صابرين زهو - روسكايا فيسنا الروسية - ترجمة وتحرير ترك برس
قرر البرلمان الأوروبي مؤخرا، دعوة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية إلى تعليق المفاوضات بشأن انضمام تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي. ووفقا للخبراء، يعد ذلك طبيعيا ومتوقعا، نظرا للمستوى الذي وصلت إليه العلاقات الثنائية إثر الاستفتاء على تعديل الدستور التركي.
وعلى هذا الأساس، من المرجح أن يبدأ الطرفان التركي والأوروبي في البحث عن شكل جديد للعلاقات، وفقا للخبراء. فعلى الرغم من المواقف المتضاربة والخلافات في العديد من القضايا، إلا أنه من غير الممكن تخلي أحدهما على الآخر بصفة كلية، ما يؤكد اهتمام الثنائي الأوروبي التركي ببعضهما البعض.
النتيجة المنطقية
يوم الخميس 6 تموز/ يوليو، أعلن البرلمان الأوروبي خلال جلسة عامة في ستراسبورغ قراره بشأن تركيا، يدعو فيه دول الإتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية للتعليق الفوري للمفاوضات مع تركيا بشأن الانضمام إلى دول الاتحاد الأوروبي. وقد دعم القرار 477 شخصا في حين رفضه 64 شخصا آخرين.
ويذكر أن قرار البرلمان الأوروبي جاء بعد فوز أردوغان بالاستفتاء الذي يمكنه من القيام بتعديلات دستورية، اعتبرها البرلمان الأوروبي متعارضة مع المبادئ الأساسية للاتحاد. كما أشار البرلمان إلى أنها لا تحترم الفصل بين السلطات ولا توفر ما يكفي من الضوابط والالتزامات، والأهم لا تلبي معايير كوبنهاجن (القواعد التي تحدد ما إذا كان البلد مؤهلا للانضمام للاتحاد الأوروبي).
ووفقا للخبراء، بدأ النقاش حول تعليق عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي على خلفية العديد من العوامل الأخرى التي اعتبرتها تركيا تدخلا غير مشروع في شؤونها الداخلية. وقد بدأت العلاقات الثنائية تتدهور بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تموز/ يوليو سنة 2016، إذ حاولت دول الاتحاد الأوروبي التدخل في الشؤون الداخلية لتركيا وانتقادها على خلفية اعتقالها لمجموعات من الموالين لفتح الله غولن المتورط الأول في تنفيذ الانقلاب.
من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية التركية بيانا قيّمت من خلاله قرار البرلمان الأوروبي، إذ اعتبره بن علي يلدريم فاقدا لأية أهمية بالنسبة لتركيا. وفي السياق نفسه، أكد وزير الشؤون الأوروبية التركي عمر شيليك أن قرار البرلمان الأوروبي له دوافع سياسية ويعمل على تخريب العلاقات بين بروكسل وأنقرة.
ووفقا للمستشرق والخبير الروسي إيلشاتا سايتوفا، فإن اتخاذ هذا القرار هو نتيجة منطقية لفشل المفاوضات حول انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. وأشار سايتوفا إلى أن بداية المفاوضات كانت إيجابية للغاية، إلا أنه ليست لدى الاتحاد الأوروبي الجرأة اللازمة حتى يضم تركيا في صفوفه.
وأضاف الخبير أن السياسية القيادية التي يتبعها أردوغان بالنسبة للعالم الغربي هي "سياسة استبدادية"، وهذه حجة الاتحاد حتى يمنع تركيا من الانضمام إلى دوله. وعلى هذا الأساس، تدعي دول الاتحاد الأوروبي احترامها لمبادئ الحرية وتحاول إخضاع تركيا لمعايير كوبنهاجن.
وقد تزامن ذلك، مع الانقلاب بالإضافة إلى حملات التطهير التي قامت بها تركيا في صلب الجيش وغيرها من العوامل الأخرى التي اعتبرها الاتحاد الأوروبي غير ملائمة لمبادئه. ووفقا للخبير، كان متوقعا اتخاذ البرلمان الأوروبي لهذا القرار بعد الحملة الغربية الشرسة التي سبقت التصويت على التعديلات الدستورية.
تركيا تتخلى عن الاتحاد الأوروبي
وفقا للخبيرة السياسية ليودميلا بابونينا، فإن اتخاذ مثل هذا القرار في هذه الفترة بالذات يعد مفاجئا نوعا ما إلا أنه منطقي وطبيعي جدا. وأشارت بابونينا إلى أنه بعد محاولة الانقلاب والاستفتاء، وجه السياسيون الأوروبيون العديد من التهم والادعاءات إلى الحكومة التركية. وفي نفس الوقت، جعلت العديد من التطورات في الشرق الأوسط بعد ثورات الربيع العربي جعلت تتمكن من تعزيز مكانتها ولعب دور رائد في المنطقة. ومن جهة أخرى، أصبحت شروط ومتطلبات الاتحاد الأوروبي تعارض المصالح التركية.
تركيا والاتحاد الأوروبي مهتمان ببعضهما البعض
على الرغم من تبادل الانتقادات بين الطرفان التركي والأوروبي في الوقت الراهن، فإن كلا الطرفان مهتمان بالتعاون مع بعضهما البعض في عديد المجالات ولا يمكنه الاستغناء عنه بصفة كلية، وذلك وفقا للخبراء. وتجدر الإشارة إلى أن هناك مصالح تجارية واقتصادية بين الطرفين، بالإضافة إلى أزمة اللاجئين، التي تملي على كلا الطرفان الالتزام بوعوده تجاه الطرف الآخر.
يجب البحث عن شكل جديد للعلاقات
وفقا لتوقعات ليودميلا بابونينا، سيكون على كل من تركيا والاتحاد الأوروبي إيجاد شكل جديد للعلاقة بينهما وبالتالي صياغة أهداف جديدة للتعاون بطريقة أو بأخرى. وأضافت بابونينا أنه "من الواضح أنه وقع إما تجميد فكرة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي رسميا أو إلغاؤها، إلا أن ذلك لا يعني قطع العلاقات تماما". وأكدت الخبيرة أنه من المستحيل التطرق إلى هذا الموضوع مستقبلا. من جهة أخرى، تعتبر مصالح تركيا قد تغيرت. كما أنها ستواصل العمل على تعزيز مكانتها كقوة رائدة في المنطقة بشكل متزايد.
على الرغم من تجرأ الاتحاد الأوروبي على توجيه انتقاداته إلى تركيا بسبب سياستها الداخلية التي اتّبعتها في الماضي، نظرا لأنها كانت بلدا مرشحا للانضمام للاتحاد، إلا أن بروكسل فقد هذا الحق بعد قرار البرلمان تعليق المفاوضات. لذلك، لن تقبل تركيا أية انتقادات من الاتحاد الأوروبي، بما أن كلا الطرفين ستجمعهم علاقات تعاون ثنائي مشتركة لا تخضع لأي املاءات أو شروط عدا احترام المصلحة المشتركة.
والجدير بالذكر، أن تركيا وقعت اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي سنة 1963. وفي سنة 1987، قدمت تركيا طلبا بالحصول على عضوية داخل الاتحاد. ومع ذلك، لم تبدأ المفاوضات حول انضمام تركيا في الاتحاد إلى سنة 2005 إذ أن المفاوضات توقفت عدة مرات بسبب الخلافات بين أنقرة وبروكسل. وفي آذار/ مارس من العام الماضي، كثفت بروكسل مفاوضاتها مع تركيا مقابل مساعدتها في الحد من تدفق المهاجرين إلى أوروبا ما يؤكد حاجة الاتحاد لتركيا.
في سياق آخر، تدهورت العلاقات بين الاتحاد وتركيا إثر محاولة الانقلاب الفاشلة التي استهدفت حكم أردوغان، والتي تلتها موجة من الانتقاد ضد السلطات التركية. وعلى خلفية ذلك، تم تعليق الاستعدادات لفتح فصل جديد من المفاوضات حول انضمام تركيا إلى الاتحاد.
وعلى هذا الأساس، يؤكد الخبراء أن العلاقات الأوروبية التركية في شكلها القديم كانت تعرقل سبل التعاون مما يعني أن خلق شكل جديد من العلاقات قد يؤدي إلى الحفاظ على علاقات التعاون، نظرا للمصالح الثنائية التي تحتّم على الطرفين التعامل مع بعضهما البعض في إطار الاحترام المتبادل.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس