ترك برس
يرى خبراء ومحللون أن الفترة المعلنة كمدة زمنية للعملية التركية في محافظة إدلب السورية والبالغة ستة أشهر، لن تكون كافية من أجل تحقق الأهداف، أن تركيا إذا نجحت بضبط الأوضاع وتخفيض التوتر فإنها قد تبادر إلى تطويق منطقة عفرين للتخلص من خطر الميليشيات الكردية.
المحلل العسكري والخبير الإستراتيجي السوري أحمد الحمادي، يصف دخول الجيش التركي إلى إدلب بـ"العملية المتدحرجة"، مستشهدا على ذلك بتعاقب تدفق القوات التركية بدءا من قوى الاستطلاع والضباط، مرورا بوحدات المدفعية والآليات الثقيلة، وصولا لقوات الهندسة التي دخلت إدلب لتؤمن التحصين الجيد للقوات التركية المتوافدة إليها.
ويقول الحمادي، خلال حديثه لشبكة الجزيرة، أن الميدان واحتياجات الجيش هما العاملان الأساسيان في تحديد أمد المعركة المعقدة التي تسمى "المعركة المشتركة الحديثة"، والتي تتطلب تحديثا متواصلا لاحتياجات الجيش يشمل الإمداد والاستطلاع والهندسة والتشويش والرادار، وهو ما يعني استمرار تدفق القوات والمعدات إلى مواقع انتشار الجنود.
وأوضح الحمادي أن هدف التدخل التركي في إدلب هو السيطرة على المحافظة، بمعنى منع دخول قوات أخرى إليها، ومنع الاقتتال بين القوى المسلحة فيها، ومنع قوات النظام وحلفائه الإيرانيين الموجودين في حلب وجنوب جبل عزات القريب من إدلب من الوصول إليها.
وردا على سؤال عن فرص اشتباك القوات التركية في إدلب مع قوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني في عفرين المجاورة، أوضح الحمادي أن تركيا تتطلع حاليا لعزل القوى الكردية في "كنتون عفرين" وليس الاشتباك معها.
وأوضح أن القوات التركية تمكنت من قطع الطريق بين عفرين والريف الغربي لحلب، كما قطعت طريق عفرين إلى إدلب، ولم يبق أمام القوى الكردية في عفرين سوى التواصل مع قوات النظام السوري في نبّل والزهراء باتجاه حلب.
وأضاف أن ما يمكن تسميته بـ"الجبهة التركية في إدلب" تهدف إلى منع تقدم قوات سوريا الديمقراطية في مناطق المعارضة، وحصارها في عفرين.
ولفت إلى أن تركيا إذا نجحت بضبط الأوضاع وتخفيض التوتر استنادا لتفاهمات أستانا، فإنها قد تبادر -وفق تفاهمات مع روسيا وغيرها من القوى الدولية- إلى تطويق عفرين للتخلص من خطر قوات سوريا الديمقراطية.
من ناحيته رأى المحلل السياسي التركي بكير أتاجان أن الفترة المعلنة كمدة زمنية لعملية إدلب والبالغة ستة أشهر، لن تكون كافية لتركيا كي تحقق أهدافها من التدخل العسكري، مؤكدا في الوقت ذاته أن من الصعب التنبؤ بالوقت الذي قد تحتاجه العملية، بحسب الجزيرة.
وقال أتاجان إن التدخل التركي كان اضطراريا في إدلب لحماية الداخل التركي من أخطار كثيرة لا تنحصر في قوات سوريا الديمقراطية، بل تشمل أخطارا أخرى تمثلها الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية التي خلقت فصائل تناصب تركيا العداء تحت أسماء كثيرة في الشمال السوري.
وأشار أتاجان إلى أن واشنطن دفعت بتنظيم الدولة الإسلامية للسيطرة على 15 منطقة في الشمال السوري، فضلا عن وجود قوى أخرى مناهضة لتركيا تشمل بعض فصائل الجيش الحر المدعومة أميركيا ومن بعض دول الخليج، وقوى الاتحاد الديمقراطي والنظام السوري، على حد قوله.
وأضاف أن كل ذلك سيفجر اشتباكات قصيرة الأمد مع الجيش التركي قد تستمر عاما على الأقل، لكنه أوضح أن تركيا أخذت كل ذلك في حساباتها عند تنفيذ العملية التي تسعى من ورائها لإقامة "خط دفاع" يحميها ويحمي مصالح سوريا كدولة معا، رغم رفض النظام في دمشق هذا التدخل.
وعن مآلات الحملة وإمكانية انتهائها بتفاهمات محددة، قال أتاجان إن تركيا وضعت من خلال الحملة في إدلب النقاط على الحروف أمام الدول الكبرى، وفي مقدمتها كل من روسيا والولايات المتحدة اللتين باتتا مضطرتين للتعامل مع تركيا كأهم قوة قادرة على التحرك على الأرض في الملف السوري والمنطقة.
كما يرى خبراء ومتابعون أن من يجلس على طاولة مباحثات "أستانة" يمتلك كلمة على الأراضي السورية، في حين لا يخفى على أحد هناك الكثير ممن هم في "جنيف" لا يمثلون سوى أنفسهم، بينما اعتبر آخرون أن اتفاق خفض التصعيد في محافظة إدلب أسس لمرحلة جديدة من إدارة الصراع في سوريا.
ويُشير هؤلاء إلى أنه في حال نجاح تنفيذه، فإن الاتفاق حول إدلب أجزاء من محافظات اللاذقية وحلب، قد يؤسس لمرحلة جديدة من التحالفات التي أسست لها جولات مفاوضات أستانة، فقد حوّل روسيا وإيران وتركيا -إضافة للنظام السوري- إلى أطراف تلتقي لأول مرة على أهداف معلنة وأخرى مضمرة تلتقي فيها مصالحها دون إعلانها.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!