ترك برس
في خطوة لاقت اهتمامًا كبيرا على الصعيد العالمي، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، صبيحة الاستفتاء الدستوري الأخير، زيارة إلى أضرِحة الصحابي الجليل "أبي أيوب الأنصاري"، والسّلاطين "محمد الفاتح" و"سليم الأول (يَاووز)"، في مدينة إسطنبول.
ورافق السيد الرئيس أردوغان، في زيارته الهامة إلى الأضرحة كل من رئيس مجلس الأمة إسماعيل قهرمان، ووزير الطاقة والموارد البشرية بِيرات ألبَيرق، ووَالي إسطنبول واصب شاهين، ورئيس بلدية إسطنبول قادر طوباش.
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات في تركيا عن فوز أنصار "نعم" للتّعديلات الدستوري بنسبة 51.4% مقابل 48.6% صوتوا بــِ"لا" من المقترعين في الاستفتاء العام الذي أجري يوم الأحد الماضي.
الإعلامي المصري الشهير أحمد منصور، استعرض تقييما حول هذه الخطوة، عبر تقرير تحليلي نشرته صحيفة الوطن القطرية، أشار فيه إلى أن نتيجة الاستفتاء الشعبي جاءت مخيبة لآمال دول أوروبية كثيرة وعلى رأسها ألمانيا والتي حاولت إفشال التصويت لصالح التعديلات الدستورية.
وقال منصور إن خطوة أردوغان صبيحة الاستفتاء بزيارة قُبور الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري ومحمد الفاتح فاتح القسطنطينية والسلطان سليم السابع من سلاطين آل عثمان الذي قمع الصفويين وكاد يقضي عليهم، ثم قام بزيارة قبور كل الذين حاولوا تغيير النظام العلماني طوال القرن الماضي عدنان مندريس ونجم الدين أربكان وتورغوت أوزال ليؤكد العودة بتركيا لهويتها الإسلامية وأن هذه إحدى أهم نتائج الاستفتاء كما فهِمه الغربيون.
من جهة أخرى، رأى أن من أكبر النتائج التي حققها الاستفتاء على الدستور التركي الجديد هي تصويت الشعب التركي ضد أوروبا التي أنفقت المليارات من أجل أن يصوت الشعب بلا على الاستفتاء، فبعد المحاولة الانقلابية الفاشلة سعت الدول الغربية بشكل مفضوح للقضاء على طموحات تركيا في أن تصبح دولة قوية تنافس الدول الأوروبية في كافة المجالات.
وأكّد أن معظم هذه الدول وعلى رأسها ألمانيا حشدت معظم طاقتها الاعلامية والسياسية من أجل إفشال الاستفتاء ومن ثم إدخال تركيا في دوامة من التشتت والخلافات، ورغم أن نتيجة التصويت لم تكن كبيرة لمن قالوا نعم إلا أن هذه هي الديمقراطية، فقد خسر كثير من المرشحين في الغرب مقاعِد الرئاسة على بضع مئات من الأصوات.
وأضاف: من ثم فإن اللعبة الديمقراطية توجب على من يمارسونها الرضوخ لقرار الشعب في النهاية، لكن هذا القرار الذي اتخذه الشعب التركي لم يكن هزيمة للمعارضة فقط وإنما الهزيمة الأكبر كانت لأوروبا التي وقفت بعناد وصراحة ضد التعديلات الدستورية ليس لأنها سترسخ النظام الرئاسي الديكتاتوري كما يدعون ولكن لأنها قضت على الدستور العلماني الذي قضى الأوروبيون ما يزيد على مائتي عام من أجل ترسيخه في تركيا، مائة عام من العمل ضد الدولة العثمانية حتى أسقطوها ومائة عام من دعم العلمانية ضد هوية تركيا المسلمة حتى تبقى في الحضن الغربي.
لذلك فإن القضية - بحسب منصور - ليست النظام الرئاسي لأن أردوغان في النهاية لن يبقى في الرئاسة إلى الأبد وإنما سيبقى فترتين ويأتي غيره لكن القضية هنا هي القضاء على الدستور العلماني الذي ظل يحكم تركيا منذ سقوط الخلافة العثمانية وحتى الآن.
وتابع: أما اتهام أردوغان بممارسة الديكتاتورية حتى وإن مارسها بكل أشكالها فإنه في النهاية وفق هذا الدستور سيرحل والشعب التركي الذي وقف ضد الانقلاب العسكري وأفشَله بشكل تاريخي لن يسمح لديكتاتور أن يحكمه فكما خرج الناس وصوتوا له سيخرجون عليه إن وجدوه يتجاوز حدود الصلاحيات التي منَحوها له.
وشدّد على أن الضجة كلها سواء من المعارضة أو من الغرب ليست على النظام الرئاسي على الإطلاق لأنه نظام مستقبلي لأي رئيس يمكن أن يحكم تركيا وأردوغان مرحلة محكومة بسنوات معدودة ولكن القصة كلها هي قصة العلمانية التي نجح أردوغان خلال خمسة عشر عاما من أن يَقبرها بشكل كبير وأن يحدث تحولا كبيرا في الهوية الدينية والثقافية والسياسية للشعب التركي جعلت أوروبا تخشى من هذا الشعب الذي كان لها معه تاريخ طويل من الحروب.
فقد نجح الأتراك في حصار فيينا والوصول إلى أطراف باريس وما زال أحفادهم في شرق أوروبا يشكلون أغلبية السكان في البوسنة والهرسك وألبانيا وكوسوفا، كما توجد نسبة كبيرة من المسلمين الأتراك في معظم دول أوروبا الشرقية حافظوا على دينهم وهويتهم رغم الأنظمة الشمولية الشيوعية التي حكمت هذه البلاد، باختصار لقد صوت الشعب التركي ضد دستور أتاتورك وقرروا العودة لهويتهم.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!