أفق أولوطاش – صحيفة أكشام – ترجمة وتحرير ترك برس
بعد أن أصبحت المعقل الوحيد للمعارضة السورية في شمال البلاد، عقب سقوط حلب بيد النظام، تنتظر إدلب مصيرها المحتوم منذ فترة. يعتبر نظام الأسد وإيران وروسيا أن إدلب تهديد يجب التدخل لتبديده عندما يحين الأوان.
لكن أولوية النظام وإيران حاليًّا هي الحدود العراقبة في الشرق، فيما تقف روسيا موقف المتحفز، وتحتفظ الولايات المتحدة بحقها في قصف هيئة تحرير الشام، التي تهيمن عليها جبهة النصرة، إلا أن أولويتها حاليًّا الرقة.
تحولت إدلب إلى ملجأ للمدنيين ومسلحي المعارضة الذين فروا من جميع أنحاء سوريا، ويعيش فيها حوالي مليوني نسمة بحسب التقديرات. تقاسمت فصائل مختلفة منها هيئة تحرير الشام وأحرار الشام وفيلق الشام والجيش الحر مناطق المحافظة.
بيد أن اشتباكات اندلعت في الآونة الأخيرة، بين هيئة تحرير الشام وأحرار الشام، إحدى أكبر الفصائل على الساحة، قلبت كافة التوازنات. سيطرت هيئة تحرير الشام على مناطق حساسة في المحافظة بعد إلحاقها الهزيمة بأحرار الشام.
هناك طبعًا فصائل أخرى في إدلب لكن يمكننا القول إن هيئة تحرير الشام القوة الفعلية الوحيدة فيها.
لا تتشكل الهيئة فقط من النصرة، أي القاعدة في سوريا، فهي تضم فصائل صغيرة أيضًا، رغم أن كلمة النصرة هي النافذة فيها. وتستخدم النصرة الفصائل المتجمعة حولها وحتى "الإدارة المدنية" التي تحاول تأسيسها، كغطاء لها.
تختلف النصرة عن داعش بتفاصيل دقيقة، وهي تجر سوريا إلى كارثة جديدة. وبحملتها الأخيرة، ترمي بمليوني سوري محاصرين في إدلب إلى التهلكة. وبالمناسبة هل هناك منطقة في العالم الإسلامي لمستها يد القاعدة ولم تسلم من الخراب؟
رغم قلة عدد مسلحي القاعدة لم تُمنح المعارضة المعتدلة الدعم الكافي، وبسبب حفنة منهم وُصمت المعارضة السورية بالراديكالية، وتركت دون سند، لتقع سوريا في قبضة الراديكالية. وهذا ما أفاد النظام السوري.
كانت الأحاديث تدور عن دخول تركيا إلى إدلب من أجل مراقبة منطقة خفض التوتر، لكن المستجدات الأخيرة جعلت الوضع في غاية التعقيد.
أصبح دخول تركيا إدلب الآن، دون القيام بحملات سابقة، يعني الاشتباك المباشر مع النصرة. وبالمقارنة مع حزب العمال الكردستاني، لا تعتبر النصرة مشكلة أولوية بالنسبة لتركيا.
وعلاوة على ذلك يتوجب على تركيا أن تتحرك وتتخذ موقفًا قوميًّا خارج السياق الأمريكي الروسي لأنها ستتأثر بشكل مباشر من تدهور سلامة إدلب، ولأن الأجندة التركية تختلف عن أجندة البلدين المذكورين.
ستكون الكارثة حتمية في حال استمرار سيطرة النصرة في إدلب. ولهذا على تركيا أن تركز جهودها من أجل إعادة ترتيب أوراق المعارضة في شمال حلب وإدلب، ووضع الفصائل في هيئة تحرير الشام باستثناء النصرة، أمام خيارات صعبة والحفاظ على أولوية مكافحة حزب العمال الكردستاني، وتحويل شمال غرب سوريا، بما فيه إدلب، إلى منطقة خالية من الإرهاب.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس