غلام أصغر ميثا - أورينتال ريفيو - ترجمة وتحرير ترك برس
في 7 ديسمبر/ كانون الأول 2017، نقلت صحيفة يني شفق المحافظة والمؤيدة القوية للرئيس رجب طيب أردوغان، عن الرئيس التركي قوله إن خطوة ترامب في القدس "تلقي المنطقة في حلقة نار"، و"تهدف إلى إثارة الفوضى في المنطقة، وليس لتحقيق السلام"، وأن "القدس يا سيد ترامب، خط أحمر بالنسبة إلى المسلمين". وهذه ليست كلمات فارغة يوجهها شريك في حلف شمال الأطلسي وبلد اعترف بإسرائيل.
وقال أردوغان في العاصمة أنقرة قبل مغادرته إلى اليونان "لا يمكن فهم ما يريد ترامب تحقيقه".
وقالت فيديريكا موغيريني، المفوضة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي: "إن الإعلان الأمريكي يمكن أن يعيدنا إلى أكثر الأوقات ظلمة مما نعيشه الآن." وأشارت إلى أنها تقاسم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الرأي بأن الاتحاد الأوروبي لديه "موقف واضح وموحد" حول هذه القضية، وقالت: "نعتقد أن الحل الواقعي الوحيد للنزاع بين إسرائيل وفلسطين يرتكز على أساس دولتين مع القدس عاصمة لدولة إسرائيل ودولة فلسطين."
وفي 7 ديسمبر 2017 نقلت مجلة نيوزويك عن مسؤولين إيرانيين أن العرب والمسلمين يجب أن يدافعوا عن القدس ويستهدفوا إسرائيل بالصواريخ. وعلى غرار تركيا، أثبتت إيران موقفها الحاسم في مناسبات كثيرة، وأنها بلد لها قيادة ليست عاجزة. وقال اللواء محمد باقري رئيس أركان الجيش الإيراني لقناة بريس تي في: "ينبغي على المسلمين في العالم أن لا يسمحوا بفصل جزء من جسد العالم الإسلامي، مضيفاً: "فليعلم كل متعجرف، وعلى رأسهم أمريكا المجرمة، أن العالم الإسلامي بوحدته سيمنع هذه الخطوة البغيضة، التي كانت يقظة للأمة الإسلامية" فهل هذا ممكن؟
وقال بيان صادر عن مكتب رئيس وزراء باكستان النووية: "إن من المؤسف للغاية أن يتم تجاهل مناشدات جميع دول الدول بعدم تغيير الوضع القانوني والتاريخي للقدس الشريف".
وحتى السعودية أقرب حليف لترامب في الشرق الأوسط، رفضت قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ووصفت هذه الخطوة بأنها "غير مبررة وغير مسؤولة. ولكن الأجندة السعودية الحالية هي التصدي لإيران وليست إسرائيل."
وقد تكون الرسالة التي وجهها رئيس جمعية شباب نهضة العلماء الإندونيسية، عرفان مجاهد، أقوى رسالة وجهتها الدول الإسلامية، حيث دعا إلى طرد السفير الأمريكي من إندونيسيا إذا تجاهل ترامب هذا الطلب. كما أن الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو دعا الدول الإسلامية إلى التوحد ورفض الخطوة الأمريكية.
لذلك هناك أربع دول إسلامية قوية هي تركيا وإيران وإندونيسيا وباكستان (أتحفظ دائما من النوايا المصرية) تمتلك جيوشا ضخمة، ويزيد عدد سكانها على 600 مليون، أعربت عن معارضتها لتسمية القدس عاصمة إسرائيل، بوصفه يتناقض مع قرار الأمم المتحدة رقم 478 الصادر في العشرين من آب/ أغسطس 1980.
ومن المقرر أن تعقد منظمة التعاون الاسلامي التي تضم 57 دولة قمة استثنائية للقادة المسلمين في 12 و13 كانون الأول/ ديسمبر في إسطنبول، حيث ستناقش انعكاسات القرار الأمريكي وصياغة موقف إسلامي موحد بشأن هذا التصعيد الخطير. فهل يمكن أن يصدر موقف إسلامي موحد؟
السؤال الرئيسي الذي يجب تناوله هو السؤال الذي طرحه أردوغان: ماذا يريد ترامب تحقيقه من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟ وعندئذ فقط يمكن مناقشة قرار ترامب، عندئذ يمكن اتخاذ نتائج قرار ترامب للمناقشة، وهل سيؤدي إلى حريق في المنطقة كما قال أردوغان.
طرحت سؤالا في مقالي الأخير في أورينتال ريفيو هل ترامب الذي لا يمكن التنبؤ بقراراته عجوز مخرف أم شاب طائش؟ يبدو من آراء كثير من المحللين السياسيين والإعلاميين الذين يعرفونه معرفة كافية أن كل هذه الصفات تنطبق عليه، ولذلك فإن قراره الاعتراف بالقدس ليس مفاجئا. ولكن وراء هذه الصفات قد تكمن مؤامرة ماكرة من وضع بنيامين نتنياهو. يريد ترامب أن يجعل أمريكا أمة عظيمة، ولكن في هذه العظمة حرب غير عقلانية.
عندما تبدأ الشمس في المغيب عن أي إمبراطورية، وكانت الإمبراطورية الرومانية والبريطانية أكثرها كلاسيكية، تحاول هذه الإمبراطوريات يائسة الحفاظ على الشمس، ولكن قيادة الإمبراطورية تبدأ بالتفكك، ويبدأ الأساس المنطقي الذي يجعل من الأمة إمبراطورية في الانهيار.
لم تشهد أمريكا أي تهديد من مواطنيها المسلمين لأن غالبيتهم العظمى ساهموا بمواهبهم المهنية والتجارية في جعلها أمة عظيمة. بيد أن ترامب ليس مستعدا لقبول مساهمات جميع المهاجرين بمن في ذلك المسلمون والصينيون والمكسيكيون أو حتى مساهمات سلفه من أصل أفريقي أمريكي. وهو يفضل مجموعة اليمين المتطرف بوصفهم مساهمين حقيقيين، ويرى المسلمين، على وجه التحديد، داخل الولايات المتحدة وخارجها بوصفهم تهديدا لأمريكا، على غرار القبائل الجرمانية التي هددت الإمبراطورية الرومانية بقيادة الإمبراطور القوي ماركوس أوريليوس حتى بدأ ابنه كومودوس الحرب الرومانية. ترامب يشارك نتنياهو الخوف من المسلمين.
أخفق ترامب حتى الآن في دق إسفين بين الشيعة والسنة أو دق إسفين بين العرب. الأساس المنطقي الذي يستند إليه ترامب لجعل أمريكا أمة عظيمة هو الحرب، أو إشعال حلقة النار في المنطقة. لن يتراجع ترامب لن عن قراره، فما هي الردود التي يمكن توقعها من القادة الإسلاميين في أعقاب قمة منظمة التعاون الإسلامي؟
إذا كانت القدس هي الخط الأحمر بالنسبة إلى المسلمين، فكيف يعتزمون تناول القضية؟ هل يغضون الطرف، ويمنحون ترامب الفرصة لتنفيذ قراره، وقيادة الدول الأخرى إلى الاعتراف بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل؟ أم أن المسلمين سيتحدون على منصة القدس؟
يتوقع ترامب أن يستسلم المسلمون، ويعلق آماله على أضعف الدول العربية، السعودية والإمارات ومصر والأردن القادرة تماما على إحباط خطط الدول الأقوى تركيا وباكستان وإيران التي يحتاج الفلسطينيون إلى اتخاذها إجراءات لمواصلة نضالهم.
قد تُظهر دول منظمة التعاون الإسلامي في قمة اسطنبول أنها موحدة ولكنها تاريخيا كانت دائما مشتتة. وهذا أمر يدركه نتنياهو، فهذه الدول لا تستطيع التحدث بصوت واحد ولا توجد قيادة إلا تدس الفرقة بين صفوفها. والأهم من ذلك أن قمة منظمة المؤتمر الإسلامي يجب ألا تظهر أي استعداد للتفاوض بشأن موقف القدس في إطار قرار الأمم المتحدة 478 لأن ذلك سيعد ضعفا يمكن أن يستغله ترامب ونتنياهو بسهولة. والواقع أن الحل الوحيد الذي ينبغي أن يكون جزءا من البيان الختامي لمنظمة التعاون الإسلامي هو أن الدول الأعضاء مستعدة لإطلاق حلقة إطلاق النار في المنطقة إذا لم تتراجع الولايات المتحدة عن قرارها. وإذا فضل قادة منظمة التعاون الإسلامي هذه الوحدة، فإن مشروع ترامب ونتنياهو محكوم عليه بالإخفاق.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مواضيع أخرى للكاتب
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس