سيما نعناعة - خاص ترك برس
في ظل مباحثات الدستور الجديد والنظام الرئاسي في تركيا، ومع انتهاء الجولة البرلمانية الأولى للتصويت على المواد الـ 18، التي سيتم تعديلها على الدستور الجديد، تبقى تساؤلات كثيرة حول صحة هذه الخطوة ومدى احتمالية نجاحها وتأثيرها على مجريات الأحداث في تركيا.
أفاد الدكتور "أحمد داود أوغلو"، رئيس الوزراء السابق، يوم الأربعاء، لصحيفة "يني شفق"، الموالية لنظام الحكم، أنه أوضح للرئيس "رجب طيب أردوغان" ورئيس الوزراء الحالي "بن علي يلدريم"، وجهة نظره، بشكل مفصل حول مباحثات الدستور الجديد والنظام الرئاسي.
مشيرًا إلى أنه قدم وجهة نظر وتقييم كامليّن، بالإضافة لجميع تخوفاته حيال التعديلات التي ستطرق على الدستور الجديد، وذلك من ناحية المضمون والأصول القانونية، وقبل انعقاد لجنة الدستور.
الـسـلـطـة الـتـنـفـيـذيـة بـقـبـضـة واحـدة
أضاف داود أوغلو، أثناء اللقاء، أنه أكدّ لكل من الرئيس ورئيس الوزراء، فائدة أن تكون السلطة التنفيذية بقبضة وحدة، مع ضرورة مراعاة مبدأ فصل السلطات، مشيرًا إلى مجلس البرلمان والسلطة التشريعية.
حيث أوضح داود أوغلو، مدى صحة تقوية صلاحيات رئاسة الجمهورية في السلطة التنفيذية وحصرها بقبضة واحدة.
لكن من جهة أخرى أكدّ داود أوغلو على ضرورة تقوية ودعم البرلمان وأعضاؤه، مشيرًا إلى أن البرلمان يشكل دعامة الديمقراطية في البلاد، وفق قوله.
الـبـرلـمـان دعـامـة لا بـد مـنـهـا
في خضم حديثه عن ضرورة دعم البرلمان قال داود أوغلو، "بالنظر إلى هيكلية تركيا السياسية، نجد أنّ البرلمان يشكل دعامة الديمقراطية ويحميها."
لافتًا الانتباه إلى أن البرلمان يمثل سلطة قوية جدًا، تغطي جميع فئات المجتمع، ومن الصعب للغاية التلاعب بقراراته ومصيره.
انـقلاب
دعّم داود أوغلو أقواله تلك، بمثال عن تعافي البرلمان ونهوضه مرة أخرى بعد انقلابيّ 12 سبتمبر/ أيلول عام 1980 و27 مايو/ أيار عام 1960.
فقال الأخير: "قام نظام انقلاب 12 أيلول بإغلاق البرلمان، ولكن بعد الانتخابات تمكن البرلمان من تشكيل لوائح لم يرض عنها النظام الانقلابي."
مشيرًا إلى أن الأمر نفسه حصل مسبقًا بالنسبة لانقلاب 1960، وتمكن البرلمان وبفضل الإرداة الشعبية، من تشكيل حكومة تسير على خطى الحزب الديموقراطي، بالفترة الانتخابية التي تلتها.
وفي هذا السياق، تابع داود أوغلو مشيرًا لأهمية البرلمان، فقال "هنا تكمن قوة البرلمان والنواب البرلمانيين."
أي بمعنى آخر، ربط داود أوغلو، بضرورة الحفاظ على قوة البرلمان والسلطة التشريعية لحماية البلاد في أي وقت من الأوقات، وفي مواجهة جميع الأزمات الممكنة.
الـعدالـة والـتـنـمـيـة لـن يـتـضـعـضـع
في نهاية حديثه أشار داود أوغلو، إلى موقف حزب العدالة والتنمية القوي، ومدى اتحاده في المباحثات، نظرًا للنجاح الذي أظهره في الجولة البرلمانية الأولى من مباحثات الدستور، مؤكداً أن الحزب لن يتضعضع.
