نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
شهدت العلاقات التركية الإيرانية مدًّا وجزرًا منذ الثورة الإيرانية عام 1979. تواصلت العلاقات على الصعد السياسية والدبلوماسية والاقتصادية. بيد أن انخفاض مستوى التعاون العسكري شكل الحلقة الأضعف في علاقات البلدين. ويعود ضعف العلاقات العسكرية إلى مفهوم وأولويات والأمن وخياراته الإيديولوجية لدى الجانبين.
ولضعف العلاقات العسكرية أسباب أخرى منها وجود تركيا ضمن نظام الدفاع الغربي بصفتها عضو في الناتو، وموقف الجيش التركي المرتاب من النظام الإيراني، والجو السلبي الناجمة عن العلاقات الأمريكية الإيرانية، إضافة إلى علاقات إيران مع حزب العمال الكردستاني.
واصلت إيران، في إطار سعيها للتخلص من عزلتها واكتساب الشرعية، جهودها من أجل توسيع وتعزيز علاقاتها العسكرية مع تركيا. وفضلًا عن طلبها المعدات العسكرية من حين لآخر عملت على إجراء زيارات على مستوى رفيع وإقامة علاقات وثيقة.
وعلى الرغم من أن عسكريي البلدين يجتمعون باستمرار من أجل بحث قضايا أمن الحدود إلا أن العلاقات بقيت رمزية.
كانت زيارة رئيس الأركان الإيراني محمد حسين باقري والوفد المرافق له إلى حدثًا أدى إلى تغير في هذا المشهد. ومع أن منصب رئيس الأركان ودوره رمزيان في إيران إلا أن بعض المتابعين يعتبرون أن الزيارة قد تكسب التعاون العسكري بين البلدين أبعادًا جديدة. فالزيارة لم تقتصر على رئيسي أركان جيشي البلدين فقط، حيث ضمت قائمة الجانب التركي مسؤولين عسكريين على أرفع المستويات.
وما زاد من مغزى الزيارة تزامنها مع فترة أرخت فيها المستجدات الإقليمية بظلالها على القضايا الأمنية والعسكرية، ويلعب فيها الجيش الإيراني دورًا فعالًا.
تشكل الحروب الداخلية المستمرة في المنطقة، والدول التي ضعفت أو انهارت، والتنظيمات التي زادت قوتها وأدوارها، والإرهاب، والهجرة، والشبكات الإجرامية وأمن الحدود، الطابع الرئيسي للمشاكل الأمنية في المرحلة الجديدة.
وتمثل زيادة أنشطة تنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني على الأخص، إضافة إلى تصاعد الأنشطة العسكرية والاستخباراتية الأمريكية والغربية والروسية، اهتمامًا مشتركًا بالنسبة للبلدين. وهناك حقيقة لا غبار عليها، وهي أن هذا المشهد المعقد غيّر جذريًّا القواعد وعلاقات التحالف التقليدية ووسائل التدخل.
يقوم الجيش والاستخبارات الإيرانيان بأنشطة سرية وعلنية في منطقة واسعة تمتد ما بين خليج البصرة وأفغانستان وتمر عبر العراق وسوريا إلى لبنان لتصل إلى اليمن.
التوتر الذي نشب بين إيران والولايات المتحدة بعد مجيء ترامب إلى البيت الأبيض دخل مرحلة جديدة مع صب إسرائيل الزيت على نيرانهه.
يبدو أن كل هذه التطورات بلورت لدى صناع القرار في تركيا وإيران فكرة حدوث تغير خطير في المنطقة. ومن الواضح أن الرد المناسب على ذلك سيكون عبر تعاون ووسائل ذات طبيعة مختلفة. فهناك قائمة طويلة من القضايا ذات الاهتمام المشترك تضم الملفين السوري والعراقي واستفتاء انفصال إقليم شمال العراق ومشكلة حزب العمال الكردستاني ومكافحة تنظيم داعش والأزمة القطرية.
ويمكن إضافة بعض القضايا للقائمة عقب الزيارة، تأتي في طليعتها علاقات تركيا مع الولايات المتحدة والناتو وإسرائيل والسعودية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس