ترك برس
تباينت آراء الخبراء والمراقبين بشأن تجديد الإدارة الأمريكية تعهّداتها بشأن وقف الدعم العسكري لميليشيات "حزب الاتحاد الديمقراطي" (بي واي دي) وجناحه العسكري "وحدات حماية الشعب" (واي بي جي)، والتي تحارب في سوريا تحت مسمى "قوات سوريا الديمقراطية" وتعتبرها تركيا امتدادًا لـ"حزب العمال الكردستاني" (بي كي كي).
وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قال الجمعة، إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميركي دونالد ترامب، وأن الأخير أصدر تعليمات واضحة لمؤسسات بلاده بعدم إرسال شحنات إضافية من الأسلحة لتنظيم "بي واي دي" الإرهابي شمالي سوريا.
الباحث في العلاقات الدولية الدكتور باسل الحاج جاسم، يرى أن هذه ليست المرة الأولى التي يتعهد ترامب فيها بهذا الأمر، وسبق وقال إن بلاده لا تتعامل مع هذه المجموعات وإنما تتعامل مع ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية.
وبحسب موقع "أنباء آسيا الوسطى والقوقاز"، أضاف الحاج جاسم أن "كلام ترامب الأخير يأتي مباشرة بعد قمة سوتشي والتقارب الحاصل بين روسيا و تركيا وإيران، وهو ما قد يعني أنه مجرد كلام لن يكون له أي انعكاس على الأرض، وإنما فقط للتشويش على التقارب التركي الروسي".
وأشار الحاج جاسم إلى أن ترامب قد يكون صادقا فيما قاله، وتساءل: "كم هي القرارات والوعود التي تحدث بها سابقا، إلا أنها لم تجد طريقها للتنفيذ بسبب عقبات وضعتها جهات أميركية أخرى".
الحاج جاسم، رأى أن هناك نقطة لا يمكن تجاهلها، فالمسؤولون الأتراك دوما يؤكدون أن واشنطن تعهدت بإعادة الأسلحة التي قدمتها للذراع السوري لحزب العمال الكردستاني بعد نهاية الحرب على داعش تلك الأسلحة بحسب أكثر من مصدر تركي تكفي لتسليح جيوش نظامية.
واعتبر أن المراقب لا يمكنه عدم ملاحظة أين كان الحديث حول هذه المسألة وأين بات اليوم بين واشنطن وأنقرة، موضحا أنه لم يعد هناك أي حديث عن استعادة أي أسلحة.
وتابع الباحث: "في المحصلة الوعود الأميركية باتت تحتاج إلى إثبات حسن نية و خاصة فيما يتعلق بسوريا، ولا بد من انتظار الأفعال، وعدم التعويل على الأقوال".
في سياق متصل، يرى الخبير العسكري أحمد الحمادي أن الولايات المتحدة زودت تلك المليشيات سابقا بكميات كبيرة وهائلة من الأسلحة المختلفة، والتي تكفي لتحقيق الأجندات الأمريكية في المنطقة دون الحاجة لمزيد من الدعم. وأشار إلى أن "واشنطن زودتهم بكل أنواع الأسلحة إلا الطائرات فقط".
وبحسب موقع "عربي21"، قال الحمادي إن واشنطن موجودة في المنطقة التي تسيطر عليها حليفتها قوات سوريا الديمقراطية، ولديها هناك حوالي 2000 مقاتل ينتشرون في 10 قواعد عسكرية، وهذه القوات كافية إلى جانب المليشيات الكردية لفرض النفوذ الأمريكي في كامل المنطقة شمال سوريا.
من جهته، قال المحلل السياسي محمود عثمان، إن هناك قناعة أمريكية بجدوى العمل مع المنظمات الكردية في شمال سوريا، وهذا بالتأكيد أثار غضب ومخاوف تركيا، خاصة مع التسليح الأمريكي المميز لها، من الأسلحة الثقيلة التي غالبا ما تزود بها الدول وليس منظمات محلية.
وأشار إلى أنه مع دخول سوريا مرحلة التسوية، اتضح أن الأمريكان لا يريدون أن يخسروا تركيا، وأضاف: "أعتقد أن ترامب وإدارته لم يكونوا يفضّلون هذا كل هذا الدعم لهذه المنظمات والذي امتد منذ عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وعليه فإن واشنطن الآن أمام اختبار حقيقي في إمكانية وقف الدعم عن تلك المنظمات".
واستدرك بالقول: "لكن ليس كل ما يريده ترامب يأخذ طريقه للتنفيذ، فالكثير من قراراته ما زالت موضع نقاش وخلاف في أروقة الإدارة الأمريكية".
وحول مصير تلك المنظمات حال توقف عنها الدعم أضاف: "المسألة الكردية حساسة، والمليشيات الانفصالية ذهبت بهذه القضية حد المقامرة، ورأينا كيف تعامل المجتمع الدولي مع استفتاء الأكراد في شمال العراق وكيف عبر عن رفضه، وهو لا ينظر بعين الرضا إلى توجهات الأكراد إلى الانفصال في كيانات مستقلة".
وتابع: "أمريكيا والمجتمع الدولي تتعامل مع هذه المليشيات تكتيكيا للوصول إلى هدف محدد ولكن على المستوى السياسي فلا أعتقد أن هناك أفق ومستقبل لهذا التعامل".
أما الكاتب والمحلل السياسي التركي جنكيز تومار فرأى أنه لا يمكن الوثوق بما أعلنته واشنطن حول وقف تسليح المنظمات، لافتا إلى أن التقارب الروسي الإيراني التركي والذي تمثل في مؤتمر "سوتشي"، كان له أثر كبير في إعلان أمريكا وقف تسليح هذه المنظمات.
وذكّر الكاتب بعدم وفاء إدارة الرئيس السابق باراك أوباما بسحب المليشيات الكردية من منبج القريبة من الحدود التركية، لافتا إلى أن هذه الحادثة تثير أسئلة حول صدقية الإعلان الأمريكي ومدى التزامها به.
وقال تومار إن هناك تقاربا سوريا إيرانيا روسيا، ويبدو أن تركيا لا تعارض قضية وجود الأسد ضمن المرحلة الانتقالية، وهي بذلك قبلت بوجهة النظر الروسية حول الحل السياسي في سوريا.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!