ترك برس
أعلن التحالف الدولي لمحاربة "داعش" بقيادة الولايات المتحدة، عن تشكيل "قوة حماية حدودية" يبلغ تعدادها 30 ألف عنصر، 15 ألفًا منها من قوات "بي كي كي/ي ب ك" المنضوية تحت ما يسمّى بـ "قوات سوريا الديمقراطية." وستنشط هذه القوة التي تُسمّى بـ "جيش الشمال"، في المناطق الخاضعة لسيطرة "ي ب ك" شمالي سوريا، بموازاة الحدود التركية والعراقية.
قابلت تركيا هذه الخطوة بالانتقاد والاستنكار الشديدين، معتبرة الخطوة الأمريكية هذه بمثابة طعنة من الظهر لشريك استراتيجي لها، وإظهار أهدافها الحقيقية من إرسال شحنات من الأسلحة عبر الطائرات والشاحنات الكبيرة، والمتمثلة في تحويل تنظيم "ي ب ك" إلى دولة وجيش رسمي، لا كما تزعم واشنطن بأن هذه الأسلحة تقدم للتنظيم المذكور لاستخدامها في محاربة "داعش".
تزامن الانتقاد التركي ضد واشنطن في هذا الخصوص، مع استدعاء الخارجية التركية، القائم بأعمال السفارة الأمريكية في أنقرة وتسليمه مذكرة احتجاج، إضافة إلى تكثيف تركيا تعزيزاتها العسكرية المرسلة إلى وحداتها المتمركزة على حدودها مع سوريا، في خطوة اعتبرت أنها تحضيرات لشن عملية عسكرية على عفرين الخاضعة لسيطرة "ي ب ك" الامتداد السوري لمنظمة "بي كي كي" الإرهابية.
وفي هذا الإطار يقول برهان الدين ضوران الاستراتيجي التركي ومدير وقف الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا"، إن واشنطن وبخطوتها الأخيرة هذه، انتقلت إلى مرحلة جديدة في سياستها المتعلقة بدعم تنظيم "ي ب ك" الإرهابي. معتبراً أن مقاربة "ماكغورك" التي تصدرت سياسة عهد أوباما المتعلقة بمحاربة "داعش"، تموضعت في مركز سياسة ترامب المتعلقة بسوريا فيما بعد مرحلة "داعش".
وفي مقال نُشر له في صحيفة "صباح التركية"، واعتبر الكاتب الصحفي أن تعاون الولايات المتحدة مع تنظيم "ي ب ك" لم يكن بموجب "التكتيك" كما يزعم المسؤولون الأمريكان، بل خيار "استراتيجي". خاصة وأن دافيد ساترفيلد نائب وزير الخارجية الأمريكي، أعلن خلال كلمة له لدى مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، أن تواجد بلاده في سوريا تواجد "دائم".
ورأى الخبير التركي أن الهدف الأساسي لإدراة ترامب من التواجد الأمريكي في سوريا، هو استمرار تأثيرها بشكل قوي في المعادلة عبر حماية قواعدها العسكرية هناك. مبيناً أنه عند الوضع بعين الاعتبار تصريحات "ساترفيلد" حول اعتبارهم مباحثات سوتشي غير مشروعة، يتبيّن أن واشنطن ليست راضية وغير ممتنة من الوجهة التي تتجه إليها سوريا على يد الاتفاق الروسي – التركي – الإيراني. بل تريد تشكيل خريطة جديدة لسوريا على يد عميلها تنظيم "ي ب ك"، على حد قوله.
وبحسب "ضوران" فإن الهدف الثاني لواشنطن من تواجدها في سوريا، هو تحويل تواجد "ي ب ك" هناك إلى منطقة حكم ذاتي لحماية نفسها، وبالأخص في شرقي نهر الفرات كي تضع حداً للنفوذ الإيراني في سوريا. أما الهدف الثالث، فهو الرغبة في كبح جماح تركيا من خلال "بي كي كي- ب ي د".
ويضيف الخبير التركي أن أصحاب القرار والرأي العام في تركيا باتوا مقتنعين تماماً بمحاولة واشنطن تحقيق هدفها الأخير هذا، وذلك على الرغم من نفي المسؤولين الأمريكان وجود هدف كهذا. موضحاً بأن تركيا ترى بأن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تحويل التنظيم الإرهابي إلى "دولة"، الأمر الذي تعتبره أنقرة خطوة عدائية.
ويرى "ضوران" أن الإصرار الأمريكي على دعم التنظيمات الإرهابية المعادية لتركيا في سوريا، سيؤدي إلى انتشار العداء الأمريكي في المجتمع التركي بحيث لن تستطيع حتى حكومة العدالة والتنمية، السيطرة على هذا العداء، ومن أبرز مظاهر ذلك دعوة زعيم حزب الحركة القومية دولت باهتشلي، إلى "التعاون مع إيران" بسبب انقطاع الآمال من الحليف الاستراتيجي التقليدي لتركيا.
ووفقاً للكاتب تحاول الولايات المتحدة إقناع تركيا بتغيير سياساتها المتعلقة بتنظيم "بي كي كي/ ي ب ك"، عبر مطالبتها بتقبّل قوات سوريا الديمقراطية في شمالي سوريا، والتي تشكل عناصر "ي ب ك" النسبة الأكبر منها، طوال المدة التي لا تعتدي فيها على تركيا، كما هو الحال مع إقليم شمالي العراق. مبيناً أن الخطوة الأمريكية حول "تأسيس مجالس محلية" في مناطق سيطرة "ي ب ك"، تعتبر حملة لإجبار روسيا على ضم هذه المنظمات الإرهابية لمباحثات أستانة – سوتشي.
ويختتم الخبير التركي بذكر ثلاث خيارات تملكها تركيا للتعامل مع المرحلة الجديدة المتعلقة بتنظيم "ي ب ك" في الشمال السوري، وهي بحسب "ضوران":
1- الاستمرار في الإصرار على تطهير ممر "ي ب ك" الإرهابي "حتى الحدود العراقية". والبحث عن طرق التدخل على المدى القصير، في مناطق سيطرة "ي ب ك" وعلى رأسها عفرين ومنبج.
2- التسبب بحالة من الفوضى واللاستقرار في مناطق سيطرة "ي ب ك" والمحمية من قبل الولايات المتحدة. بدءاً من استنفار العشائر وقوى الجيش السوري الحر وحتى استهداف قيادات "ي ب ك"... كما يجب التحضير لإفشال سياسة واشنطن في خلق توافق وتصالح بين السنة وتنظيم "ي ب ك"، وخوض حرب استنزاف على المدى الطويل.
3- السماح بوجود "ي ب ك" دون الوصول إلى مرحلة الاعتداء على تركيا ودون تقبّل شرعيتها، معتبراً أن الرأي العام التركي لن يتقبّل الخيار الثالث. وأن الخيارات الأخرى يجب تنفيذها بأقرب وقت ممكن.
هل أعجبك الموضوع؟ شاركه مع أصدقائك!