طه عودة - خاص ترك برس
تحاول بعض القوى الخفية في تركيا وخصوصا العلمانية الوقوف في وجه رجب طيب إردوغان الرئيس التركي الحالي ومؤسس حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتمتع بقاعدة شعبية واسعة خصوصا بين الأتراك المحافظين والمعتدلين...
ولخدمة أهدافها، تستخدم هذه القوى كافة الأساليب القانونية المباحة وغير المباحة من أجل تقييد حركة إردوغان السياسية، في الوقت الذي يرى فيه العديد من الأتراك المنقذ الوحيد لهم من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتفشية في البلاد في ظل انعدام البدائل السياسية.
وتتبع هذه القوى خطة معينة تسير عليها وفق مراحل من أجل القضاء على هذا الرجل تدريجيا، وهي في ذلك، تشبه التاجر المفلس الذي غدا يبحث في دفاتره القديمة عله يجد ما ينقذه من ورطته، ذلك لأنهم يدركون جيدا أنهم لو تركوا الحبل متدليا لسحق هذا الزعيم المعتدل كافة منافسيه.
حزب العدالة والتنمية التركي والتعايش مع العلمانية:
لقد نجح حزب العدالة والتنمية التركي بصورة غير مسبوقة داخليا وخارجيا خلال السنوات ال15 الماضية من وصوله للسلطة في تغيير مفاعيل الزلزال العلماني كبداية حقيقية لعودة إلى الدين والتراث والأصالة...
لا يمكن للمرء أن يحول نظره وهو يتأمل المشهد الإسلامي في ظل حكم حزب العدالة والتنمية بمعظم المجالات الرئيسية بل يمكن القول بأن وجه تركيا ونبضها تغيرا بما وصف بأنه ثورة صامتة اجتاحت الأناضول ونظفته من صورته المعتمة.
الرئيس التركي وزعيم الحزب سابقا رجب طيب إردوغان بدهائه نجح في تجنب المصير الذي لحق بالأحزاب الإسلامية السابقة ودفع بالحزب إلى الواجهة وبالتالي إلى الانتصار الكبير الذي حققه في كافة الانتخابات البرلمانية الماضية.
نعم؛ إردوغان دخل كلاعب سياسي في الديمقراطية التركية وهذا بحد ذاته كان كفيلا بلجم اندفاع الإسلام السياسي لترجمة الانتصار وكأنه بداية صحوة إسلامية في بلاد الأتراك.
اقتصاديا؛ نجح الحزب في كسر التضخم للمرة الأولى منذ ثلاثين عاما بينما ارتفعت نسبة النمو وتدفقت الاستثمارات الخارجية الغربية والإسلامية، ونجحت تركيا في ظل هذا الحزب بالمحافظة على سياسة توازنات دقيقة وسط أمواج متلاطمة في محيطها.
انتصارات إردوغان..
من انتصارات إردوغان وحزبه أنه استطاع لأول مرة في تاريخ تركيا العلماني تأليب الرأي العام على المؤسسة العسكرية وتدخلاتها وجعل من ديكتاتورية العسكر السبب في عدم التحاق تركيا بالاتحاد الأوروبي مع تأكده بأن موقع تركيا ليس غرب لكنه أجاد اللعبة السياسية في إحراج العسكر.
إردوغان صاحب القصيدة التي تتحدث عن "المآذن والقباب كخوذ ومتاريس" يسير ببطء لكن بخطوات واثقة ومحكمة باتجاه كسب ود الشارع التركي المسلم وإعادة الروح الإسلامية لهذا الشعب.
هذا الرجل خرج عن إطار التصريحات المبذولة للاستهلاك المحلي وتبنى موقفًا دفاعيًا محضًا يميل إلى التهدئة وتبديد المخاوف من احتمال تطبيق النموذج الإسلامي في الحكم وهذا يحسب لصالحه لأن قواعد اللعبة وطبيعة المفاجأة التي أحدثها وصول حزب العدالة والتنمية إلى البرلمان بهذه القوة وهذا الزخم تقتضي اللعبة بطريقة هادئة لا تثير حفيظة العلمانيين في ظل الحرب الشرسة ضده حاليا بسبب التعديلات الدستورية.
وختاما.. على الرغم من كل المحاولات التي بذلتها النخبة العلمانية لقطع الطريق أمام أردوغان تخوفا من تفرده بالسلطة إلا أنه ما زال يتمتع بشعبية كبيرة الأمر الذي يجعل تلك النخبة متربصة للانقضاض عليه حينما تجد الفرصة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس