يحيى بستان - صحيفة صباح - ترجمة وتحرير ترك برس
من الممكن أن يتم التصويت على انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في استفتاء آخر ما لم يتخذ المسؤولون الأوروبيون خطوات ملموسة.
وصلت العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي إلى أدنى مستوياتها. فقبل الاستفتاء الدستوري في 16 نيسان/ أبريل حاولت دول الاتحاد الأوروبي التدخل في التصويت التاريخي من خلال انحيازها علنًا لحملة "لا". وكجزء من جهودها لوقف الإصلاح الدستوري، رفضت الحكومة الهولندية حقوق الهبوط لوزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ومُنِعَتْ وزيرة الأسرة والسياسة الاجتماعية فاطمة بتول سايان كايا من الوصول إلى القنصلية التركية في روتردام. وفي انتهاك للاتفاقيات الدبلوماسية، تم احتجاز السيدة كايا في سيارة لمدة ست ساعات. وما حدث هو عمل عدواني لا يتعرض له حتى ممثلو الدول المعادية. وفي الوقت نفسه، اتخذت ألمانيا عددًا من الخطوات لفرض حظر تعسفي على المظاهر العلنية لأعضاء حزب العدالة والتنمية.
وفي الوقت نفسه، حظر البرلمان الأوروبي توزيع صحيفة الصباح التركية في أماكن عملهم. وإن ما حدث خلال الأشهر القليلة الماضية أدى إلى ارتفاع مستوى التوتر غير المسبوق بين أنقرة وبروكسل.
ومع ذلك، لن يكون نهج أوروبا في الاستفتاء وحده كافيًا لمعرفة ما يحدث. في الحقيقة، يعتقد الأتراك لبعض الوقت أن الاتحاد الأوروبي لم يكن صادقًا معهم. فعلى سبيل المثال، فشلت بروكسل بشكل واضح في دعم حملة تركيا لمكافحة الإرهاب، حيث تم منح أعضاء في حزب العمال الكردستاني ملاذًا آمنًا في العواصم الأوروبية. وفي ألمانيا وحدها، يُعتقد أن المجموعة لديها أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل - رفضت السلطات الألمانية اتخاذ إجراءات بشأنهم.
ومما زاد الأمور سوءًا أن "جماعة غولن"، وهي الجماعة الإرهابية المسؤولة عن محاولة الانقلاب في الصيف الماضي في تركيا، اتبعت نهج حزب العمال الكردستاني في الاختباء في الدول الأوروبية التي لم يكن لديها رغبة واستعداد في إعادتهم إلى تركيا. لا نتحدث عن منطقة قانونية رمادية: حتى متآمري الانقلاب، الذين هربوا إلى اليونان على متن طائرة عسكرية هليكوبتر بعد فشل محاولة الانقلاب، لم يتم تسليمهم للسلطات التركية. من الواضح أن أيًا مما سبق غير مقبول.
كما لم يقتصر نفاق الاتحاد الأوروبي على مكافحة الإرهاب. وقد أُصِيبَ الأتراك بالإحباط بسبب فشل أوروبا في الوفاء بالتزاماتها فيما يتعلق باللاجئين السوريين والسفر بدون تأشيرة. ولا تزال اتفاقية اللاجئين بين تركيا والاتحاد الأوروبي، التي تم التوقيع عليها في آذار/ مارس 2016 سارية المفعول مع استمرار أنقرة في إنهاء صفقة التفاوض. ومع ذلك، لا تزال دول الاتحاد الأوروبي غير قادرة على الوفاء بوعودها: على الرغم من تعهد بروكسل بتقديم ما يصل إلى 6 مليارات يورو من المساعدات المالية للاجئين السوريين في تركيا، فإن المساهمة الفعلية بلغت 677 مليون يورو - أي أكثر بقليل من 10 بالمائة من ما وعدت به. وعلاوة على ذلك، تعهد الاتحاد الأوروبي بتحرير التأشيرات للمواطنين الأتراك بحلول حزيران/ يونيو 2016. وعلى الرغم من أنه تم منح مواطنين من جورجيا- التي ليست حتى بلدًا مرشحًا- سفر بدون تأشيرة، فإن الأتراك ما زالوا محتجزين في غرفة الانتظار.
وهناك عدد من القضايا الأخرى التي تسببت في توترات بين أنقرة وبروكسل، ولكن الأزمة الحالية تتلخص في نهاية المطاف إلى أن الاتحاد الأوروبي يعرقل الأتراك. في الوقت الحاضر، من المفهوم أن الحكومة التركية تسأل عما إذا كانت أي دولة أخرى تنتظر 53 عامًا للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي. ومما يؤسف أن تركيا وحدها من تم التعامل معها بمثل هذا الاحتقار.
وغني عن القول إن الأوروبيين يعرفون أيضًا أن علاقاتهم الحالية مع تركيا لا يمكن تعزيزها. وحتى الآن، لم تكن بروكسل ولا أنقرة تريدان أن تنهيا المحادثات. ولكن تغيرت الأمور منذ أن بدأت تركيا العملية.
في الوقت الذي تتزايد فيه شعبية كره الأجانب والتطرف اليميني في أوروبا والتشكيك في فكرة أوروبا الموحدة في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لا أحد يتوقع أن تلتزم بروكسل بشراكة أوثق مع تركيا. كما ينبغي ألا يُتوقع من الأتراك أن ينتظروا ما يخالف إيمانهم وأن يتجاهلوا أنه ليس باستطاعة الاتحاد الأوروبي- الذي هو الآن أضعف من أي وقت مضى- أن يساهم إسهامًا إيجابيًا في بلدهم تركيا.
بالمضي قدمًا، أين تسير العلاقة؟ قبل استفتاء 16 نيسان/ أبريل، تعهد السياسيون الأتراك بإجراء محادثات جادة مع الاتحاد الأوروبي. وأشار الرئيس رجب طيب أردوغان إلى أن محادثات العضوية لا يمكن أن تستمر على هذا النحو، واقترح إجراء استفتاء للسماح للشعب بتحديد مصير محادثات العضوية. واستنادًا إلى محادثاتي مع كبار المسؤولين الأتراك، هذا هو المكان الذي يقف فيه الأتراك الآن: ستعقد تركيا اجتماعًا نهائيًا مع الاتحاد الأوروبي لمعالجة المشاكل الملحة. ويتوقعون من الأوروبيين اتخاذ خطوات ملموسة بدلًا من التوصل إلى ردود مفتوحة. وما لم يتم التوصل الى اتفاق، سيُجرى استفتاء في تركيا ليطلب من الشعب ما إذا كانوا يرغبون في إجهاض محادثات العضوية. وإذا دعا الشعب الحكومة التركية إلى وقف المحادثات فإن أنقرة ستحاول تطوير نوع جديد من العلاقات مع أوروبا لا يستتبع عضوية الاتحاد الأوروبي. بطريقة أو بأخرى، تقترب لحظة الحقيقة بسرعة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس