ترك برس
رأى الكاتب والمحلل السياسي، حسان حيدر، أن واشنطن تعرف أنها لا تستطيع الاستغناء عن أنقرة في المدى البعيد، وأنها لا بد من أن تعيد تقويم سياستها إزاء الأكراد بعد انتهاء معركة الرقة.
وفي مقال له بجريدة الحياة اللندنية، أشار حيدر إلى أن إرسال قوة رمزية أميركية إلى مدينة منبج شمالي سوريا لمنع الأتراك من مهاجمتها، كان دليلاً على التزام إدارة دونالد ترامب أولوية "القضاء على داعش" التي اعتُمدت في عهد باراك أوباما.
وأضاف أن الرئيس الأميركي الجديد يحتاج كثيراً، وبسرعة، إنجازاً خارجياً يغطي تعثره في الداخل حيث يخوض معركة خاسرة حتى الآن مع الصحافة والقضاء وهيئات حماية البيئة، ويتعثر في مقارباته للسياسة الخارجية.
وأوضح حيدر أنه على رغم أن الموقف الأميركي يخذل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وسعيه الحثيث إلى وأد احتمال قيام أي نوع من "الاستقلال" الكردي في مناطق شمال سورية، فإن واشنطن تعرف أنها لا تستطيع الاستغناء عن أنقرة في المدى البعيد، وأنها لا بد من أن تعيد تقويم سياستها إزاء الأكراد بعد انتهاء معركة الرقة، وهي مهمة قد تكون صعبة وتتوقف على ما سيقرره الأتراك.
وتابع: مع أن الأميركيين استثمروا في تدريب الأكراد وتزويدهم أسلحة خفيفة وقدموا لهم دعماً مالياً ولوجستياً، مع معرفتهم بأن "وحدات حماية الشعب" بزعامة صالح مسلم تربطها علاقات قوية بنظام بشار الأسد، فإن الأكراد عملياً يسددون سلفاً ثمن علاقتهم بالولايات المتحدة التي لم تعدهم يوماً بدعم حكم ذاتي لهم، لكنها لم تعلن أيضاً معارضتها لمثل هذا الاحتمال في أي تسوية مستقبلية للوضع في سورية.
وأردف الكاتب: على أمل أن "يقبضوا" لاحقاً ولو بالتقسيط، يشارك الأكراد بفاعلية في القوة التي ترعاها أميركا وتحضرها للهجوم على الرقة إلى جانب قوات عشائرية عربية تحت مسمى "قوات سورية الديموقراطية"، ويلتزمون الخطط الأميركية، وكذلك أي اتفاقات يتم التوصل إليها بين الولايات المتحدة وروسيا حول دورهم ومناطق انتشارهم.
واعتبر أن الأكراد يستغلون في الوقت ذاته علاقتهم بدمشق وموسكو للدفع في اتجاه مواجهة بين الجيشين السوري والتركي تخفف عنهم ضغوط أنقرة، مبينًا أن تلافي مثل هذا الاحتمال كان السبب الرئيس في انعقاد الاجتماع العسكري الثلاثي بين روسيا وتركيا والولايات المتحدة في أنطاليا قبل أيام.
وأشار حيدر إلى أن واشنطن تعرف أن الهجوم على الرقة يتطلب حشداً واسعاً للمقاتلين المحليين على الأرض لأنها غير قادرة على الزج بأعداد كبيرة من الجنود الأميركيين، ومضطرة إلى الاكتفاء ببعض وحدات من القوات الخاصة لقيادة العمليات وتوفير الدعم.
لكنها في الوقت ذاته لا ترى في الأكراد قوة رئيسية يمكن الاعتماد عليها في السيطرة على المناطق المستعادة من "داعش"، بسبب ضآلة عدد المقاتلين نسبياً (30 ألفاً في أفضل تقدير) وضعف تسليحهم، وهو رقم بالكاد يكفي لتوفير الأمن في المناطق التي يقيم فيها الأكراد حالياً "إدارة ذاتية".
وقال: بل يدرك الأميركيون أنهم ربما يحتاجون إلى نشر قوات تركية في الرقة بعد تحريرها، وأنهم لا يستطيعون الاستغناء عن التسهيلات العسكرية التركية لاستمرار انتشارهم ونفوذهم في المنطقة وموازنة القواعد الروسية في سورية.
ومضى يقول: إذا كان الأميركيون حريصين على طمأنة أنقرة إلى أن سياسة تفضيل الأكراد ليست سوى إجراء موقت، وأن العلاقة معها استراتيجية وتتجاوز الحرب على "داعش"، فإن تركيا في المقابل ربما وجدت في الموقف الأميركي الذريعة التي تفتش عنها للامتناع عن المشاركة بقواتها في المعركة، التي يتوقع أن تكون حامية جداً وخسائرها كبيرة على الأطراف جميعاً، على أمل اضطرار الأميركيين إلى طلب مساعدتها في حال تعثرت حملتهم.
وفي وقت سابق اليوم، جدد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، الخميس، إصرار بلاده على ضرب الميليشيات الكردية الإرهابية شمال سوريا في حال استمرار بقائهم في مدينة منبج بريف حلب الشرقي.
وقال جاويش أوغلو في هذا الخصوص "هدفنا بعد الباب هو مدينة منبج، وصرّحنا سابقًا أننا سنضرب حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD ذراع حزب العمال الكردستاني في سوريا) في حال وجدنا عناصره فيها عندما نصل إليها".
وفيما يتعلق بالحملة العسكرية المحتملة ضدّ تنظيم داعش الإرهابي في محافظة الرقة، أكّد جاويش أوغلو أنّ المحادثات مع الأطراف المعنية مستمرة في هذا الشأن.
وتابع الوزير التركي قائلاً "في حال عزمت روسيا على حماية حزب الاتحاد الديمقراطي في منبج وغيرها، فإنّ هذه ستكون مشكلة بالنسبة لنا، وسنعارض ذلك بكل تأكيد، بالمقابل فإننا سندعم أي محاولة روسية تهدف إلى تطهير المناطق من عناصر هذا التنظيم".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!