إبراهيم كيراس - قرار - ترجمة وتحرير ترك برس
لا نستغرب الأخبار القادمة من أمريكا، بل نستغرب استغرابنا منها؛ لأنه كان من الواضح أن وصول ترامب لسدة الحُكم سيتحول إلى كابوس يعم العالم بأسره. وهو كان يقول علنا بأنه لن يُدخل المسلمين إلى دولته، وأنه سيقوم بإنشاء جدار مع المكسيك، وأنه سيعلن القدس عاصمة لإسرائيل، وأنه سيزيد من صعوبات إدخال بضائع المصانع التي تعمل خارج أمريكا، وغيرها. كل هذه الأمور قالها في حملته الانتخابية، الحقيقة أنّ الشعب الأمريكي لم يصوت لترامب برغم وعوده، وإنما صوت له دعما لوعوده هذه.
لا شك أنّ الكثير من أصحاب الرأي في أمريكا لا يوافقون على ما يقوم به ترامب، خصوصا فيما يتعلق بجدار المكسيك، ومنع مواطنين من 7 دول إسلامية الدخول إلى أمريكا، مما تسبب في حراك شعبي في أمريكا، يُعارض هذه الإجراءات، لكن لا يمكننا معرفة حجم التأثير الممكن لهذا الحراك على قرارات ترامب.
ليس من المنتظر أن يقوم ترامب بإيقاف هذه الإجراءات وتغيير سياسته في الوقت الراهن، لكن تغيير نبرة وأسلوب حديثه، وشعوره بحاجة إلى تبرير ما يقوم به، يُمثل شعاع أمل، ولاحظنا كيف أنهم شرعوا يستخدمون لغة معتدلة أكثر، عكس ما كان عليه الوضع خلال حملتهم الانتخابية، ومثال ذلك أن الإجراءات هذه لا يُمكن وصفها بأنها "منع للمسلمين"، برغم أن ترامب استخدم هذا المصطلح خلال حملته الانتخابية.
لكن هذا الأمر لا يشكل مصدر تفاؤل كبير، وحتى لو نظرنا بنظرة تفاؤلية كبيرة فإنّ هذه التفاصيل وردود الفعل الداخلية والخارجية لا تعدو كونها قد تخفف من حدة سياسة ترامب، ولن توقف سياسته تماما. ونفس النظرة التفاؤلية أيضا تقول بأنّ هذه الإجراءات مرحلية، وستتعدل مستقبلا، فكيف ذلك؟
ربما يبدأ ذلك من خلال اتخاذ القوى لموقف مشترك بعد إدراكهم بأنّ سياسة ترامب هذه لن تجلب الخير لهم ولا للعالم، خصوصا بالنظر إلى أن سياسة ترامب الخارجية ورغبته في الانغلاق على الداخل لحماية الاقتصاد الأمريكي ستؤثر بشكل كبير على السياسة العالمية، وهذا بدوره سيقود إلى ضرر للمحيط حوله، وبالتالي ضرر اقتصادي وسياسي حتى داخل أمريكا.
كما أنّ الإجراءات الاقتصادية التي سيتخذها ترامب، في حال انها لم تُفلح ولم تنجح، وتواصلت سياسته المزعجة للرأي العام الأمريكي، والحاق ضرر بالاقتصاد الأمريكي، حينها ستتخذ القوى داخل الولايات المتحدة الأمريكية موقفا مشتركا، وسيتدخل البيت الأبيض ويتخذ إجراءات تحول دون استمرار ذلك.
الشعوب الإسلامية لن تبقى صامتة تجاه سياسة ترامب المتعلقة بمنع المسلمين، وحالة الصمت السائدة حاليا سببها مواقف الحكومات، التي ربما حاليا تتجنب الصدام مع الإدارة الأمريكية الجديدة، كون أمريكا هي القوى العظمى والأكثر تأثيرا في العالم، وهذا واقع، لكنني لا اعتقد ان حالة الصمت هذه ستستمر طويلا اذا استمر ترامب بهذه السياسة المعادية للإسلام.
وقد ذكرت أنّه من غير المتوقع أن يغير ترامب سياسته في المرحلة الراهنة، والدور يأتي على اعترافه بأنّ القدس عاصمة لإسرائيل، وهذا الأمر سيكون له ردود فعل كبيرة على مستوى حكومات العالم الإسلامي، والتي لن تستطيع الوقوف إلى جانب ترامب لان ذلك سيجعلها تدفع أثمانا باهظة.
والموضوع الآخر هنا هو سياسة ترامب غير الواضحة تجاه مشاكل الشرق الأوسط، ومثال ذلك المقترح الأمريكي المتعلق بمنطقة آمنة في سوريا، وهناك شكوك كبيرة حول أن المقترح هذا يتضمن أن يكون مناطق حكم ذاتي يسيطر عليها حزب الاتحاد الديمقراطي، ومن مؤشرات ذلك توجه ترامب للملك السعودي لتقديم هذا المقترح وليس لأردوغان.
ومختصر الحديث، هو أن العلاقات بين أمريكا والعالم الإسلامي خلال المرحلة المقبلة ستكون أكثر توترا وأكثر صعوبة مما كانت عليه في السابق.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس