ترك برس
قال صحفي إريتري إنه منذ حلول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ضيفا على الخرطوم، نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، كأول رئيس تركي يزور السودان، والمنطقة تشهد تفاعلا على كل المستويات، السياسية منها والعسكرية، آخرها تحريك السودان الآلاف من جيشه تجاه الحدود الإريترية السودانية، وإعلانه إغلاق المعابر مع دولة إريتريا.
وتمت زيارة الرئيس التركي للسودان في الرابع والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وقع خلالها عددا من الاتفاقيات مع نظيره السوداني، الرئيس عمر البشير، أهمها اتفاقية إنشاء مجلس للتعاون الإستراتيجي، واتفاقية تطوير تركيا جزيرة وميناء سواكن التاريخي على البحر الأحمر، حسب المعلن.
ورأى الصحفي "عمر زرآي"، في مقال تحليلي بصحيفة "عربي21"، أن الزيارة في ظاهرها عادية لبلدين تجمعهما الكثير من الأواصر، وكان قد سبقت الزيارة تلبية الرئيس السوداني دعوة الرئيس التركي لحضور قمة منظمة التعاون الإسلامي المتعلقة بالقدس.
كما أن الرئيس التركي قام بزيارات مماثلة لعدد من الدول في المنطقة، لكن الزيارة أخذت حيزاً كبيراً من الإهتمام في الإعلام المصري، والدول التي تحاصر دولة قطر بصفة عامة.
وتابع الصحفي مقاله: صبّ إعلام دول الحصار غضبه على السودان، البلد الذي يعتبر أحد أركان التحالف العربي الذي يحارب في اليمن، كما أن ردة الفعل السياسي الرسمي كان سريعا في بعض دول المنطقة.
في اليوم التالي للزيارة، قام وزير الخارجية المصري بزيارة مثيرة لإثيوبيا، للتباحث حول سد النهضة الذي كان قد وقع الطرفان اتفاقية ثلاثية بخصوصه، بمشاركة السودان.
الزيارة ربما كان مرتبا لها من قبل، لكن المثير في الزيارة ما سرب عن طلب الجانب المصري بإبعاد السودان من الاتفاقية، ورفض الجانب الإثيوبي ذلك، بحسب المصادر التي نقلت الخبر.
وذلك يعني أن مصر على المستوى الرسمي، بعد زيارة الرئيس التركي، بدأت التصعيد ضد السودان، وتجاوزت مرحلة الشك والريبة، لذلك تسعى لتحجيم دوره ومحاصرته، مما دفع السودان لاستدعاء سفيره في القاهرة.
أما الجانب الإماراتي، فقد استدعى رئيس دولة إريتريا أسياس أفورقي، حيث جاءت زيارة الرئيس الإريتري التي لم يعلن عنها من قبل؛ لدولة الإمارات، بدعوة من الشيخ محمد بن زايد، بحث خلالها سبل التعاون والتطورات الإقليمية.
كما سبقت الزيارة تسريبات عن لقاءات عسكرية مصرية إماراتية في إريتريا، بمشاركة حركات سودانية متمردة.
شهدت المنطقة حراكا عسكريا في ثلاثة محاور، بعد زيارة الرئيس التركي للسودان، هي إريتريا وإثيوبيا والسودان، حيث نقلت وكالات الأخبار تعزيزات عسكرية إريترية، بمشاركة مصرية، في غرب إريتريا، بالقرب من الحدود السودانية.
بادرت إريتريا لنفي تلك الأخبار عبر صحيفتها اليتيمة، كما ذكرت تقارير إخبارية عن تحركات عسكرية إثيوبية على المثلث الحدودي بين السودان وإريتريا، لكن الحراك العسكري المشهود كان تحرك أعداد كبيرة من الجيش السوداني تجاه ولاية كسلا السودانية، على الحدود الإريترية التي شهدت اعتقال أفراد لهم علاقة بالنظام الإريتري، مما يفتح التساؤلات عن أسباب هذا التحرك ودواعيه.
الاصطفاف الذي تشهده المنطقة، منذ بداية حصار دولة قطر في حزيران/ يونيو الماضي، يخيم على كل التحركات من الدول ذات العلاقة الطيبة مع دولة قطر في المنطقة.
فالزيارة لم تكن مثيرة للجدل؛ بقدر ما أثار إعلان الرئيس التركي موافقة السودان على التواجد التركي في جزيرة سواكن، بهدف ترميم آثارها العثمانية، وتطوير ميناء المدينة وجعله موقعا لبناء وصيانة السفن المدنية والعسكرية، وذلك لعلم دول المنطقة حساسية الأتراك مع مصطلح القاعدة العسكرية.
فقد أطلق الأتراك اسم "الأكاديمية العسكرية" على قاعدتهم في الصومال لفترة طويلة، تفاديا لتسميتها بالقاعدة العسكرية، وهو ما يكرره الأتراك مع سواكن، بدليل أن هناك ملحقا للاتفاقية لم يتحدث عنه الطرفان حتى هذه اللحظة، وتواجد وزير الدفاع التركي ضمن الوفد الزائر، واجتماع رؤساء الأركان في السودان وتركيا وقطر، على هامش زيارة الرئيس التركي للسودان.
التواجد التركي على البحر الأحمر يشكل تحديا لكل دول الحصار التي أزعجها التواجد التركي في قطر، وطالبت بإغلاق القاعدة التركية في قطر، وهو ما تكرر مع القاعدة التركية في الصومال بطريقة غير مباشرة، حيث مارست الإمارات ضغوطها على الصومال بطرق شتى للانفكاك من تركيا.
ولعل آخر هذه المحاولات قضية ملايين الدولارات الإماراتية لتقويض الحكومة الصومالية، والتي ضبطتها الحكومة الصومالية مع برلماني صومالي، وتشغل الشارع الصومالي حاليا.
لم يكن أمام دول الحصار إلا اللجوء لإريتريا لتهديد السودان والضغط عليه شرقا، لمعاقبته على انحيازه غير المعلن لمحور قطر، ومنحه موطأ قدم في البحر الأحمر لدولة غير مرغوب فيها؛ ليكون لها تواجد عسكري على مرمى حجر من الشواطئ المصرية والسعودية.
كما أن مصر تتهم السودان بشكل مباشر بانحيازه لإثيوبيا في قضية سد النهضة، ولم تتوقف على الاتهام، بل حاولت تأديبه من خلال الدعم المباشر للحركات المسلحة في غرب السودان، وهو ما تحاول تكراره عبر إريتريا، إن صحت أخبار اجتماعات العسكريين المصريين والإماراتيين والإريتريين، بحضور قيادات في حركات سودانية مسلحة.
يبدو أن النظام الإريتري سيظل شوكة في حلق الحكومة السودانية، يهددها ويجعلها تستنفر جيشها كلما وجد من يدعم تحركه أو يستخدمه لزعزعة أمن واستقرار دول المنطقة. أما التحركات الإثيوبية، فلعلها من باب الحيطة أو مناورة دعم لحليفها السوداني، حيث لم يعد النظام الإريتري يشكل تهديداً عسكريا مباشراً لها.
كما أن إثيوبيا تسعى لسحب بساط الحركات المعارضة من تحت النظام الإريتري، بإطلاقها سراح كل المعتقلين السياسيين، وطرحها مبادرة الحوار المجتمعي. أما مصر المتحالفة مع إريتريا، فهي أعجز من أن تستهدف سد النهضة انطلاقا من إريتريا، مهما كانت المبررات؛ لأن ذلك يعتبر مواجهة مفتوحة مع إثيوبيا والسودان الذي عبر رئيسه في أكثر من مرة؛ عن أن الأمن الإثيوبي من أمن السودان، في رسالة واضحة للقاهرة.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!