أوكتاي يلماز - أخبار تركيا
مع إصدار محكمة في إسطنبول مذكرة اعتقال بحق زعيم جماعة "خدمة" فتح الله غولن المقيم بولاية بنسلفانيا الأمريكية، دخلت المواجهة ما بين الحكومة التركية وبين جماعة غولن التي تسميها الحكومة "الكيان الموازي" مرحلة حاسمة.
تجدر الإشارة إلى أن مكافحة الكيان الموازي باتت سياسة الدولة التركية الأمنية، بعد قرار مجلس الأمن القومي الأخير بهذا الخصوص، حيث أدرجه في قائمة المنظمات التي تشكل خطرا على الأمن القومي للبلاد، يجب مكافحتها.
التهمة الموجهة إلى كولن تتعلق بتشكيل وقيادة تنظيم إرهابي مسلح، كما أن هناك تحقيقات أمنية وقضائية عدة حول فاعلياتها المخالفة للقانون، ومن المتوقع جمع هذه القضايا كلها في ملف الكيان الموازي.
وبموجب قرار المحكمة في إسطنبول حول كولن ستطلب السلطات التركية من الشرطة الدولية "الإنتربول" إصدار المذكرة الحمراء بحقه لتوقيفه وإعادته من الولايات المتحدة إلى البلاد.
فهناك اتفاقية بين أنقرة وواشنطن سارية المفعول تقضي بإعادة المتهمين من الجانبين، وبموجب هذه الاتفاقية أعادت تركيا الكثيرين ممن طالبت بهم السلطات الأمريكية للتحقيق معهم في قضايا الإرهاب أو غيرها من القضايا العادية. وفي زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة في منتصف العام الحالي وخلال لقائه المسؤولين الأمريكيين شرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أبعاد قضية الكيان الموازي وأهمينها بالنسبة إليه وإلى بلاده. كما أكد أردوغان ضرورة تضامن الأصدقاء الأمريكيين بهذا الخصوص.
وبعد صدور قرار المحكمة التركية باعتقال كولن، لم يعلق المتحدثون الأمريكيون الرسميون على قرار المحكمة التركية، ولم يوضحوا موقف حكومتهم من مطلب السلطات التركية بخصوص إعادة كولن. في الواقع إن عملية إعادة المطلوبين الأجانب من الولايات المتحدة إلى بلدانهم تتطلب إجراءات طويلة وتحتاج إلى قرار قضائي أمريكي.
تنشط جماعة غولن في أكثر من مئة دولة في مجالات عديدة وتقيم علاقات قوية مع عدد من هذه الدول. كما أن أركان الجماعة يقيمون في الولايات المتحدة ولهم علاقات قوية مع عدد من الأشخاص والمؤسسات المؤثرة هناك.
وفي معركتها ضد الحكومة التركية تستفيد الجماعة من هذه العلاقات، مع مواصلة إعلامها الواسع الانتشار حملة شرسة لتشويه صورة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان و حكومة العدالة و التنمية لدى الرأي العام الدولي. نجح إعلام الجماعة في تصوير العملية الأخيرة في الرابع عشر من الشهر الحالي والتي طالت بعض رجال الأمن والإعلام المرتبطين بالكيان الموازي، بأنها مساس بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة.
و يواصل أنصار الجماعة تنظيم مظاهرات في مدن الولايات المتحدة للتأثير في الرأي العام الأمريكي متهمين الحكومة التركية بقمع حرية الصحافة. ويبدو أن الجماعة من خلال أنشطتها المكثفة تؤثر على الرأي العام الأمريكي أكثر من تأثير المنظمات المدنية ووسائل الإعلام القريبة من الحكومة التركية.
الجماعة ومن خلال تبني خطاب ازدواجي: خطاب متشدد وإقصائي تجاه حركات إسلامية أخرى، وخطاب انفتاحي تسامحي نحو الغربيين، نجحت إلى حد ما في تقديم نفسها أمام الرأي العام الغربي على أنها حركة دينية تعلمية ثقافية معتدلة وبديلة للجماعات المتطرفة. وما زالت الجماعة تحتفظ بقوة علاقتها مع أطراف خارجية وتحظى بدعم ومساندة تلك الأطراف.
وإذا عدنا إلى مسألة إعادة كولن، أتوقع عدم حصول هذه الإعادة. فالأمركييون سيتذكرون فجأة أن لهم قيماً ومبادئ ديمقراطية تجب مراعاتها وسيرفضون من ثم مطلب السلطات التركية بهذا الخصوص، اللهم إلا إن قررت واشنطن استغلال هذه القضية واستخدامها كورقة لمساومة أنقرة للحصول على مصالح أو تنازلات معينة. الأمر الذي بالطبع لن يريح الحكومة التركية لتبقى هذه القضية موضع خلاف جديد في العلاقات التركية الأمريكية.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس