم في تحقيقات لاحقة. ويعيش دوندار الآن في ألمانيا هربًا من المحاكمة، ولم يُفصح خلال العاملين الماضيين عن سبب إطلاقه تلك الادعاءات دون دليل ذي مصداقية.
إحـصـاءات حـول حـرب تـركيـا ضـد داعـش
كجزء من حربها الداخلية ضد تنظيم داعش، نفذت قوات الأمن التركية حملات مداهمة كثيرة في مختلف أنحاء البلاد، كما شدّدت الإجراءات الأمنية على الحدود، واعتقلت مئات المقاتلين المشتبه بهم. ووفقًا لمصادر حكومية، فإن معلومات شاركتها الاستخبارات التركية مع دول أخرى تفيد بأن تركيا أضافت 16 ألف مشتبه بهم إلى قائمتها لحظر الدخول في عام 2016 وحده.
وحسب أرقام وزارة الداخلية، في عام 2016، اعتقلت قوات الأمن 3 آلاف و359 مشتبها بهم، منهم ألف و313 شخصًا بينهم 679 أجانب اعتُقِلوا بتهم وجود علاقة مع منظمة إرهابية. كما صرحت الوزارة بأن 7 آلاف و 15 شخصًا اعتُقِلوا في الفترة ما بين 2011 و2016، بينهم ألفان و712 أجنبي. وقد أُبعِد حوالي 4 آلاف مقاتل إرهابي أجنبي من تركيا في تلك الفترة.
تشير هذه الإحصائيات إلى أن تركيا هي الدولة التي عانت أكثر من هجمات داعش بعد سوريا والعراق التي تتواجد فيها قوات داعش. ومنذ عام 2015، فقدت تركيا أكثر من 400 مدني في عدد من الهجمات الإرهابية من تنظيم داعش، وفقدت 40 جنديًا في عملية درع الفرات العابرة للحدود.
ومع ذلك، فشلت الدول الأخرى في التعاون مع تركيا فيما يتعلق بقتال تنظيم داعش. على سبيل المثال، إبراهيم البركاوي، عضو تنظيم داعش منفذ تفجير مطار بروكسل وهجوم مترو الأنفاق في المدينة الذي أسفر عن قتل 34 شخصًا وإصابة 270 آخرين في آذار/ مارس 2016، أُبعِد من تركيا في حزيران/ يونيو 2015 بعد القبض عليه قرب الحدود التركية السورية. وأُبعد في حينها إلى هولندا بطلب منه، وتم إعلام السلطات الهولندية والسفارة البلجيكية بالحادثة. ومع ذلك، أُعلِن لاحقًا إطلاق سراح البركاوي لأن بروكسل لم تجد أدلة على علاقته بتنظيم داعش.
الـدولـة الوحيـدة التـي تقاتـل داعـش علـى الأرض رغـم دعـم التحـالف الدولـي
تركيا هي الدولة الوحيدة التي تقاتل تنظيم داعش على الأرض اليوم، وقد تلقت دعمًا مترددًا في الفترة الماضية من التحالف الدولي ضد تنظيم داعش بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
وإضافة إلى القتال ضد التنظيم الإرهابي بداخل حدودها، أطلقت أنقرة كذلك عملية درع الفرات العابرة للحدود في آب/ أغسطس من العام الماضي في شمال سوريا، بهدف تطهير حدودها من المنظمات الإرهابية.
ووفقًا لهيئة الأركان التركية، فقد تم خلال العملية تحييد ألف و940 مقاتل من تنظيم داعش بحلول اليوم 150 للعملية. ونجحت العملية بتطهير 227 منطقة سكنية، وألف و875 كيلومتر مربع على امتداد المسافة بين جرابلس واعزاز الموازية للحدود التركية.
ضرب سلاح الجو التركي ألفًا و237 هدفًا خلال العملية، حسب هيئة الأركان، وفكّك أكثر من 3 آلاف عبوة ناسفة و43 لغمًا. وركّزت العملية بشكل كبير على تحرير مدينة الباب من تنظيم داعش منذ مطلع كانون الأول الماضي. ووصلت قوات الجيش السوري الحر مدعومة من قبل القوات التركية إلى غرب وشمال المدينة حسب الهيئة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!