وأضاف داود أوغلو، أنه يتمنى نجاح الحزب في الجولة الثانية، التي تعقد حالياً، مؤكداً أن الكلمة الأولى والأخيرة ستكون للشعب، الذي سيقرر ما سيحصل.
الـجـولـة الـثـانـيـة مـصـيـريـة
في الجولة الثانية لن يتم مناقشة المقترح وجميع مواده، ولن يلق النواب كلمة تخص المواد، وإنما سيقتصر الأمر على مناقشة المقترحات المقدمة حول المواد المعدلة.
وكانت بدأت الجولة الثانية، يوم الأربعاء، لتحديد مصير المواد التي سيتم تعديلها بشكل نهائي، وذلك في حال حصلت المادة على ما لا يقل عن 330 صوتًا، وإلا ستعد لاغية ويتم حذفها من التعديل ولن تطرح للاستفتاء.
إذ ينص الدستور على أنه يجب أن تحصل كل مادة معدلة على ما لا يقل عن 330 صوتًا برلمانيًا، وإلا فهي لاغية حكمًا.
وينطبق الأمر ذاته على مجموع المواد المعدلة، أي على الدستور الجديد المقترح، ففي حال لم يكن مجموع التصويت على المواد الجديدة خلال الجولة الثانية 330 صوتاً وما فوق، فلن يقبل مقترح الدستور الجديد، ولن يطرح للاستفتاء.
وكان معدل القبول في الجولة البرلمانية الأولى لا يقل عن 340 صوتاً للمادة الواحدة، وذلك يخص جميع مواد الدستور الجديد، المقترحة للمجلس من قبل حزبي العدالة والتنمية والقومي.
بـعـد عـام كـامـل
في حال فشل الجولة الثانية، يترتب على الأحزاب المعنية، اقتراح الدستور الجديد مرة أخرى بعد مضي عام كامل من الآن، أي لا يمكنهم اقتراحه خلال الفترة البرلمانية نفسها، وذلك وفقًا لأحكام الدستور، بحسب ما ذكر موقع "بي بي سي توركتشة"، نقلًا عن مسؤولين أتراك.
وبعدها يحق لرئيس الجمهورية أن يقدم لمجلس البرلمان، القوانين والمواد التي يجب تعديلها، لتتم مناقشتها مرة أخرى، ولكن يتوجب عليه تددقيقها خلال مدة 15 يومًا فقط.
الـيـوم الـفـاصـل
أمّا في حال تم التصويت على جميع المواد أو بعضها بما لا يقل عن 330 صوتًا، يتم تصديقها من قبل رئيس الجمهورية، وبعد مضي 60 يوماً من إعلان المقترح الجديد في الجريدة الرسمية، يتم طرحه للاستفتاء في أول يوم أحد يلي ذلك التاريخ، وذلك ليتثنى للناخبين مراجعة المواد والدستور الجديد قبل التصويت عليه.
وفي نهاية المطاف ومن أجل قبول الدستور الجديد والنظام الرئاسي، يجب أن يحقق المقترح ما يزيد عن نصف الأصوات الانتخابية في الاستفتاء.
الاسـتـفـتـاء ومـا بـعـده
لدى قبول الدستور الجديد من خلال الاستفتاء الشعبي، سيتحقق النظام الرئاسي وسيتم إلغاء مجلس الوزراء، وذلك وفقاً لمقترحات الدستور الجديد، بحسب صحيفة "مللييت".
وبناء عليه، سيكون رئيس الجمهورية هو رأس السلطة التنفيذية، وسيبقى على صلة مع حزبه، الحزب الحاكم، وسيكون بإمكانه اتخاذ القوانين والقرارات دون الرجوع للبرلمان.
بالإضافة إلى رفع عدد نواب البرلمان إلى 600 نائبًا بدلًا عن 550 نائبًا، وسيتحقق ذلك في الانتخابات الجديدة عام 2019، فضلًا عن مقترح النواب الاحتياطيين، وتخفيض عمر الانتخاب لـ 18 عامًا.
هذا وسيتم تطبيق بعض هذه التعديلات فور مرورها بالاستفتاء، في حين سيبقى بعضها الآخر مثل "نظام الحكم" وما يتعلق به، غير نافذ لغاية الانتخابات الجديدة عام 2019.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!