إيشان ثارور - الواشنطن بوست - ترجمة وتحرير ترك برس

ذهب وزير الخارجية ريكس تيلرسون إلى أنقرة يوم الخميس في رحلة ذات أهمية جيوسياسية. حيث تكون الدولتان ضمن تحالف هام طويل الأمد- كون تركيا تفتخر بكونها ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي بعد الولايات المتحدة- وتحتاج إدارة ترامب تركيا في سعيها لهزيمة تنظيم الدولة "داعش".

ولكن كانت العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا على شفير الهاوية في السنوات الأخيرة. وقد هاجم الرئيس رجب طيب أردوغان- وهو شخصية قوية وهامة- إدارة أوباما وحلفائه عبر وسائل الإعلام التركية، متهمًا الإدارة الأمريكية بالتواطؤ في محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز/ يوليو الماضي. وتلقي الحكومة التركية باللوم بشأن الانقلاب على فتح الله غولن- وهو رجل دين تركي مسن الذي عاش في المنفى في بنسلفانيا منذ ما يقرب من عقدين.

وفى الشهور التي تلت محاولة الانقلاب، ترأس أردوغان تطهيراً واسعاً لمؤسسات الدولة والمجتمع المدني. وأدت الحملة إلى إدانة الحكومات في أوروبا، الأمر الذي أدى إلى تعميق العداء العام لأردوغان تجاه الغرب.

وهنا القصة مع الأخذ في الاعتبار أن تيلرسون يلتقي مع أردوغان ومسؤولين رئيسيين آخرين.

شبكة من المؤامرات والعملاء

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأربعاء أنه سيطرح مسألة تسليم غولن في اجتماعه مع تيلرسون. حيث تكون السلطات التركية مقتنعة أن غولن مذنب، لكن يطرح مسؤولون في الغرب ظلالًا من الشك بشأن مشاركة رجل الدين المباشرة في مؤامرة الانقلاب. كما يخشون أنه لن يتلقى محاكمة عادلة في تركيا.

وقال تقرير صادر عن لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني الأسبوع الماضي إنه على الرغم من أن "هناك أدلة تشير إلى أن بعض أفراد غولن كانوا متورطين، إلا أن الأمر في معظمه يقتصر على قصص".  كما أنه ليس من الواضح ما يعتزم البيت الأبيض فعله بشأن وجود غولن في الولايات المتحدة. بيد أنه لدى إدارة ترامب مجموعة من الاتصالات الغريبة مع أردوغان ومساعديه.

وقد تم دفع مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين للضغط على أنقرة حتى في الوقت الذى ساعد فيه حملة ترامب العام الماضي. ووفقاً لمدير وكالة المخابرات المركزية السابق جيمس وولسي، عقد فلين اجتماعات مع مسؤولين أتراك في العام الماضي، وناقش سبل إزالة غولن من الولايات المتحدة - ربما خارج عملية التسليم المقررة.

يذكر أن عمدة مدينة نيويورك السابق رودولف جولياني والمدعي العام الأمريكي السابق مايكل موكاسي-وهما مؤيدان قويان لترامب- هما جزءًا من فريق الدفاع الذى يمثل رضا سراب تاجر الذهب التركي الإيراني المتهم بتهمة تحويل ملايين الدولارات إلى إيران بشكل غير مشروع في انتهاك للعقوبات المفروضة على إيران. وقد اعتقل في العام الماضي بينما كان في رحلة عائلية إلى عالم ديزني، واعترف بعدم إدانته بالتهم الموجهة إليه.

جاء أردوغان لدعم سراب، مدعيًا أن اعتقاله واحتجازه في الولايات المتحدة لدوافع سياسية. وساءت الصورة هذا الأسبوع عندما اعتقلت السلطات الأمريكية نائب مدير عام هالكبانك، أحد أكبر البنوك المملوكة للدولة في تركيا؛ وذلك بسبب قضية سراب. وقال جاويش أوغلو لوسائل الإعلام التركية أنه سيثير هذه المسألة مع تيلرسون.

الفوضى في سوريا

السبب الرئيسي وراء زيارة تيلرسون هو المعركة ضد تنظيم الدولة "داعش". حيث يخشى المسؤولون الأتراك من دعم واشنطن المستمر للأكراد السوريين والميليشيات العربية المتحالفة معهم؛ لأن الولايات المتحدة ستعتمد على تلك الجماعات خلال الهجوم القادم على الرقة.

تعتبر أنقرة وحدات حماية الشعب- الفصيل الكردي السوري البارز- امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا، لأن هذا الحزب جماعة كردية انفصالية في تركيا شنت تمرداً على مدى عقود ضد الدولة التركية. وقد أجرت تركيا مؤخراً عمليتها العسكرية الخاصة في سوريا، والتي يشير المراقبون إلى أنها كانت تقتصر على الحد من مكاسب وحدات حماية الشعب ودعم الجيش السوري الحر في معركته ضد داعش.

في الغالب كانت الحرب السورية كارثة استراتيجية لتركيا. حيث طالب أردوغان بصوت عال بالإطاحة ببشار الأسد، وسمح ضمناً لمجموعة من فصائل الثوار بالعمل على طول الحدود التركية السورية. وأدى ذلك إلى رد فعل بغيض، بما في ذلك موجة من الهجمات الإرهابية المرتبطة بتنظيم الدولة "داعش" على الأراضي التركية.

الآن تعمل تركيا مع روسيا وإيران- حليفي الأسد القويين- على إيجاد حل دبلوماسي للحرب السورية. والأمل قائم على تبني تيلرسون ومسؤولين إداريين آخرين هواجس بشأن هيمنة وحدات حماية الشعب.

قبضة أردوغان على السلطة

يصل تيلرسون قبل أسابيع فقط من استفتاء يقرر فيه الأتراك ما اذا كان سيتم إلغاء الديموقراطية البرلمانية لصالح نظام رئاسي يعزز سلطة أردوغان. وحتى لو لم يجري تصويت 16 نيسان/ أبريل لصالح أردوغان، لا يزال هو وحزبه: حزب العدالة والتنمية يهيمنان على المشهد السياسي في البلاد.

عن الكاتب

هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!

مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس