نهاد علي أوزجان – صحيفة ملليت – ترجمة وتحرير ترك برس
زخم السياسة الداخلية قد يسقط من الأجندة بسرعة بعض القضايا، التي تستحق المزيد من الاهتمام بسبب خصوصيتها. تمامًا كما حدث في 5 اكتوبر، عندما تمكنت قوات الأمن التركية من تحييد 7 إرهابيين من حزب العمال الكردستاني قدموا إلى مدينة موغلا عن طريق البحر.
وبحسب تصريحات وزير الداخلية التركي وما ورد في وسائل الإعلام، فإن الإرهابيين قدموا بسفينة عبر المتوسط، إلا أنه تم تحييدهم قبل الانتقال إلى مواقع تنفيذ هجماتهم.
في الحقيقة، يمكن أن تعتبر الحادثة أمرًا اعتياديًّا بالنسبة للشارع التركي ولتركيا، التي تحدث أو تُحبط فيها يوميًّا عدة عمليات من هذا القبيل. لكن لهذه الحادثة ما يميزها عن غيرها.
فخروج مسلحي حزب العمال على متن سفينة من مدينة اللاذقية السورية ووصولهم إلى ساحل تركيا أمر جدير بالتمحيص. فالإرهابيون الذين كانوا يأتون بشاحنات القش اتبعوا هذه المرة أسلوبًا مختلفًا.
نتحدث هنا عن طريق وأسلوب جديد ومبتكر ومفاجئ، تمامًا كما فعل منفذو هجمات بومباي في الهند، حيث وصلوا المدينة عبر البحر في 26 نوفمبر 2008.
بومباي واحدة من أهم المدن الهندية لاحتضانها قطاع المال والسياحة وصناعة السينما. حركة الملاحة فيها كثيفة جدًّا. تعرضت المدينة للعديد من الهجمات لكن أكثرها دموية وقع في 26 و27 نوفمبر 2008.
وصلت مجموعة مكونة من عشرة أشخاص مدربين جيدًا ومزودين بأسلحة خفيفة، إلى بومباي عبر البحر، وهاجمت الفنادق السياحية فقتلت 160 شخصًا خلال ثلاثة أيام، وأوقعت مئات الجرحى.
اعترافات أحد المهاجمين، بعد القبض عليه، كشفت أن الهجوم كان بالوكالة عن دولة أخرى. واتضح أن المهاجمين أبحروا من ميناء كراتشي في باكستان، وحددوا الهدف بعد أن تبين وجود ثغرات أمنية في المدينة الكبيرة وضعف المراقبة فيها.
حادثة موغلا تم التخطيط لها من جميع نواحيها عبر تقليد هجوم بومباي. أما اختلاف النتيجة في الحادثتين فهو نجاح كبير وخبر جيد.
تظهر لنا الحادثة مرة أخرى كيف تتعلم التنظيمات الإرهابية وداعميها من بعضها البعض، وكيف تستفيد من تجارب بعضها على الرغم من اختلاف إيديولوجياتها.
ويبدو أن حادثة موغلا أوصل مناخ الإرهاب الناجم عن الحرب السورية من اللاذقية إلى موغلا. وتدلنا الحادثة على أن حزب العمال الكردستاني ما كان باستطاعته القيام بهذا العمل لولا مساعدة المخابرات السورية له.
هناك أوجه شبه تفوق التوقعات ما بين محاولة حزب العمال التسلل من موغلا وهجوم بومباي. قد يعرقل بناء جدار إسمنتي على الحدود البرية التهديدات ويقللها جزئيًّا، لكن العلاقات مع سوريا وصعوبة مراقبة السواحل تشير إلى أن حزب العمال سيعيد الكرة.
إذًا، ينبغي على المعنيين بالقضية إبداء الاهتمام بهجوم بومباي بقدر ما يهتم به حزب العمال، واستخلاص الدروس والعبر منه.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس