ترك برس
عقب قرار ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إلى المدينة المقدسية، عاد الجدال في الأوساط السياسية والتاريخية والإعلامية، حول الهوية التاريخية والدينية للقدس. حيث صرح وزير الخارجية الإسرائيلي داني دانون بأن "القدس كانت عاصمة لليهود منذ ثلاثة آلاف سنة". الأمر الذي أثار ردود أفعال من قبل المؤرخين قبل السياسيين الأتراك.
وفي معرض رده على مزاعم وزير الخارجية الإسرائيلي حول أن "القدس عاصمة اليهود منذ 3 آلاف سنة"، قال البروفسور نوح أرسلان طاش عضو هيئة التدريس بكلية الإلهيات في جامعة مرمرة التركية، إن تلك المزاعم لا تعكس الحقيقة التاريخية، مشيراً إلى أن العرب كانوا يعيشون في القدس قبل سيطرة بني إسرائيل على المدينة.
وأضاف الأكاديمي التركي بأن الكنعانيين العرب كانوا يعيشون في المنطقة، حين جاء إليها النبي إبراهيم عليه السلام، لافتاً إلى أن العرب كانوا يعيشون بكثرة في المنطقة خلال عهد النبي داوود عليه السلام أيضا.
وأضاف "أرسلان طاش" بأنه قبل الميلاد بنحو ألف عام، سيطر داوود عليه السلام على مدينة القدس. وفي عام 586 قبل الميلاد، سيطر البابليون على المدينة وقاموا بنهبها. وبقيت القدس عاصمة البابليين لمدة 414 عام، موضحاً أن السيطرة على المدينة انتقلت من اليهود إلى البابليين ثم الفرس ثم لحكم اليونانيين خلال الحقبة الهلنستية ثم إلى إمبراطوريتي روما وبيزنطة، على حد قوله.
وتابع البروفسور التركي قائلاُ: "خلال تلك الفترة، حكم المنطقة والقدس أشخاص عينتهم الدولة من اليهود أو غيرهم، لكن القدس لم تصبح عاصمة اليهود أبدا منذ ذلك التاريخ، باستثناء حقبة واحدة"، مبيناً أن تلك الحقبة كانت خلال القرون الأولى للميلاد، حيث استولت السلالة الحشمونية اليهودية على القدس خلال الفترة السلوقية. وخلال الفترة الممتدة من 60 – 80 ميلادية، فرض اليهود سيطرتهم على القدس بشكل فعلي.
وأضاف: "باختصار اليهود حكموا القدس بشكل فعلي مدة 494 عاما".
وبحسب "أرسلان طاش" فإنه عقب تمرد "بار كوخبا" (132 - 135)، منعت إمبراطورية روما دخول اليهود إلى القدس حتى عام 638. ولم يتمكن اليهود من دخول القدس خلال حكم روما وبيزنطة مدة 500 عام، وفي عام 638 سمح الخليفة الإسلامي عمر بن الخطاب لليهود بالسكن في القدس.
وأكد "أرسلان طاش" أنه وخلال الحملات الصليبية لم يُسمح لليهود بالعيش في القدس، ولم يتمكن اليهود من دخول القدس مدة 88 عام، منوهاً إلى أن اليهود "لم يجدوا فرصة للعيش في المدينة، حتى تحريرها من قبل المسلمين وفرض سيطرتهم عليها بعد عام 1187"، مشدداً على أن القدس بقيت تحت حكم الإسلام من 638 إلى 1917، باستثناء الفترة الممتدة بين 1099 – 1187 (88 عام).
وحول المدة التي بقيت فيها القدس تحت الحكم التركي، قال "أرسلان طاش" إن القدس بقيت تحت الحكم التركي مدة 744 عام، وذلك منذ عهد العباسيين الذين استمرت سيطرتهم عليها مدة 55 عاما، وتحت حكم السلاجقة مدة 25 عام، والمماليك 263 عام، ثم الحكم العثماني مدة 401 عاما.
وحول الهوية الدينية للقدس قال الأكاديمي التركي بالقول إن القدس التي تحظى بقدسية لدى الأديان السماوية الثلاثة لم يعلنها المسلمون عاصمة لهم. لأن نهجهم واحترامهم للأديان الأخرى يتطلب ذلك. ووجود عبارة "لا إله إلا الله إبراهيم خليل الله" على باب الخليل بالقدس يثبت ذلك.
ونوه إلى أن المسلمين عملوا خلال حكمهم للقدس على إبقاء أبواب القدس مفتوحة أمام أتباع الأديان السماوية الثلاث. ولم يمنعوا أتباع الأديان الأخرى من ممارسة الحج في القدس، لافتاً إلى أن المسلمين هدفوا من ذلك، للتركيز على الهوية الدينية للقدس، ولم يستغلوا المدينة لأغراض سياسية.
واختتم "أرسلان طاش" بالقول: "صحيح أن القرآن لم يذكر القدس، لكن التوراة أيضا لم تذكر القدس. كما أن القدس غير موجودة في أحاديث النبي موسى عليه السلام"، مشيراً إلى أنه عقب نفي اليهود، بدؤوا بالتحدث في آدابهم عن الشوق للقدس في الكتب التي ألفوها بعد التوراة، لكن هذه الآداب ليست نصوصا دينية، بل نصوص تاريخية. ولا يوجد أي تركيز على قدسية المدينة في كلام النبي موسى عليه السلام.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!