أوكتاي يلماز -أخبار تركيا
مع اقتراب موعد انتخابات 7 يونيو-حزيران بدأت ميادين تركيا وشاشات القنوات تسخن شيئا فشيئا، فقد أعلنت الأحزاب السياسية التي ستخوض انتخابات البرلمان برامجها الانتخابية وأطلقت حملاتها الدعائية وبدأ زعماء الأحزاب ينزلون إلى الميادين لخطاب جماهيرهم.
تعتبر انتخابات السابع من يونيو البرلمانية آخر حلقة لسلسلة الانتخابات التركية خلال سنة، بدأت بانتخابات 30 مارس المحلية ثم عقبها انتخابات الرئاسة في العاشر من أغسطس من السنة الماضية حيث انتهت بفوز حزب العدالة والتنمية الحاكم كما هو العادة منذ 2002.
فقد حصل الحزب في الانتخابات المحلية على نحو 44 من إجمالي الأصوات ليفوز في معظم بلديات المدن، وفي الانتخابات الرئاسية حسم مرشح الحزب رجب طيب أردوغان الانتخاب في الجولة الأولى من دون الحاجة إلى جولة الإعادة. وهذا النجاح تحقق رغم تعرض الحزب لحملات تشويه شديدة داخليا وخارجيا. حزب العدالة و التنمية الذي تم تأسيسه من قبل رجب طيب أدروغان وأصدقائه عام 2001 فاز في جميع الانتخابات وبزيادة نسبة أصواته.
في هذه المرة أيضا النقاش ليس حول من سيفوز في الانتخابات بل النقاش حول النسبة التي سيفوز بها حزب العدالة والتنمية في الانتخابات، هذا ما يناقشه زعماء الأحزاب المعارضة بأنفسهم، حاول رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليشدار أوغلو طمأنة ناخبيه وقال “لا تقلقوا إن حزب العدالة والتنمية لن يتجاوز 330 مقعدا، وهو الحد الأدنى لتمرير تغيير دستوري عبر قرار برلماني بشرط عرضه على تصويت شعبي.
من جهة حزب العدالة والتنمية، يخوض الحزب الانتخابات أول مرة بدون مؤسسه التاريخي رجب طيب أردوغان، وذلك بعد انتخاب أردوغان رئيسا للجمهورية، فالدستور التركي يلزم رئيس الجمهورية بقطع علاقاته مع حزبه وبالحياد تجاه جميع الأحزاب.
ستكون الانتخابات اختبارا حقيقيا للحزب ولرئيسه الجديد أحمد داود أوغلو. وكان الحزب حصل في آخر الانتخابات البرلمانية التي أجريت في شهر يونيو عام 2011 على خمسين في المئة من إجمالي الأصوات، وحصل رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية على 52 في المئة.
في ظل التطورات السياسية الراهنة في البلاد، حصول الحزب على نسبة خمسين في المئة غير متوقع، يتوقع الخبراء حصول الحزب على حوالي خمسة وأربعين في المئة من الأصوات، الأمر الذي يمكّنه من الحصول على أغلبية مريحة في البرلمان وتشكيل الحكومة بمفرده.
أما الحصول على 367 مقعداً ليتمكن من تغيير الدستور دون اللجوء إلى تصويت شعبي مرهون بتجاوز حزب الشعوب الديمقراطي (الكردي) حاجز العشرة في المئة للدخول إلى البرلمان. تشير استطلاعات الرأي أن الحزب في حدود هذه النسبة و تخطيها لهذا الحاجز لن يكن مفاجئا. حيث كان الحزب يدخل الانتخابات بمرشحين مستقلين نظرا إلى صعوبة تخطي نسبة عشرة في المئة في أنحاء البلاد، ومع سياسة الانفتاح على المجتمع التركي وبعد حصول زعيم الحزب سليمان دميرتاش على نسبة 9.8 في المئة في الانتخابات الرئاسية وجد الحزب شجاعة في خوض الانتخابات بالحزب وليس بمرشحين مستقلين.
يخوض الانتخابات عشرون حزبا ولكن ثلاثة أو أربعة أحزاب فقط سيرافقهم الحظ في الدخول إلى البرلمان وتمثيل منتخيبهم. هذه الأحزاب الأربعة يمثلون الاتجاهات الرئيسة في البلاد وهي حزب العدالة والتنمية ذو التوجه المحافظ والإسلامي وحزب الشعب الجمهوري ذو التوجه اليساري والعلماني وحزب الحركة القومية ذو التوجه القومي التركي وحزب الشعوب الديقراطي ذو التوجه القومي الكردية. كما أسلفنا أن حزب الشعوب الديمقراطي في حدود حاجز العشرة في المئة. أما حزب الشعب الجمهوري وهو أكبر الأحزاب المعارضة في البلاد فيتوقع حصوله على ما بين 25 و28 في المئة وحزب الحركة القومية أصواته تراوح بين 15 و 18 في المئة حسب استطلاعات الآراء.
هناك تحالف وطني متشكل من حزب السعادة (الإسلامي) وحزب الوحدة الكبرى (الوطني – الإسلامي)، هذان الحزبان سوف يخوضان الانتخابات بقوائم مشتركة تحت سقف حزب السعادة وبشعار التحالف الوطني. من المتوقع حصول التحالف الوطني على أربعة في المئة من الأصوات، ولكن هذه النسبة لن تمكنه من الدخول إلى البرلمان بسبب حاجز العشرة في المئة. لعل ارتفاع نسبة هذا الحاجز من عيوب الديقراطية التركية، يجب مراعة الاستقرار مع مراعة العدل في التمثيل.
هناك حزب آخر كان يسمى حزب العمل بزعامة دوغو برينجاك ذي التوجه اليساري العلماني القومي تم تغيير اسم الحزب إلى حزب الوطن، لينفتح على القوميين الأتراك، من المتوقع أن يحصل هذا الحزب على حوالي واحد في المئة من الأصوات. أما باقي الأحزاب فغالبيتها أحزاب لوائح ليس لها محل من الإعراب.
أما جماعة كولن التي تسميها الحكومة بالكيان الموازي والتي دخلت بصراع مرير مع الحكومة، تواصل حملتها الإعلامية ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شخصيا وضد حكومة العدالة والتنمية أيضا، ولكن يبدو أن تأثير هذه الحملة بقيت محدودة إذا نظرنا إلى نتائج الانتخابات المحلية والرئاسية السابقتين .
منذ تبني النظام الديمقراطي في الخمسينيات من القرن الماضي تشهد الحملات الانتخابية في البلاد صراعا حاسما بين الأحزاب، لكن هذا التوتر سرعان ما يزول مع إعلان نتائج الانتخابات تقبلا لحكم الصناديق والإرادة الوطنية، فسيكون الثامن من يونيو بداية جديدة في مسيرة بناء تركيا الجديدة..
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!
مقالات الكتاب المنشورة تعبر عن رأي كاتبها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي ترك برس