ترك برس
أكد المحلل السياسي التركي، راغب دالاي، أن طلب دول الحصار الخليجية إغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر ووقف الجيش القطري التعاون مع تركيا، لن يكون له أي تأثير على العلاقات التركية القطرية، بل سيزيد من تصميم البلدين على مزيد من التعاون العسكري، وسيكون له تأثير سئ على العلاقات التركية مع دول المقاطعة الخليجية.
ورأى دالاي أن تركيا حاولت أن تسير على خط رفيع بين تبني موقف واضح مؤيد لقطر وتجنب الظهور بموقف مناهض للسعودية. وتحقيقا لهذه الغاية، حاولت الوساطة بين الجانبين، ولكن دون جدوى، ثم دعمت في وقت لاحق جهود الوساطة الكويتية. ومن خلال هذا الدور، كانت تركيا تأمل في تجاوز الانقسامات الفئوية والأيديولوجية والسياسية في المنطقة.
وأشار، مدير البحوث في منتدى الشرق للأبحاث في إسطنبول، إلى أن أنقرة ستواجه صعوبة كبيرة في مواصلة السير على هذا الخط الرفيع بعد صدور قائمة المطالب الخليجية، حيث إن البند الثاني منها يطلب من قطر إغلاق القاعدة العسكرية التركية.
وفي تحليل نشره موقع "ميدل إيست آي" قال دالاي، إن قائمة المطالب التي سلمت إلى قطر يوم الجمعة الماضي يبدو أنها قد وضعت لترفض، حيث إن معناها بسيط ومباشر: استسلام قطر التام لدول الحصار. ومن ثم فإن أي دولة ذات سيادة تحترم نفسها لن تقبل أيا من هذه المطالب، لأنها تتطلب من قطر التخلص من أفكار الدولة والسيادة.
واعتبر أن قائمة المطالب لا تجافي المنطق فحسب، بل إنها مليئة بالمتناقضات. وأوضح أن القائمة تدعو قطر إلى خفض علاقاتها الدبلوماسية مع إيران،على الرغم من أن البلدين يشتركان فى أكبر حقل للغاز الطبيعي فى العالم، بينما تتمتع جميع الدول المحاصرة باستثناء السعودية بعلاقات دبلوماسية مع إيران.
وبالمثل، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة تأتي في المرتبة الثانية بعد الصين من حيث التجارة الخارجية الإيرانية. في الواقع، تتمتع إيران بعلاقات اقتصادية مزدهرة مع دولة الإمارات.
وفي حين أن القائمة تطالب قطر بإغلاق القاعدة العسكرية التركية، تضيف دولة الإمارات قاعدة عسكرية فرنسية،وتضيف البحرين قاعدة بحرية ملكية بريطانية دائمة. والغريب أن هذه الدول لم تجرؤ على مطالبة قطر بإغلاق القاعدة العسكرية الأمريكية على أراضيها.
ووفقا للمحلل التركية، فإن هناك ثلاثة تفسيرات معقولة لهذه القائمة غير المعقولة.
أولا، إن الدول المحاصرة ربما تكون قد أعدت قائمة الطلبات الأخيرة بسرعة كبيرة، خاصة بعد انتقاد وزارة الخارجية الأمريكية لها لعدم تقديمها قائمة بالمطالب أو الشكاوى. ومع ذلك، طلبت وزارة الخارجية في نفس البيان من هذه البلدان أن تقدم قائمة "معقولة وقابلة للتنفيذ وقائمة على الواقع".
والتفسير الثاني هو أن هذه البلدان أعدت هذه القائمة غير المعقولة وهي تدرك أن قطر لن تكون قادرة على الوفاء بها، وبالتالي فإن الأزمة سوف تستمر وتصبح "طبيعية" جديدة في الخليج. وهذا يعني أن للأزمة قيمة مفيدة للأطراف الرئيسية في هذا الحصار، وبعبارة أوضح لمحمد بن سلمان أو محمد بن زايد.
التفسير الثالث هو أن الجهات المحاصرة تهدف إلى استخدام هذه المطالب غير المعقولة والمتطرفة ورقة مساومة أو نقطة انطلاق في المفاوضات قبل أن تكشف عن النقاط التي تهمها أكثر من غيرها.
وتوقع دالاي أن تكون السعودية أكبر خاسر جيوسياسي في هذه الأزمة، نظرا لأن الفرصة كانت متاحة أمامها للعب الدور الريادي في العالم العربي بعد انشغال القوى العربية التقليدية، مصر والعراق وسوريا في الصراعات السياسية والحروب الأهلية.
لكن السعودية لا تلعب في الأزمة الأخيرة الدور الرائد في الخليج، حيث تشاركها الإمارات دورها القيادي. كما أن هذه الأزمة لم تقتصر على تجزئة العالم العربي والخليج فحسب، بل فتحت الخليج أيضا الذي يعد مجالا طبيعيا للنفوذ السعودي أمام التدخل الخارجي، حيث منحت إيران فرصا جديدة لتحقيق المزيد من التقدم في المنطقة.
وأضاف أن من نتائج هذه الأزمة أن هيكل مجلس التعاون الخليجي سيتضرر كثيرا، مشيرا إلى أن الكويتيين والعمانيين ينظرون إلى الأزمة بوصفها جرس إنذار وسيسعون إلى البحث عن خيارات بعيدة عن الكتلة السعودية الإماراتية.
وخلص المحلل التركي إلى أننا نمر بمرحلة من الحماقة السلطوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا،تبشر بوضع إقليمي جديد،على الأقل في منطقة الخليج. وهذا الوضع الطبيعي الجديد سيضر قطر ويكلفها، ولكن الأطراف المسؤولة عن خلق هذا الوضع الطبيعي الجديد لن تخرج منتصرة من هذا العداء، الذي يقوم على منطق الكل خاسر.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!