نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
حصلت الحكومة التركية على تفويض من البرلمان من أجل إرسال قوات مسلحة إلى العراق وسوريا. الغاية هي إنشاء مناطق خفض التصعيد في سوريا، والرد بسرعة على المستجدات التي يمكن أن تقع عقب استفتاء انفصال الإقليم الكردي في العراق.
تتزايد تدريجيًّا التوقعات بإمكانية تنفيذ الجيش التركي عملية في الفترة اللاحقة لاستفتاء الإقليم الكردي. والسبب في ذلك مناوراته المستمرة منذ أيام على الحدود مع العراق، ووجود قوات له في العراق، وزيادة الظهور الإعلامي له.
غير أن المشهد أكثر تعقيدًا مما نرى ونتصور. فعلى الرغم من حصول الحكومة على تفويض إرسال قوات إلى العراق، إلا أن ذلك لا يعني أن الجيش التركي سيضطلع بدور مباشر هناك.
ينبغي على تركيا أن تحدد أولًا هدفها السياسي، ومن ثم ترسم الأدوار التي ستلعبها القوات المسلحة التركية في تحقيق الهدف المذكور، بشكل واضح.
وكجميع البلدان، يتوجب على تركيا، قبل التحرك، الانتظار ورؤية طريقة تعامل حكومتي أربيل وبغداد مع المشكلة، والخطوات التي ستقدمان عليها، والأدوات التي ستستخدمانها.
تبدو التوازنات/ الاضطرابات الحالية في الشرق الأوسط، وجيوسياسية العراق، والموارد الطبيعية التي يملكها، وموقف المجتمع الدولي من الأكراد، عوامل تعقد من التدخل العسكري لدول الجوار.
كما أن الشكوك حول إيران، و"أطماعها التاريخية التي يتوجب على تركيا لجمها"، و"تاريخ العلاقات الشائك" لحكومة بغداد مع الأكراد، كل ذلك سوف يحول المسألة من "انفصال الإقليم" إلى حماية الأكراد "المظلومين"، في حال التدخل العسكري. وهذا يعني أن لعب الجيش التركي دورًا مباشرًا مرتبط بسلسلة من الظروف الصعبة.
وعلى الرغم من بقائها في خلفية الأحداث إلا أن سوريا ستكون البلد الذي سيطبق فيه تفويض الجيش التركي بشكل مباشر. فمن أجل إنشاء مناطق خفض التصعيد بالتعاون مع روسيا وإيران، سترسل تركيا عقب مفاوضات أستانة ، خمس مئة جندي إلى مناطق مختلفة من إدلب.
سيراقب الجيش التركي وشركاؤه في العملية وقف القتال بين نظام الأسد و"المعارضة المعتدلة". فإذا تكللت المرحلة بالنجاح، سيبدأ تطبيق المرحلة الثانية، وهي إقدام "المعارضة المعتدلة" ونظام الأسد على خطوات من أجل الحل.
ولن تقتصر المهمة في سوريا على مراقبة وقف إطلاق النار بين "المعارضة المعتدلة" ونظام الأسد. فالمشكلة الرئيسية تكمن في غموض الخطوط العريضة بين الأطراف المتحاربة، وكثرة عناصر "المعارضة السيئة" والساعين للتحريض، في عملية عسكرية تجري وسط المدنيين. نتحدث هنا عن مسلحين مرتبطين بالقاعدة يعتقدون أنهم تعرضوا للخيانة، لا يعتبرهم القانون الدولي حتى أسرى حرب، وليس أمامهم خيار سوى الموت.
القتال مع مثل هذه المجموعات قادر على تغيير طبيعة المهمة الملقاة على عاتق الجيش التركي، بسرعة. وعلاوة على ذلك، عند إضافة المنافسة الأمريكية الروسية الإيرانية على الأرض، والأنشطة الاستخباراتية لنظام الأسد، إلى المشهد تتضح بشكل أفضل صعوبة المهمة.
وبالنتيجة، رغم أن الحديث يدور بشكل أكبر عن لعب الجيش التركي دورًا في العراق، إلا أن ذلك ما زال من قبيل الاحتمال. أما التدخل في سوريا فهو حقيقة واقعة. وكل ما نأمله الاستفادة من دروس "الباب".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس