ترك برس
عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اليوم الأحد، إلى رئاسة حزب العدالة والتنمية الحاكم، بعد أن ترك المنصب لرئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، عام 2014، بسبب ترشحه لرئاسة تركيا.
وشارك 1417 مندوبًا من أصل 1470 في التصويت على انتخاب أردوغان رئيسًا للحزب، خلال المؤتمر الاستثنائي الذي انعقد في العاصمة التركية أنقرة اليوم، حسبما أعلنت رئاسة ديوان المؤتمر.
وحصل أردوغان على كامل الأصوات الصحيحة في المؤتمر الاستثنائي والتي بلغ عددها 1414، فيما اعتُبرت الأصوات الثلاث الأخرى ملغيّة، ليعود بذلك إلى رئاسة الحزب بعد حوالي 3 أعوام.
وفتحت عودة أردوغان الباب على مصراعيه للتساؤل عن دلالات ترشحه منفردا، وأبرز التحديات التي يواجهها الحزب، والملفات التي ستحظى بالأولوية على طاولته، وانعكاس عودته على أدوار رفاقه القدامى والوجوه الشابة في قيادة العدالة والتنمية على السواء.
وخلال حديثه لشبكة الجزيرة القطرية، رأى المحلل السياسي والكاتب في الشأن التركي معين نعيم أن عودة أردوغان لرئاسة الحزب بصفة مرشح الإجماع، لا تنفصل عن شخصيته كزعيم تاريخي ومؤسس ذي "كاريزما" شخصية تَصعب منافستها، وليس مجرد رئيس يحمل شخصية إدارية أو سياسية تقليدية.
وقال نعيم إن المجتمع التركي بطبيعته يعلي من قيمة "القائد الفردية" ومن دوره، الأمر الذي أوجد رغبة جامحة لدى كوادر العدالة والتنمية في عودة أردوغان الذي ينظرون إليه كرائد لمشروع إحياء وإعادة بناء الحزب الذي واجه الكثير من الأزمات في السنوات الأخيرة.
وأوضح أن الاستفتاء على تعديل الدستور في تركيا كشف عن مشاكل وأزمات في هيكلية الحزب الحاكم وممارسته، تجلت في ضعف إقبال قطاع الشباب على التصويت، وتراجع الحزب في مواقع كان يتقدم بها، الأمر الذي جعل قادته يتطلعون لعودة أردوغان بوصفه الأكثر قدرة على إعادة اللحمة للحزب وإنهاء الاستقطاب داخله.
من جهته، وصف الكاتب في موقع "سربستييت" التركي أورال جاليشلر عودة أردوغان لرئاسة الحزب بأنها استمرار لعمله على جمع السلطات بيده خطوة بخطوة، رغم ما يترتب على ذلك من تحطيم للروابط مع الرفاق المؤسسين للحزب.
ورأى أن حزب العدالة والتنمية قد تغير كثيرا في السنوات الأخيرة جراء النزاع على الصلاحيات، وأن "شخصيات كبيرة" غابت عن المشهد مثل عبد الله غل وبولنت آرنتش وأحمد داود أوغلو وعلي باباجان وبشير آتلاي، وفق قوله.
وتوقع جاليشلر أن تفضي عودة أردوغان لرئاسة الحزب إلى "تحركات" في صفوفه، خاصة إذا تم استبعاد رئيس الحكومة بن علي يلدريم وبعض الوزراء والمحافظين من قادة الحزب، حسبما نقلت الجزيرة.
أما الباحث في مركز البحوث والدراسات الإستراتيجية بأنقرة جاهد توز فرأى أن رمزية أردوغان هي أقوى الحقائق داخل الحزب، وتوقع أن تسهم عودته للقيادة في تراجع أدوار قادة الحزب القدامى؛ نظرا لما يملكه من نفوذ وتأثير داخل الحزب ومؤسساته ومراكزه المختلفة.
وأشار إلى أن تراجع دور الجيل القديم قد يفتح الباب أمام تقدم قيادات شابة في الحزب، لكن ذلك سيبقى قائما حتى العمل بالتعديلات الدستورية عام 2019، حيث رجح أن تتراجع أدوار كافة القيادات بما فيها أردوغان نفسه بعد ذلك التاريخ، نظرا لأن النظام الرئاسي يزيد من قوة المؤسسة ودورها على حساب أدوار القيادات.
وقال توز إن انتخاب أعضاء المجلس الأعلى الجديد لقيادة الحزب والمكون من 52 شخصية في المؤتمر العام يمثل أيضا أمرا بالغ الأهمية لتركيا، ذلك أن هذا المجلس هو صانع القرار الجماعي للحزب الذي يدير الجمهورية.
أما على صعيد الملفات ذات الأولوية على طاولة أردوغان، فرأى أن أولها سيكون استعادة مشروع السلام مع الأكراد، الذي بدأ مع تولي الحزب سدة الحكم عام 2002، لكنه وصل إلى طريق مسدود عام 2012.
أما الملف الثاني فأوضح توز أنه يتعلق باستعادة دفء العلاقة مع الشارع التركي الذي أبدى تفهما لضرورة حملات تطهير الدولة من أنصار حزب العمال الكردستاني وتنظيم الدولة وجماعة الخدمة، لكنه شعر بأن هناك "شرائح بريئة من المجتمع" قد تضررت من تلك الحملات.
كما رأى أن أردوغان سيسعى لتأكيد استعداد تركيا مجددا للتحرك في الملفات الخارجية دون الحاجة للتنسيق والتشارك مع أطراف أخرى، وفقًا للجزيرة.
وانتسب أردوغان مجدداً إلى عضوية الحزب، بناء على التعديلات الدستورية التي صوت الناخبون الأتراك لصالحها في استفتاء 16 أبريل/ نيسان الماضي، والتي تتضمن الانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، وتسمح أيضاً لرئيس الجمهورية بأن يكون حزبيًّا.
وأسس أردوغان حزب العدالة والتنمية عام 2001، وتولى قيادته حتى 2014، حيث استقال منه بسبب ترشحه لرئاسة البلاد، بموجب الدستور الذي نص - قبل التعديلات الأخيرة - على حيادية الرئيس وعدم انتسابه لأي حزب سياسي.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!