أردان زنتورك - صحيفة ستار - ترجمة وتحرير ترك برس
في الواقع كل شيء كان واضحاً من استقبال المستشارة الألمانية "ميركل" للانقلابي المصري السيسي فوق السجاد الأحمر. وليس ذلك فحسب, بل استقبلته كل من فرنسا وإيطاليا باحترام كبير, كما استقبله البابا فرانسيس الأول في روما أيضاً, إضافةً إلى العرض المبهر في أثناء استقباله في إسبانيا وقبرص اليونانية أيضاً.
عندما يتعلق الأمر بالمجتمع الإسلامي في الشرق فإن الأوروبيين لا يحبون ممثلي الإرادة الوطنية, إنما يحبون الانقلابيين أو الأشخاص الذين حاربوا الديمقراطية مثل "جميل بايك".
هل هو استشراق سياسي؟ بالنسبة لي ليس كذلك. إنها عبارة عن الاستراتيجية التقليدية للإمبريالية في البحث عن الشخص الخطأ في المكان الصحيح فقط. المكان الصحيح بالنسبة إلى الإمبريالية هو السلطة الرئاسية, أما الشخص الخطأ فهو الديكتاتور الذي لا يضطر إلى إعطاء أيّ من الاعتبار للإرادة الوطنية. حيث يمكنهم إدارة أعمالهم بسهولة من خلال هذه الشخصيات التي تظهر بمظهر الأسد أمام شعبها, وتكون أشباه الهررة خارج حدودها, ويمكن ترويضها بتقديم طبق من الطعام لها "في الاقتصاد نسمّي ذلك بالاستثمار لأن فريق الديكتاتور يكون دائماً بحاجة إلى مال يضيعه في الأشياء الفارغة".
لا تقول هذه الشخصيات "دقيقة واحدة" –كما فعل أردوغان غاضبا في مؤتمر دافوس أمام الرئيس الإسرائيلي السابق "شمعون بيريرز"، بل تفعل كل ما يُقال لها لحماية سلطتها وذلك بسبب عدم شرعيّتها. وذلك أيضاً هو السبب خلف نظرتهم إلى الديمقراطية، والتي يرونها غير لائقة بالمجتمع الإسلامي, وكذلك هذا هو السبب خلف تأليفهم لكتبٍ التي لها هدف محدد، وتطرح أسئلة سخيفة مثل "هل يمكن أن يتعايش الديمقراطية والإسلام مع بعضهما".
لماذا يمكن تطبيق الديمقراطية في الدول التي تُذكر بمحاكم التفتيش الأشبه بالكنائس الكاثوليكية, وتؤمن بأنها تحمي وجودها من خلال طبقة من الرهبان, ولا يمكن تطبيقها في الدول الإسلامية التي تعتمد على مبدأ نظام "الشورى" و "التشاور".
المشهد واضح جدا, لكن لم يريدوا فهمه
أولاً, دعونا ننظر إلى تاريخنا القريب. مجلس شُكّل في 1 يناير / كانون الثاني, يتخذ قراراً بعد محاولة احتلال تمثلت في محاولة انقلاب دامية ليلة 15تموز / يوليو. المجلس الذي اتخذ القرار هو مجلس حاصل على أصوات 97% من الشعب الذي شارك في الانتخابات.
أقرّ المجلس بوجود مشكلة في النظام السياسي, وأشار إلى أنه من الضروري إجراء تعديلات دستورية, ولذلك وجدوا ضرورة الذهاب إلى الاستفتاء الشعبي. في هذه المرحلة, تقوم المعارضة بممارسة حقها في المعارضة الديمقراطية, ويتبادل كل من المؤيدين والمعارضين لتغيير الدستور أفكارهم عبر الوسائل الإعلامية, وتستمر المناقشة حول هذا الموضوع بكل وضوح وشفافية.
إننا نعيش مرحلة تغيير ديمقراطية, ويمكن أن يحدث مثلها في أي من الدول الأوروبية.
علاوة على ذلك, فإن الشيء الذي يدعم هذه المرحلة هو مجتمع يحاول توسيع مفهوم الديمقراطية في بلاده, ويهدف إلى زيادة قوة البلاد السياسية لصد الهجمات العاليمة التي تتعرض لها البلاد, وقام بصد محاولة انقلاب دامية بتقديم العديد من الشهداء في الميادين. أي أنه قام بتتويج استقراره الديمقراطي بمرتبة الشرف.
الشعب التركي لا ينتظر أي دعم أو مساعدة من أحد, إنما ينتظر الاحترام لما قام به فقط، ولكنهم لن يفعلوا ذلك لأن خططهم جميعها باءت بالفشل.
لن ننسى ما قاموا به أبداً
لقد واجهنا خيانة كبيرة. وتمكنا من صد انقلاب تم التخطيط له في مقر حلف الشمال الأطلسي, واتفاق مع الخونة المسربين إلى الجيش التركي. لم يخرجوا من صدمة بطولتنا لمدة شهر, أما التصريحات التي قاموا بها في أنقرة فكانت عادية جداً. حيث اختاروا حماية الانقلابيين بدلاً من إدانة الانقلاب منذ اليوم الأول.
يقومون بحماية الانقلابيين الهاربين إلى أراضيهم, والحليف الأكبر لنا "أمريكا" تقوم بحماية الرأس المدبر للانقلاب, وتعطي الأسلحة الثقيلة لحزب العمال الكردستاني, وتعتقد أننا سنسوق أبناءنا إلى عملية الرقة مع المنظمات الإرهابية. إنهم يحاولون منع اجتماع السياسيين الأتراك مع مواطنيهم, ورفع أصوات زعماء حزب العمال الكردستاني. إنهم يحاولون إخافتنا من خلال إحياء معاهدة سفر مرة أخرى.
استطعنا مواجهة كل ما قاموا به منذ يونيو 2013, وسنتجاوز هذه الظروف أيضاً. هل يمكنهم إيذاؤنا؟ إنهم يملكون القدرة على ذلك, لكنهم لن يتمكنوا من كسر إرادتنا وهزيمتنا.
إنهم يريدون أن نكون دولةً سهلة الاستغلال والسيطرة, ونحن نعطيهم الرد المناسب من خلال الحفاظ على الديمقراطية والحرية في بلادنا.
إنهم يحاولون كسر إرادتنا من خلال دعم مناورات امتداداتهم التي لا نهاية لها داخل تركيا, ونحن نقف باستقرار.
لن ينجحوا في ذلك. ويتوضح أنهم استوعبوا ذلك من خلال قراراتهم البعيدة عن الديمقراطية في إطار الحظر. إنهم يخونون الديمقراطية بشكل واضح.
اعلموا أنهم لن يتوقفوا, وسيقومون بتمهيد الطريق لتطورات جديدة أكثر خطورة, ويتخذون خطوات جديدة لإرباك هذا الشعب.
قفوا بحزم وقوة. سننتصر مرة أخرى.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس