ترك برس
تباينت آراء وتحليلات الخبراء والباحثين الأتراك حول الأولويات التي يعتزم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، التركيز عليها خلال المرحلة المقبلة، وخاصة عقب عودة الرئيس رجب طيب أردوغان، إلى قيادة الحزب الأسبوع الماضي.
وأعاد حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، انتخاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رئيسًا له خلال مؤتمره العام الاستثنائي الثالث في العاصمة أنقرة، يوم الأحد الماضي، بعد أن انتسابه مجدداً بناء على التعديلات الدستورية التي صوت الناخبون الأتراك لصالحها في استفتاء 16 أبريل/ نيسان الماضي.
وأسس أردوغان حزب العدالة والتنمية عام 2001، وتولى قيادته حتى 2014، حيث استقال منه بسبب ترشحه لرئاسة البلاد، بموجب الدستور الذي نص - قبل التعديلات الأخيرة - على حيادية الرئيس وعدم انتسابه لأي حزب سياسي.
وقال الكاتب والمحلل السياسي التركي إسماعيل ياشا، في تحليل نشره موقع "عربي21"، إن حقبة أردوغان الثانية بدأت في تاريخ حزب العدالة والتنمية يوم الأحد، مع انتخاب رئيس الجمهورية رئيسا لحزب العدالة والتنمية الحاكم.
واعتبر ياشا أن أردوغان دشّن الأحد الماضي مرحلة التجديد في حزب العدالة والتنمية، لإعادة هيكلتِه، وضخ دماء جديدة في شريانِه، وإفساحِ المجال لتولي الشباب مناصب قيادية في لجانه وفروعه ومؤسساته. وفي هذا الإطار، تم انتخاب طالبتين جامعيتين لعضوية لجنة الإدارة المركزية واتخاذ القرار في الحزب.
وأوضح ياشا أن حزب العدالة والتنمية تعرض في الفترة الأخيرة لمحاولاتٍ حثيثة تهدف إلى شق صفوفه وتقسيمه من خلال إثارة الفتن بين أعضائه وقادته. وبالتالي، يحتاج في الحقبة الجديدة إلى تعزيز التكاتف والتلاحم ورص الصفوف حتى لا يجد المتربصون به فرجة للتسلل إلى داخله.
وأضاف: "في حقبة أردوغان الثانية، سيكون على رأس أولويات حزب العدالة والتنمية، بصفته الحزب الحاكم، دعم جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية التي تهدد أمن البلاد واستقرارها، كحزب العمال الكردستاني والكيان الموازي.
وبحسب ياشا، كانت هناك انتقادات موجهة إلى بعض قادة الحزب وكوادره تتهمهم بالتكاسل وعدم مواكبة خطوات أردوغان في مكافحة تنظيم الكيان الموازي الإرهابي، إلا أن المتوقع أن يقوم الحزب بإبعاد هؤلاء المتكاسلين عن مناصبهم واستبدالهم بقادةٍ وكوادر أكثر حيوية ونشاطا يدعمون بقوة عملية تطهير البلاد من فلول الإرهابيين والانقلابيين وخلايَاهم النائمة.
من جهته، قال الكاتب في صحيفة "قرار" التركية محمد أوجاكتَان، أن عودة أردوغان تُعدّ بمثابة نقطة الانعطاف الفعلية الأولى في النظام البرلماني، وفي عام 2019 سيتم وضع النقطة النهائية مع الانتخابات الرئاسية التي ستُجرى وقتها.
وأضاف: "تركيا واجهت عددا كبيرا من الانتقادات التي استهدف النظام الرئاسي فيها، ومن الآن فصاعدا علينا أن نصبّ تركيزنا على التطبيقات والإجراءات، ذلك لأن حزب العدالة والتنمية تمكّن من تنفيذ حملاتِه الاقتصادية والديمقراطية بفضل صدق تعامله مع القيم الديمقراطية".
وأشار أوجاكتّان إلى أن أردوغان رئيس الجمهورية التركية، وزعيم حزب العدالة والتنمية، بعث خلال المؤتمر الاستثنائي برسائل مهمة حول خارطة الطريق الجديدة الخاصة بالنظام الجديد، وفي الوقت ذاته قام بعدد من التحذيرات اللافتة للانتباه.
وأردف الكاتب التركي "علينا أن نخطّ بخطوط عريضة تحت التصريحات التي أدلى بها أردوغان، والتي من شأنها أن تكون بمثابة إيضاح المسار الذي سيسيرُ فيه حزب العدالة والتنمية، إذ قال: إن حزب العدالة والتنمية هو ضمان الديمقراطية، العدالة والتنمية ضمان التغيير، إن حزب العدالة والتنمية هو عنوان الإصلاح".
وتابع أوجاكتَان: "ها هي الصيغة التي مكّنت حزب العدالة والتنمية من الحصول على ثقة الشعب خلال الـ 15 عاما والتي تتلخص بـ "الديمقراطية، التغيير، الإِصلاح".
في سياق متصل، رأى الكاتب والباحث الفلسطيني المتخصص في الشأن التركي سعيد الحاج، أن "أردوغان يقسم الفترة الزمنية حتى بدء تطبيق النظام الرئاسي نهاية 2019 إلى ثلاث مراحل، الأولى حتى نهاية السنة الحالية وستتخلّلها كل التعديلات داخل الحزب والحكومة وسيقدم خلالها الرجل خطة تنفيذية من ستة أشهر.
ثم تمتد الثانية على طول 2018 وتشمل عدة ملفات ستعملُ عليها الحكومة بين الإصلاحات القانونية والتنمية الاقتصادية وغيرها، ثم يكون حصاد كل ذلك في المرحلة الثالثة عام 2019 وهو عام الانتخابات، حيث تجرى الانتخابات البلدية/المحلية في آذار/مارس والرئاسيّة والبرلمانية (متزامنتين) في تشرين الثاني/نوفمبر منه".
وعليه - يضيف الحاج - يمكن اعتبار مؤتمر حزب العدالة والتنمية الاستثنائي صفّارة البداية لاستعداداتِ الحزب بقيادة أردوغان لعام 2019، الذي سيشهد سريان النظام الرئاسي فعلياً بما يعنيه ذلك من تحديات جديدة أمام الحزب وتركيا.
وبما يعنيه أيضاً من صعوبة الانتخابات حينها كما أشار أردوغان في كلمته، مما يستوجب ترتيب البيت الداخلي وجمع كلمة الحزب والعمل على التجاوب مع رسائل ودلالات الاستفتاء الشعبي الأخير على التعديل الدستوري رغم انتصار الحزب فيه".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!