ماركار إسايان – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
من المعروف أن الدول العظمى تبذل جهودًا كبيرة تتكلل بالنجاح من أجل "تغيير الحكومات" في البلدان التي تريد السيطرة عليها. لكن أعتقد أنها لم يعد لديها في الآونة الأخيرة حتى هاجس إخفاء هذه الجهود. أو أن هذه العمليات لم تعد تجري في الخفاء بسبب الإنترنت والتسريبات.
التطورات الأخيرة في فنزويلا وباكستان هي أحدث نموذج لما ذكرته آنفًا. فالمحكمة الدستورية الباكستانية عزلت رئيس الوزراء نواز شريف ووزير المالية محمد إسحق دار في 28 يوليو/ تموز بدعوى تورطهما في قضايا فساد. أما في فنزويلا فالعملية مستمرة من أجل تغيير الحكومة. والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو اتهم الولايات المتحدة والمكسيك وكولومبيا بالتعاون للإطاحة بحكومته.
وفي مايو/ أيار 2016 عزل مجلس الشيوخ البرازيلي رئيسة البلاد ديلما روسيف، التي قالت إن ما حدث هو انقلاب عليها، وإنها ستقاومه. اتُّهمت روسيف بمخالفة القوانين من أجل إخفاء عجز الميزانية. وقبل عزلها قالت "لن تحكم الشركات هذا البلد. إذا نجحوا في عزلي سيستلم تامر، الذي تريده الشركات، مقاليد الحكم". لكنها لم تنجح في المقاومة وعزلت.
ولنستذكر ما حدث في مصر، وتسليم السيسي مؤخرًا جزيرتين مصريتين إلى السعودية. أما في سوريا فتُستخدم التنظيمات الإرهابية، ومنها حزب الاتحاد الديمقراطي/ وحدات حماية الشعب، من أجل إعادة رسم خريطة المنطقة بحجة تنظيم داعش. وليس هناك أمر طبيعي أكثر من وجود تعاون بين تنظيم غولن وهذه التنظيمات.
في مرحلة الحرب الباردة كنا نسمي التزام الصمت إزاء هذا النوع من الانقلابات التقليدية بـ "التوازن". كانت القوى العظمى تسيطر على العالم من خلال دعم انقلابات الحكومات العميلة. ولتحقيق ذلك كانت الدول والكيانات الموازية ضرورية، وهذا ليس بجديد. الجديد في الأمر هو نشوء وعي معين في البلدان المستهدفة، وعدم نجاح المهمة بيسر كما في السابق.
لم تستطع الحكومات في مصر والبرازيل المقاومة بسبب عدم وجود طبقة موظفين وإعلام ورأسمال وطنيين، وهما بلدان في وضع صعب ومسيطر عليهما من الداخل.
وهنا تتميز تركيا عن غيرها. إذا وضعنا خطًّا اعتبارًا من أحداث منتزه "غيزي" (2013)، فإن تركيا تمضي في "نفق الرعب" منذ أربع سنوات، بما في ذلك الحرب السورية. لكنها تمكنت من تجاوزها وإن تعرضت لأضرار. ومن هذه الناحية يعتبر إحباط الشعب التركي المحاولة الانقلابية في 15 يوليو/ تموز حدثًا تاريخيًّا هامًّا، وهو نجاح كبير للإرادة الوطنية وملحمة ديمقراطية.
هذا النجاح هو السبب الكامن وراء الغضب الغربي الجامح تجاه تركيا. وأما أسس النجاح فهما الوعي والوطنية اللذين أبداهما الشعب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس