عبو الحسو - خاص ترك برس
تناقصت أعداد المهاجرين إلى أوروبا بعد الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي في آذار/ مارس عام 2016 بهذا الخصوص، حيث تم بموجب ذلك الاتفاق تشديد المراقبة على السواحل التركية واليونانية وإعادة كل من يصل إلى الجزر اليونانية من تركيا إلى تركيا مجدداً على أن يتم ارسال لاجئين من تركيا غالبيتهم من المخيمات في إطار برنامج إعادة التوطين.
لكن وبالمقابل بدأت هجرة عكسية وبطرق في معظمها غير شرعية من أوروبا إلى تركيا، حيث يصل القادمون جواً أو براً الى مدينة سالونيك في اليونان باستخدام وثائق مزورة أو حقيقية ثم بعد ذلك وعبر طرق مختلفة يتوجهون براً إلى مدن لافارا أو ذيذيموتيخو أو سوفلي اليونانية الحدودية مع تركيا، ومن ثم السير على الأقدام لعدة ساعات عبر الغابات وصولاً إلى نقطة العبور عند نهر ايفرسون حيث يتم قطع النهر إلى الطرف التركي في ولاية أدرنة.
وتتم العملية إما بشكل مباشر من قبل طالبي الهجرة العكسية بالاستفادة من تجارب وخبرات لاجئين سابقين عادوا من أوروبا ومشاركتها عبر صفحات ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة (على سبيل المثال وصل عدد أعضاء إحدى المجموعات التي تُعنى بالهجرة العكسية إلى27 ألف عضو)، أو تتم العملية عبر المهربين مقابل مبلغ من المال.
لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد العائدين من أوروبا إلى تركيا لأن الهجرة تتم في غالبيتها بشكل غير شرعي، لكن هناك بعض الأرقام والتقارير التي قد تعطينا تصوراً عن أعداد العائدين.
ففي الدانمارك وخلال شهر كانون الثاني الماضي 279 شخص ألغوا طلبات لجوئهم، أما في السويد التي تحوي قرابة 170 ألف لاجئ، خلال عام 2016 كان يعود 300 شخص /شهرياً لكن مع بداية عام 2017 ارتفع العدد إلى 700 شخص/ شهرياً.
ومن ألمانيا التي تحوي أكبر عدد من اللاجئين عاد خلال عام 2016 ما يقارب 55 ألف لاجئ.
مع فرض الحكومة التركية شرط الحصول على التأشيرة للسماح للسوريين بدخول أراضيها، وبنفس الوقت مع وجود صعوبات كبيرة في الحصول على هذه التأشيرة أصبح من الصعب جداً على اللاجئين العودة بالطرق الشرعية إلى تركيا، بالمقابل نجد أن معظم الدول الأوروبية تشجع اللاجئين لديها على العودة طواعية وبعض هذه البلدان تعرض حوافز مالية لقاء ذلك.
السويد مثلاً تعرض 6 آلاف يورو على كل من يرغب بالعودة إلى بلده وموطنه الأصلي والنرويج تعرض مبلغ 2500 يورو.
كما أن الحكومة الألمانية عرضت حوافز مالية لكل من يرغب بالعودة طواعية وقال وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزير؛ إن قيمة الدعم تبلغ ثلاثة آلاف يورو، لكل عائلة ترغب بالعودة من ألمانيا إلى بلدها الأم “طوعًا”، للمساعدة بدفع الإيجار أو أعمال تجديد المسكن.
وهنا يمكن أن نلخص أسباب الهجرة العكسية في النقاط التالية:
1- صعوبة الحصول على بطاقة اللجوء التي قد تستغرق أكثر من سنة وقد تمتد أحياناً لسنتين، ففي ألمانيا مثلًا وبعد توقيع اتفاقية تبادل اللاجئين بين تركيا والاتحاد الأوروبي في آذار عام 2016 فقد تشددت كثيراً في الاشتراطات اللازمة لمنح حق اللجوء للاجئين واستبدلت ذلك بما يسمى "الإقامة المؤقتة" أو الثانوية التي تعطى لمدة عام قابلة للتمديد بشرط العودة إلى بلادهم حين انتهاء الحرب ولا يحق لمن حصل على هذه الاقامة المؤقتة استقدام عائلته أولم شملهم، وحسب آخر الاحصائيات فقد بلغت نسبة الذين تم منحهم الاقامة الثانوية 60% من طلبات اللجوء.
2- صعوبة لم الشمل وتشتت الأسر بين سوريا وتركيا ودول الاتحاد الأوروبي، ففي النمسا مثلاً هناك شرط يفرض المدة التي يسمح فيها لللاجئ بتقديم طلب لم الشمل وهي خلال الـ /3 / أشهر الأولى من قدومه بالمقابل يشترط عليه تقديم إثبات بأنه يعمل وقادر على إعالة نفسه وأسرته التي يريد لم شملها مع وجود سكن وتأمين صحي لجميع أفراد الأسرة وبالتالي يصعب على الكثيرين تحقيق هذا الشرط.
3- الرغبة بالعودة لدى العالقين لفترة طويلة على الحدود وخاصة في اليونان بسبب الظروف السيئة في المخيمات التي يعيشون فيها وطول فترة الانتظار.
4- عدم القدرة على التأقلم مع المجتمعات الأوروبية القائمة على الصرامة في تطبيق القوانين وبالمقابل الانفتاح والحرية المجتمعية، أيضا القوانين المتعلقة بالأولاد التي تمنع التدخل بحياتهم حتى من قبل الوالدين والتخوف من ضياعهم نتيجة اختلاف المعايير الأخلاقية والتحرر من رقابة الوالدين والمجتمع. أيضا الخوف من نزع رعاية الأطفال واحتمال إعطائهم لأسر أخرى بحجة العنف الأسري أو عدم الكفاءة.
5- طبيعة المناخ وفترة الشتاء الطويلة القاسية وكذلك طول فترة الليل وقلة شروق الشمس جعلت الكثير من اللاجئين لا يستطيعون التأقلم فيزيولوجياً ويتناولون الكثير من الفيتامينات ومضادات الاكتئاب للتخلص من الخمول والكسل والاكتئاب.
6- وجود نزعة العداء والعنصرية والتشكيك ضد الأجانب وإساءة معاملتهم والفوبيا من الدين الاسلامي في بعض مناطق اللجوء.
7- تشابه الحياة والعادات والتقاليد والحياة العامة والدين في تركيا مع حياة السوريين وعاداتهم وتقاليدهم، مما يدفع بالعودة رغم إقرار الكثيرين بصعوبة تأمين لقمة العيش وايجاد فرص العمل وانخفاض الأجور مع عدد ساعات عمل طويلة قد تمتد لـ 12 ساعة يومياً.
وفي هذا السياق أكد مستشار مفوضية الاتحاد الأوروبي لشؤون اللاجئين في بروكسل، وليد درويش في تصريح لبعض الوكالات بأن "أن السوريين اضطروا للسفر إلى أوروبا هرباً من الحرب، إلا أن الكثيرين منهم عادوا من أوروبا إلى تركيا لعدة أسباب رسخت مفهوم الهجرة العكسية". وتابع درويش قائلاً: "إن هناك نسبة منهم لا تستطيع التكيف سواءً مع الجو، وطريقة الحياة، والتصرفات العامة، بالإضافة إلى أن حدوث الأعمال الإرهابية فى أوروبا والتي أدت إلى خلق نظرة متشككة نحو اللاجئين، مما جعل البعض يشعر بعدم الترحيب".
وأوضح دوريش "أن البعض اعتبر تركيا أفضل بالنسبة لهم فى ظل الظروف المعيشية الصعبة لمن هو عالق على الحدود، بالإضافة إلى توافر فرص العمل على الرغم من الأجور الضعيفة، ووجود التجمعات الكبيرة بها، كذلك قرب تركيا من ديارهم فى سوريا، لأن هناك نسبة كبيرة منهم لا تريد الإستمرار والعيش خارج سوريا".
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس