صابرين زهو - أبوستروف الروسية - ترجمة وتحرير ترك برس
في الغالب، تتشارك الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وجهة النظر ذاتها فيما يتعلق بالقضية السورية. وفي الأثناء، قد يؤثر هذا التعاون الروسي الأمريكي، في بعض جوانبه، على الأهداف التركية في المنطقة عموما، وطموحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على وجه الخصوص، مع العلم أن أردوغان أصبح منذ المصالحة بينه وبين موسكو أحد "أصدقاء" الزعيم الروسي، فلاديمير بوتين.
في المقابل، لجأت واشنطن، مؤخرا، إلى نشر القوات الأمريكية على الحدود التركية السورية، خالقة بذلك حاجزا عازلا بين القوات المسلحة التركية والقوات الكردية. وفي الأثناء، تخطط روسيا لاتخاذ تدابير مماثلة في محافظة عفرين وذلك بغية صد الهجمات التركية ضد وحدات القوات الكردية، وفقا لما أكده بعض الخبراء الدوليين.
كيف حدث هذا؟
في الخامس والعشرين من نيسان/ أبريل، شنت القوات الجوية التركية غارات جوية على مواقع وحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستاني في سوريا والعراق. في الواقع، إن كانت هذه الحملة تدل على شيء فهي تدل على إصرار تركيا على تدمير القوات الكردية والتخلص منها على رغم من انتهاء عملية "درع الفرات".
في الحقيقة، أدت هذه الضربات الجوية إلى نشوب سلسلة من الاشتباكات بين وحدات حماية الشعب الكردية والقوات التركية على امتداد الحدود التركية السورية. وقد أدى ذلك إلى إثارة مخاوف واشنطن حول مخلفات القتال الدائر بين اثنين من شركائها في المنطقة، خاصة أن ذلك من شأنه أن يؤثر على الساحة الإقليمية.
علاوة على ذلك، تعتبر واشنطن أن استمرار المواجهات بين القوى التركية والكردية من شأنه أن يقوض بشكل خطير جهودها الرامية للقضاء على تنظيم الدولة. ومن المثير للاهتمام أن القوات الكردية تلعب دورا بارزا في القتال ضد التنظيم إلى جانب القوات الأمريكية علما وأنها تستعد لشن هجوم على الرقة وتحريرها. وبالتالي، وفي إطار محاولاتها لإيقاف هذا الصراع المدمر، أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية قواتها حتى تمنع الاقتتال بين الجانبين.
مفاوضات روسية كردية
في واقع الأمر، تبنت روسيا الموقف التركي بشأن الصراع القائم بين القوات التركية والكردية ولكن لأسباب مختلفة. وفي هذا السياق، بادرت موسكو بتركيز قواتها لخلق منطقة عازلة بين وحدات حماية الشعب الكردية والقوات المسلحة التركية، مع العلم أنه قد شوهدت العديد من القوات الروسية في منطقة عفرين. وفي الأثناء تواترت الإشاعات عن دخول روسيا في مفاوضات مع القوات الكردية بهدف إنشاء مناطق عازلة في عفرين مشابهة للمناطق العازلة في منبج.
عموما، ستساهم هذه الخطوة في تعزيز العلاقات بين روسيا ووحدات حماية الشعب الكردية، فضلا عن أنها ستسمح لموسكو بأن تبرز على اعتبارها شريكا محتملا لواشنطن، في ظل محاولتها الحثيثة لوقف القتال بين تركيا والأكراد.
من جهة أخرى، ستمنح هذه الاستراتيجية أفضلية لروسيا على حساب تركيا حتى تتمكن من توسيع نفوذها في المنطقة، علاوة على أنها ستمكنها من التغلغل أكثر في كافة أنحاء سوريا.
تركيا تصر على موقفها
من جهتها، من غير الممكن أن تقبل تركيا مساعي كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وتدخلهما لوقف الاشتباكات بين القوات التركية ووحدات حماية الشعب الكردية. وقد مثّل اجتماع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، في الثالث من أيار/ مايو، فرصة ثمينة حتى تتأكد تركيا من ماهية النوايا الروسية في سوريا.
عموما، ومنذ نجاح عملية تحرير مدينة الباب من تنظيم الدولة، كانت تركيا متشائمة من مستقبل تحركاتها في سوريا نظرا لتضارب مواقفها مع المواقف الأمريكية والروسية تجاه الأكراد، خاصة في ظل تمركز القوات الأمريكية في منبج. وعلى الرغم من أن عملية "درع الفرات" انتهت بشكل مفاجئ، إلا أن أنقرة ليست على استعداد لوقف القتال ضد الأكراد.
في المقابل، وفي ظل انتشار المزيد من القوات الروسية والأمريكية في العديد من المناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية سيكون من الصعب على تركيا أن تحقق أهدافها الرامية إلى دحر الأكراد. ومن هذا المنطلق، ستسعى تركيا جاهدة لإيجاد طرق أخرى للتخلص من الخطر الذي يمثله الأكراد بما في ذلك مواقع حزب العمال الكردستاني في سنجار.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس