نوري أليبول - -صحيفة تركيا - ترجمة وتحرير ترك برس
فقدنا 3 أبطال من أولاد هذا الوطن، وجرح 11 جنديًا آخر جراء قصف الطيران الروسي الخاطئ لإحدى الأبنية التي كانوا موجودين فيها، وبعد هذه الحادثة مباشرة اتصل الرئيس بوتين ورئيس أركانه بنظرائهم الأتراك ناقلين لهم عزائهم وأسفهم الشديد لحدوث هذه الفاجعة المحزنة.
لكن الجدير بالذكر أن الروس كان عليهم فعل أمور أخرى غير التأسف وبالأحرى كان عليهم فعل أمرين:
أحدهما، أخذ التدابير والاحتياطات لعدم السماح بحدوث هكذا حادثة مرة أخرى، وأما بالنسبة إلى الأمر الآخر فكان عليهم التحري والبحث عن تفاصيل الموضوع، أي بمعنى "هل كانت هذه الفاجعة حادثة حقا؟"، "أم هل يوجد في الأمر فخ؟"، "أم كانت وراء هذه الحادثة قضية انتقام؟".
تراودنا الشكوك بوجود مصيدة في الأمر فتصريحات المتحدث الرسمي للكرملين الروسي كانت كالتالي:
"للأسف استرشد جيشنا في شن ضربات على الإرهابيين بإحداثيات قدمها له شركاؤه الأتراك، وما كان ينبغي أن يكون الجنود الأتراك موجودين في هذه الإحداثيات، ولهذا وقعت هذه الضربات غير المقصودة،" هذه التصريحات توحي بوجود مسألة ذات أبعاد أكبر من القضاء والقدر، كما أن تصريحات رئيس أركاننا تزيد من هذه الشكوك:
"جنودنا الذي استهدفوا من قبل الطائرة الروسية متواجدون منذ عشرة أيام في تلك النقطة".
إن قيادة الجيش التركي تزود الجنود بإحداثيات نقطة معينة والجنود يعلمون قياداتهم بإحداثيات تواجدهم، لكن من الصعب حدوث أي خطأ في إعطاء الإحداثيات، إذا هل كان قصف الطيارين الروس للجنود الأتراك متعمدًا؟ لكن المسؤولين يرفضون هذه الفرضية ويقابلونها بالرد.
إذا ما حكاية هذا الأمر؟
إن إعادة إصلاح العلاقات التركية- الروسية وتعاونهما المكثف في سورية ومبادرتهما من أجل إيجاد حلول للقضية السورية بالطرق السلمية ونجاحهما بعقد مؤتمر أستانة قد أزعج المحور الثلاثي: أمريكا وإيران ونظام الأسد، أي أن التقارب والتعاون التركي- الروسي قد أزعج الثلاثة.
كان حصار مدينة الباب من قبل الجيش الحر المدعوم من الجيش التركي نقطة انعطاف حساسة، وعندها صرحت أمريكا بضرورة تأجيل معركة الرقة، وغضت بصرها عن قوافل إمدادات تنظيم داعش من الرقة باتجاه الباب حتى أنها امتنعت عن الدعم الجوي لمعركة الباب متذرعة بحجج واهية، وهذا كله يعكس مدى الانزعاج الأمريكي من التقارب التركي- الروسي.
ومن جهة أخرى فالكل يعلم ما قامت به القوات المدعومة من إيران من خرق لهدنة وقف إطلاق النار أثناء انسحاب قوات المعارضة من حلب وفقا للاتفاقية الموقعة بين روسيا وتركيا.
وبشكل خاص فإن إيران ونظام الأسد ينتظرون بفارغ الصبر توتر العلاقات التركية- الروسية من جديد فهم يسعون بشتى الطرق لتخريب هذه العلاقات، فالوساطة التركية بإقناع روسيا بالجلوس مع فصائل الجيش الحر على طاولة الحوار قد أزعجت إيران وأرّقت نظام الأسد، ولهذا فإن الشكوك بدأت تراود أنقرة بوجود أيادي للنظامين السابقين في الأحداث الأخيرة. كما تنتشر إشاعة أنه ربما قد تم خداع الطيارين الروس أو تزويد الطيارين الروس بإحداثيات خاطئة من قبل أطراف تابعة للنظامين السابقين، ومحادثات الجهاز اللاسلكي تزيد من قوة هذه الشكوك.
يجري التحري عن ماهية هذا الحادث هل هو فخ مقصود أم هو عبارة عن خطأ توجيهي؟ لكن كلا الطرفين (التركي والروسي) يعي ما يحدث وبأن الهدف الأساسي هو زعزعة العلاقات التركية- الروسية، ولهذا فإن الطرفين يعملون على تشكيل غرفة تنسيق مشتركة منعا من حدوث هذا مرة أخرى.
قريبا سوف تكشف كل الحقائق والخفايا المتعلقة بهذه الحادثة.
تترقب إيران ونظام الأسد من جهة وتنظيما الاتحاد الديموقراطي ووحدات حماية الشعب من جهة أخرى أي فرصة سانحة لتدمير العلاقات التركية- الروسية، وعلى الطرفين الروسي والتركي توخي الحذر وعدم إعطائهم أي فرصة للنيل من التحالف والتقارب بينهما.
تحتاج روسيا وتركيا إلى المزيد من التعاون والتنسيق أثناء القيام بعملية الرقة إن دخلت أمريكا على نفس المحور.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس