محمد أوجاكتان -صحيفة قرار- ترجمة وتحرير ترك برس
إن استهداف أمريكا لمطار الشعيرات في سوريا بـ 59 صاروخا، لاقى دعما تركيا كبيرا، ولكن في الوقت نفسه جاءت التصريحات على أنّها غير كافية، وذلك لكون مشهد قتل الأطفال من قبل "النظام السوري والحكومة الروسية" بغاز السارين كان عبارة عن لوحة تحمل قدرا كبيرا من الوحشية التي كانت عارا باسم الإنسانية.
وبينما عبّرت بريطانيا وفرنسا وتركيا والمملكة العربية السعودية عن ترحيبها بالضربة التي وجهها ترمب، فقد أزعجت الضربة ذاتها كلّا من إيران وروسيا، وهذا المشهد يعكس مدى رغبة الولايات المتحدة الامريكية بتولّي دور فعّال في سوريا.
وجدنا بعد الضربة أنّه ليست الدول فقط مهتمة بالضربة الأمريكية، إنما وسائل الإعلام التركية أيضا كانت بانتظار بدء هذه التحركات في سوريا، إذ في لحظة واحدة انقلب الإعلام من العزف على وتر روسيا، إلى طرح الرؤى التي تفيد بأنّ ضربة ترمب في مطار الشعيرات تشير إلى أنّه لن يبقى أي شيء على ما هو عليه في الساحة السورية، وأن مؤشرات التغيير ألقت بظلالها.
لا شك في أنّ الضربة الأمريكية لم تكن بالضربة التي تستدعي الانتقاد والاستغراب، فكل تحرّك من شأنه أن يوقف أو يخفف من وحشية الأسد سيكون خطوة إيجابية لها أهميتها في الجانب الإنساني. لأنّ المنطق يقتضي مبادرة القوى العالمية إلى تضميد الجراح في حالة وجود منطقة تعاني من حوادث ووقائع منافية للإنسانية، على الرغم من أنّ المحصلة النهائية، وورقة النتائج الخاصة بالقوى العالمية فيما يخص مبادراتها ضد الإرهاب، أو الوقائع غير الإنسانية سيئة للغاية. وللأسف القوى العالمية بما فيها مجلس الامن لا يبادرون لطالما أنّ الوجع لا يعنيهم.
ومن هنا مع الاعتراف بأهمية الضربة الأمريكية، إلا أنّ إخبار الولايات المتحدة الجانب الروسي بالضربة قبيل القيام بها، أدى إلى إضعاف العملية، وإظهارها غير مجدية في حل المشكلة السورية، أو التخفيف من الألم ولا سيَما أنّه لا توجد دلائل مادية تشير إلى تغيّر السياسة الأمريكية في سوريا، أو تشير إلى احتمالية تغيّرها في المستقبل. وبتعبير أدق لا يمكن لأحد أن يخمّن فيما إذا كانت لدى ترمب سياسة واضحة في هذا الصدد أم لا. وقد يكون ترمب أراد من خلال الضربة أن يثبت للعالم باستمرار فاعلية الدور الأمريكي في سوريا، أو لكي يبعد ترمب عن نفسه بعضا من اللوم الذي يلقى عليه فيما يخص الملف السوري.
من المؤكّد أن الضربة الأمريكية الوحيدة على سوريا لن تكون كفيلة بردع الأسد وصدّه عن القتل. ما الذي سيحدث بعد الآن في سوريا؟ الجواب: روسيا وأمريكا من دون أن يتعرضا لبعضهما البعض سيكملون السير في سوريا، ولكن بأي اتجاه؟ الزمن وحده الذي سيكشف عن التطورات.
ولكن الغريب في الأمر هو أن تقوم بعض الجهات في تركيا من دون القراءة الواضحة لتوازنات القوى في سوريا بتغيير آرائهم وتصريحاتهم. إذ ادّعى البعض أنّ الاتفاقية الثلاثية بين روسيا وإيران وتركيا من شأنها أن تؤدي إلى حلول في سوريا، ولكن ما إن حدثت الضربة الأمريكية حتى نظروا إلى أمريكا على أنّها المنقذ.
وهذا يدل على أنّ التحليلات التي ظهرت إلى الآن والتي تفيد بأن كل حل من دون أمريكا وروسيا أمر ممكن، هي تحليلات باطلة ولا أهمية لها، وهذا بدوره يقود إلى أهمية أن تتعامل تركيا مع الفاعلين الرئيسيين في السياسة الخارجية، فيما يخص الشأن السوري..
أثبتت التجارب الأخيرة أنّ المتزحزحين من أماكنهم مهما غيّروا في آرائهم، سيعودون حتما إلى الثابتين في مواقفهم، وسيتبنى أولئك المتزحزحين تلك المواقف الثابتة.
وبناء على ما سبق من الخطأ أن تنتظر تركيا من روسيا وأمريكا مراعاة حساسيتها فيما يخص القضايا الأمنية في سوريا.
يبدو أنّه علينا بدلا من التساؤل: ما الذي تفعله أمريكا في سوريا؟ أن نعتمد على قوتنا وإمكانياتنا من خلال الوسائل الاستراتيجية المتاحة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس