ترك برس
قال رئيس الوزراء التركي السابق البروفيسور أحمد داود أوغلو، إن النظام العالمي شهد أربعة زلال كبرى أدت بشكل خطير إلى صعود الأنظمة الاستبدادية الشعبوية، والفردانية، والأحادية، والسعي الأناني وراء مصالح قومية محددة على حساب القيم والصالح العام.
وفي مقال له بموقع (21st Century Global Dynamics)، قال داود أوغلو الذي شغل أيضًا منصب وزير خارجية تركيا قبل سنوات، إن أول زلزال هز النظام العالمي كان زلزالاً جيوساسياً جاء بعد الحرب الباردة. في تلك الفترة، أُعيدَ رسم خريطة أوراسيا، وانتهت جغرافيا الحرب الباردة السياسية، وانبثقت دولٌ جديدة.
وأضاف داود أوغلو: "ومع انهيار الكتلة الشيوعية، ذات البناء السياسي الاستبدادي، تصدرت المشهد في وسط أوروبا وشرقها موجة جديدة لإرساء الديمقراطية، بالإضافة إلى مبادراتٍ إقليمية مثل الاتحاد الأوروبي"، وفق ترجمة موقع "هافينغتون بوست عربي".
وتابع: "بعد أكثر من عقدٍ من الزمان، شهد النظام العالمي زلزالاً أمنياً، وهو أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول عام 2001. وبعد أن كانت قيمٌ كالحرية والديمقراطية في قلب الزلزال الجيوسياسي، تمحور الإطار المفاهيمي الأساسي بعد 11 سبتمبر/أيلول حول قضية الأمن، خالقاً بذلك مناخاً من العداء والقلق وانعدام الثقة على المستوى العالمي".
وبحسب داود أوغلو، كان ثالث هذه الزلازل الكبرى، والذي كان أثره ملموساً بدرجةٍ أكبر، هو الزلزال الذي ضرب الأنظمة الاقتصادية، أولاً في الولايات المتحدة عام 2008، ثم أزمة اليورو عام 2010، والأزمة الاقتصادية العالمية.
وأشار السياسي التركي إلى أن الزلزال الكبير الرابع انبثق مع ثورات العالم العربي عام 2010 وما تلاه، وكان ذا طبيعةٍ اقتصادية وسياسية واجتماعية، وحتى يفيَ ذلك الزلزال بوعده الأساسي بمنح الكرامة، والحرية، والديمقراطية، والتقدم الاقتصادي للعرب، سوف يستمر في هز المنطقة كلها حتى جذورها.
وأوضح داود أوغلو أن السياسات المبنية على التخمين والسياسات قصيرة المدى استُخدمت بشكلٍ أساسي في التعامل مع تلك الزلازل؛ لذا فقد ظلت دون حل، ومهدت الطريق لما يحدث الآن: زلزال نظامي يتمثل في موجةٍ عارمة من التطرف، تتراوح ما بين العمليات الإرهابية التي تنفذها جماعاتٌ مثل داعش، وبين الطفرة الشعبوية في الانتخابات الأخيرة في الولايات المتحدة وأوروبا.
وأكّد أن إحدى أخطر تبعات تلك الزلازل هي صعود الأنظمة الاستبدادية الشعبوية، والفردانية، والأحادية، والسعي الأناني وراء مصالح قومية محددة على حساب القيم والصالح العام.
وأردف: "على صعيدٍ أكثر شخصية، كانت تركيا في قلب كل تلك الزلازل. وبصفتي أكاديمياً قضى جزءاً كبيراً من حياته الأكاديمية والفكرية في البحث عن جذور تلك الزلازل، وبحُكم عملي لاحقاً وزيراً للخارجية ورئيساً لوزراء تركيا، وهو عملٌ اضطررتُ فيه لإقرار بعض السياسات استجابةً لتلك الأحداث الجسام".
ومضى داود أوغلو: "أدركتُ وجود نمطٍ من الاستجابات قصيرة المدى، والقومية الرجعية، والإقليمية، والعالمية، فاشل في التعامل مع أسئلةٍ أشمل، تخص الحوكمة العالمية، والنظام الشامل".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!